تمر الضفة الغربية بمرحلة خطيرة جدًّا، ويمكن القول إنها مرحلة السُعار الاستيطاني الذي تشنه حكومة المستوطنين اليهودية المتطرفة برئاسة نتنياهو، الذي يسابق الزمن لفرض وقائع استيطانية يضمن من خلالها السيطرة على الضفة الغربية، وأن الائتلاف الحكومي الحالي هو الفرصة التاريخية المناسبة لتحقيق ما يسعى له وجماعته من المستوطنين على مدار عشرات السنوات بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية، وأنها لصالح المستوطنات بحيث لم يعد السؤال يطرح عن عدد حجم المستوطنين، بل أصبح التساؤل يطرح عما تبقى للفلسطينيين في الضفة الغربية.
الاستيطان لا يتوقف عند الاستيلاء ومصادرة الأراضي، بل يتبع ذلك إقامة طرق التفافية، ومرافق لخدمة المستوطنين على أراضٍ إستراتيجية في الضفة الغربية، يضمن من خلالها السيطرة على الموارد المائية والطبيعية والسياحية، ويحول حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى جحيم لا يطاق، بل أكثر من ذلك بتنفيذ العمليات الإرهابية التي تستهدف الفلسطينيين، كما حدث خلال الأسبوع الماضي من عملياتي إطلاق وقتل للشباب الفلسطينيين برصاص المستوطنين، ويعيث هؤلاء المستوطنون القتل وممارساتهم الإرهابية، بحماية ودعم من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوده في الضفة الغربية المتطرف سموتورتيش، الذي يدعو إلى قتل الفلسطينيين وترحيلهم، ويرى أن هذا العام فرصته التاريخية لتنفيذ أحلامه المريضة، التي تستهدف الفلسطينيين.
الغول الاستيطاني في الضفة الغربية هو نتاج طبيعي لسنوات التنسيق الأمني التي جاءت بعد اتفاقيات أوسلو، والتي استغلها الاحتلال لصالحه، من خلال توسيع الاستيطان، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، وتحويلها إلى خدمة مصالحه في الضفة الغربية لخدمة المستوطنين وجيش الاحتلال، وتوفير الحماية لهم.
وفي نفس الوقت تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم، وخاصة المزارعين الذين حرموا من زراعة أراضيهم بسبب الجدار العنصري الفاصل، أو منعهم من الوصول إلى أراضيهم ومزروعاتهم في كثير من المناطق، مثل: الأغوار، ومسافر يطا، وسلفيت، وغيرها.
التحرك الفلسطيني لمواجهة المستوطنين يجب أن يتم في ثلاثة اتجاهات رئيسة:
الأول- تفعيل المقاومة بجميع أشكالها، وفي مقدمتها المقاومة المسلحة القادرة على قطع يد المستوطنين عن شوارع الضفة الغربية، ومنعهم من الاعتداء على الفلسطينيين، وتحويل حياة المستوطنين في الضفة الغربية إلى جحيم، يجبرهم فيه على عدم الوصول إلى المستوطنات أو الإقامة فيها، وهذا أثبت جدارته في أكثر من مرحلة.
المسار الثاني- هو المسار الشعبي بدعم المزارعين والمواطنين الفلسطينيين الذين يواجهون المستوطنين في الضفة الغربية، وإعادة إحياء المسيرات الشعبية المناهضة للاستيطان، على الرغم من بساطة أدواتها، لكنها تساعد في حشد المجتمع الدولي لفضح ممارسات المستوطنين، كما يحدث في بيت أم الصفا، وفي ترمسعيا، وغيرها.
المسار الثالث- وهو المسار المرتبط بالتحرك الدولي لملاحقة المستوطنين الذين ينفذون القتل والإرهاب في الضفة الغربية، وحكومتهم المتطرفة التي تقدم المساعدة لهم، ويقع على عاتق السلطة الفلسطينية ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي ليصبح الملف الرئيس في مواجهة المستوطنين والحد من جرائمهم في الضفة الغربية.
التحرك الفلسطيني في المسارات المختلفة يساهم بشكل واضح في الحد من انتشار الاستيطان، وفي نفس الوقت تعزيز المواطن الفلسطيني وحضوره بالضفة الغربية في مواجهة الاستيطان، وإطلاق يد المقاومة لمواجهة المستوطنين في الضفة الغربية، والسماح بالمسيرات والوقفات الشعبية التي تفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلية.