بطريقة مهينة، تعكس الإرباك الذي تعيشه السلطة وقياداتها في رام الله، جاءت خطوة رئيس السلطة محمود عباس الجماعية لإقالة 12 محافظًا دون إخبارهم بالقرار أو حتى الرجوع إليهم قبل عزلهم من مناصبهم، أو عرض أسباب الإقالة على الرأي العام.
وأحدث قرار عباس حالة من الغضب بين صفوف المحافظين المقالين تجاه قيادة السلطة، لكونهم عرفوا بالقرار من وسائل الإعلام المحلية، وهو ما أحدث لهم حالة من الحرج أمام الشارع.
ويعكس قرار الإقالة الجماعية للمحافظين وجود خلافات كبيرة داخل السلطة بشأن أدائهم، خاصة مع تصاعد المقاومة في شمال الضفة الغربية المحتلة، وزيادة السخط الشعبي على عباس وسياساته.
وبحسب القانون الفلسطيني فإن المحافظ "هو أعلى سلطة تنفيذية ورئيس الإدارة العامة في محافظته"، ويعمل على "الحفاظ على الأمن العام والأخلاق والنظام والآداب والصحة العامة وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين".
اقرأ أيضاً: عباس يحيل معظم محافظي الضفة وغزة للتقاعد
والخميس أصدر عباس، مرسومًا رئاسيًّا أحال بموجبه 12 محافظًا، 8 في الضفة الغربية و4 في قطاع غزة، إلى التقاعد، وأعلن عن تشكيل لجنة رئاسية من ذوي الاختصاص لتعيين محافظين جدد.
وعزل عباس في المحافظات شمالي الضفة، كلًا من محافظ جنين أكرم الرجوب، ومحافظ نابلس إبراهيم رمضان، ومحافظ قلقيلية رافع رواجبة، ومحافظ طولكرم عصام أبو بكر، ومحافظ بيت لحم كامل حميد، ومحافظ الخليل اللواء جبرين البكري، ومحافظ طوباس يونس العاصي، ومحافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل.
وكما عزل من قطاع غزة كلًا من محافظ شمال غزة صلاح أبو وردة، ومحافظ غزة إبراهيم أبو النجا، ومحافظ خان يونس أحمد الشيبي، ومحافظ رفح أحمد نصر.
بدوره، عدَّ القيادي في التيار الإصلاحي الديمقراطي في حركة فتح عماد محسن، قرار عباس إقالة المحافظين بشكل جماعي "قرارًا يعكس مبدأ الديكتاتورية وسيطرة الشخص الواحد على السلطة".
وقال محسن في حديثه لصحيفة "فلسطين": إن قرارات الإقالة المفاجئة تؤكد عدم وجود أحد في النظام الفلسطيني أو الشارع حتى، يعرف كيف ينصب المسؤول أو المحافظ في منصب عام، ولا أحد يعرف أيضًا كيف يعفى وما هي المعايير التي بموجبها يتم الإعفاء.
وأوضح أن إقالة المحافظين وتعيينهم من قيادة السلطة تخضع للمزاجية والحسابات الضيقة، وليس وفقًا لمصلحة الجمهور أو الشارع الفلسطيني، أو الرجوع لمعيار الكفاءة بل إلى درجة الولاء لعباس، مشيرًا إلى أن قرار عباس لا يوجد له أي علاقة بتجديد شرعيات، لكون ذلك يتم عبر بوابة الانتخابات التي يعطّلها.
ولفت إلى أن الإقالات الجماعية للمحافظين لا تهدف لاستعادة السلطة لشعبيتها بتعيين محافظين جدد، لكون السلطة غير مهتمة بالحاضنة الشعبية والرأي العام الفلسطيني أصلًا.
ويرى عضو التجمع الوطني الديمقراطي عمر عساف أن قرار إقالة المحافظين طريقة تعكس غياب عمل المؤسسات داخل السلطة، ومدى التخبط الذي تعانيه، وتحديدًا فريق عباس.
ويقول عساف في حديثه لـ"فلسطين": الأمر الطبيعي هو انتهاء عمل المحافظين لأنهم كبار في السن وأحيلوا إلى التقاعد، لكن هناك استحقاقات ما من وراء الإقالات الجماعية، خاصة بعد اجتماعات شرم الشيخ والعقبة.
ويضيف: حاجة السلطة أن يكون هناك محافظون يتمتَّعون بشعبية في أوساط المحافظات، وأن يستطيعوا تحقيق التفاف أوساط الجماهير حول سياساتها، لكن المحافظين المحالين للتقاعد لم ينجحوا في ذلك، لذا المرحلة القادمة تتطلب محافظين تنطبق عليهم تلك الشروط.
ويوضح أن المحافظين المقالين معزولون عن الأوساط الشعبية، وغالبيتهم غير محبوبين لدى أبناء مدنهم، لذلك يريد عباس استبدالهم بمحافظين لديهم قبول شعبي، ويكونوا قادرين على تنفيذ ما يطلب منهم.