ظهر بجلاء خلال الأسابيع الأخيرة ما يعتري الجيش الإسرائيلي من عوامل تساعد على إضعافه، والنيل منه في مستويات عدة، هذه العوامل ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لسنوات طويلة، وعوامل ذاتية وخارجية، بحيث أن ما ظهر للعلن، وكان يخفيه الاحتلال عن الأنظار، ولا يظهر للعام، وحاول قادة الاحتلال على مدى سنوات طويلة إخفاء ذلك الذي بدأ حقيقة مع بداية عام 2000، واندلاع انتفاضة الأقصى، وقبلها الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، وكذلك الانسحاب من قطاع غزة عام 2005، وما ناله من إخفاقات وهزائم لحقت بالجيش الإسرائيلي على مدار المواجهات والحروب التي خاضها مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وما رافق ذلك من تأثير على الجوانب الذاتية في تركيبة الجيش الإسرائيلي، وغياب الدافعية القتالية.
وصولًا إلى الواقع الحالي الذي يطرح تساؤلات داخلية إسرائيلية كثيرة، حول قدرات الجيش الإسرائيلي بشكل مباش، والعوامل التي تؤدي إلى تفكك كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ظهر بوضوح من خلال ما تسمى التعديلات القضائية، لكنها مجرد واجهة لما كان يعتري الجيش الإسرائيلي من عوامل تفكك وانهيار، وأن هذه العوامل التي تأخذ شكلًا ظاهرًا يرتبط بموقف ضباط الاحتياط الإسرائيليين من التعديلات القضائية، من خلال رفض الخدمة العسكرية الاختيارية للطيارين الإسرائيليين، واتساع دائرة رفض التعديلات القضائية، ورفض الخدمة للقطاعات أخرى.
اقرأ أيضًا: ماذا يخبئون للجيش الإسرائيلي من مفاجآت؟
اقرأ أيضًا: لماذا تخشى (إسرائيل) مواجهة متعددة الساحات؟
هذا الأمر قد لا يرتبط بطرح هذه التغيرات فقط، بل له علاقة بعدم وجود بيئة مساعدة داخل الجيش الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، لتشجيع هؤلاء الطيارين للخدمة في الجيش الإسرائيلي نتيجة غياب القدوة العسكرية الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة، وهزيمة الجيش الإسرائيلي في مراحل مختلفة، كما ظهر انهيار نظريات أمنية عمل عليها الجيش الإسرائيلي سنوات طويلة، منها مثلًا ما يتعلق بالجنود الإسرائيليين في غزة، الذين تخلى عنهم الجيش الإسرائيلي وقادته ومن انتقل منهم للعمل السياسي، ويشارك اليوم في دعم التعديلات القضائية، وهي ضرورة إعادة الأبناء إلى البيت، وكذلك عدم وجود قيادة إسرائيلية شجاعة قادرة على إبرام صفقة للأسرى مع المقاومة الفلسطينية في غزة، وإعادة الجنود المفقودين للبيت، ودفع ثمن ذلك، ما أثر على الدافعية القتالية عند الجنود، وخشيتهم أن يلقوا أحد المصيرين، وشاهدنا صراخ الجنود الذين قُذف بهم ليواجهوا مصيرهم بعد الحرب على غزة، ما ساهم في مزيد من حالات الانتحار لدي الجيش الإسرائيلي، عوضًا عن حالات الاغتصاب والسرقة التي يقوم بها الجنود والضباط.
كل هذه العوامل التي ساهمت في النيل من قوة جيش الاحتلال، بفعل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
ضعف الجيش والمس بمكانته في داخل الكيان، عنصر أساسي لضعف الكيان وهشاشته، وصولاً لانهياره، وهذا أمر أصبح ممكنًا، مع تراكم عوامل الضعف والتراجع.