فلسطين أون لاين

عائلة زهران تتربص قصاصة أمل عن ابنها "عساف"

...
الأسير عساف زهران
طولكرم/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

يشعر فواز زهران بالقلق الشديد على حال شقيقه "عساف" بعدما انقطعت أخباره عنهم في إثر إصابته بجلطة قلبية، وإيداعه المشفى من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولأنّ العائلة قاست الأمريْن مع الإهمال الطبي الذي يتعرض له ابنها منذ اعتقاله عام 2005م فإن الخشية على حياته تسيطر عليهم.

زهران (27 عاماً) محكوم بالسجن المؤبد خمس مرات واثنين وعشرين عاماً ونصف العام، قضى ما يقارب ثلثي عمره في زنازين الاحتلال، إذ اعتقل تسع سنوات على فترات متقطعة قبيل اعتقاله الأخير، الذي قضى منه حتى الآن ثمانية عشر عاماً.

ومنذ تلك اللحظة وهو يصارع الإهمال الطبي إذ اعتقل مصاباً برصاصة أطلقها عليه جيش الاحتلال من طائرة قتالية، اخترقت صدره وخرجت من ظهره، قضى على أثرها عاماً كاملاً في المشفى دون أنْ يتعافى كليًّا حتى أودعه الاحتلال الزنازين.

تعرض "عساف" لتحقيق قاسٍ فاقم وضعه الصحي، ورفض تقديم العلاج له من مضاعفات الطلق الناري التي لا تزال تنهكه حتى اليوم.

شيئاً فشيئاً داهمت الأمراض جسد "عساف" إذ أصيب بمرضي ضغط الدم والسكري المزمنين، ما يضطره لأخذ خمس جرعات من الأنسولين يوميًّا، وفي أثناء ذهابه لأخذ جرعة الأنسولين في 30 يوليو/ تموز الماضي أصيب بحالة إغماء تبعتها جلطة قلبية.

ويضيف فواز: "هذه المعلومات عرفناها من خلال الأسرى المحيطين به، ومنذ تلك اللحظة وأنا أجول في أروقة المؤسسات الحقوقية لأطمئن عليه دون جدوى، كل ما نعرفه أنه نزيل في قسم القلب في مستشفى سوروكا".

السجل المرضي

ومنذ عشر سنوات خلت و"فواز" يحاول الوصول إلى السجل المرضي لشقيقه دون جدوى، "أريد أن أعرف الأمراض التي أصيب بها، والأدوية التي يتناولها، لكن الاحتلال يرفض تسليم ملفه الطبي للصليب الأحمر، وهو ما يجعلنا نخشى كثيراً على حياته".

يقول فواز: "اجتمع على أخي عساف الإهمال الطبي والعزل الانفرادي، حبة "الأكامول" هي علاج كل الأمراض بالنسبة لإدارة السجون، والعزل المتكرر زاد وضعه الصحي سوءاً. لا نعرف عن وضعه سوى ما يسربه لنا الأسرى المجاورون له في الزنزانة مع ذويهم، لا يحب أن يزعجنا بآلامه، كما أنه لا يعلم كل شيء عن وضعه الصحي، فلا يطلعه الاحتلال على كل التفاصيل".

حتى الزيارات لـ"عساف" نادرة، فالعائلة جميعها مرفوضة أمنيًّا ويُسمح لواحدٍ فقط بينما يمنع الآخرين من الزيارة، "فنحن أشقاؤه الأربعة أسرى محررون، كما أن عساف مصنف أسير خطر من الدرجة الأولى كونه استطاع تجنيد أحد اليهود المتدينين، ليكون يده اليمنى في تنفيذ عملية فدائية في نتانيا، أدت لمقتل ستة مستوطنين وإصابة آخرين".

ويتابع: "يتعمد الاحتلال الضغط على عساف بمنعنا من زيارته، وإذا سمحوا لأحدنا بالزيارة فإنهم يمنعون الآخرين، وحتى مَنْ يمنح تصريحاً بالزيارة فقد يُفاجأ عند باب السجن بمنعه من الدخول، حتى توفي الوالد كمداً وقهراً من هذه السياسة الظالمة".

كان والد عساف في مرحلة متقدمة من المرض، حينما سمح له الاحتلال بزيارة ابنه عبر سيارة إسعاف في عام 2020م، "تجشم والدي عناء الزيارة، وحين وصل باب المعتقل لم يسمحوا له بالدخول، عاد للمنزل حزينًا مقهوراً، وتوالت عليه الجلطات حتى توفي خلال شهر من تلك الحادثة".

في معتقل واحد

ويمضي فواز بالقول: "نصل باب المعتقل فيعيدوننا طالبين منا أن نحضر إثباتات بأننا أشقاؤه! يمارس الاحتلال سياسة ضغط نفسي وتعجيز بحق أخي الذي ما زال متأثراً نفسيًّا لوفاة والدي قهراً".

ولم يعش "فواز" فترة أجمل من تلك التي جمعته بشقيقه "عساف" زنزانة واحدة: "اعتقل شقيقي وأنا لم أكن قد أتممتُ الشهر من العمر، قضيتُ عامين ونصف من فترة اعتقالي معه في زنزانة واحدة، وكان معنا أيضاً شقيقي الثالث شاهين مدة عام".

ورغم صعوبة المعتقل وسياسة الاحتلال التعسفية إلا أن فواز يعد تلك الأيام "أجمل أيام حياته" حينما استطاع أن يعيش برفقة شقيقه الذي حُرم من العيش معه في بيتٍ واحد، "كان حراس السجن يقولون لنا لم يتبقَ لكم يا عائلة زهران إلا أن تحضروا والدكم للمعتقل، متهكماً على اجتماع ثلاثتنا في زنزانة واحدة".

قرار الاحتلال الإفراج عن "فواز" لم يكن مفرحاً لاضطراره ترك شقيقه رهن السجن والمرض في محكومية عالية لا يعلم أحدٌ متى يمكن أن تنتهي، "في الخارج أنا أرهن وقتي فقط لمتابعة قضية عساف الذي كان وصية أبي وأمي بأنْ لا نتركه وحيداً مهما كانت ظروف الحياة حولنا".