الدراسة في الكلية الإبراهيمية في القدس عام 1985م، فتحت لـ"مجدي العايدي" بوابة الترحال في علم الأنساب، حينما بدأ بكتابة عمود "خاطرة من بلادي" في مجلة البيادر الفلسطينية.
أنهى العايدي الذي ولد في مخيم النصيرات عام 1967م، دراسته الجامعية وعاد إلى قطاع غزة ليؤسس شركة لاستيراد المواد الإنشائية، يديرها جنبًا إلى جنب مع سعيه وراء حلمه في التنقيب عن أصول قبيلته والعائلات الفلسطينية في كل أصقاع الأرض، كما يخبر.
في عام 2011، أصدر العايدي كاتبه الأول "الرحالة"، والذي يحكي فيه عن حياة أجداده من قبيلة العايدي، ولأجل اكتماله سافر إلى مصر، والأردن، والسعودية وبعض مناطق فلسطين، كل ذلك بدعم من والده الذي يقول: إنه "مفتاح" رحلته مع علم الأنساب.
في مدة من الزمن انشغل العايدي في تجارته مع والده وإخوته، تعرض خلالها لهزة قوية جعلته يخسر تجارته، فاعتزل الحياة لبعض الوقت؛ كي يستطيع أن يلملم نفسه ويواجه الأزمات المالية التي تحاصره.
اقرأ أيضًا: الشريف يوثق جذور العائلات الفلسطينية وفقًا للسجلات العثمانية
جملة واحدة كانت كفيلة بأن تدفعه للعودة إلى شغفه في البحث عن أصول الفلسطينيين، قالها له أحد الأكاديميين: "الثقافة تثري العقول، والمال يثري الجيوب، فالعقول باقية، والجيوب فارغة، واختر ما هو باقٍ"، مشيراً إلى أن هذه الجملة دفعته للبحث عمّا هو باقٍ وطنيًّا وتاريخيًّا وإنسانيًّا.
محطات لجمع الأنساب
يقول العايدي لـ"فلسطين": "والدي كان الداعم الأول لي، كان يساعدني في تمويل مصاريف سفري، وبفضله زرت عمي المُعمر الذي يقيم في الأردن، ووصل عمره في حينه إلى 114 عامًا، أمدني بمعلومات وآليات عمل للحصول على أصول قبيلة العايدي والمتوزعة في العديد من الدول العربية".
ويتابع: "يتضمن كتاب رحالة قصة حياة أجدادي، وبعض العائلات والقبائل الفلسطينية، أما الكتاب الثاني (بنو عايد سير الأجداد) فيتحدث عن قبيلة العايدي وعلاقتها بالقبائل العربية في هذا الزمن".
بعد كتابه الثاني، تفرغ العايدي لجمع معلومات عن العائلات الفلسطينية، فتنقل بدعم من والده أيضاً ما بين طبريا ونابلس وجنين وبئر السبع ويافا وحيفا ورأس الناقورة، ليجمع ما تحصل عليه من معلومات في كتابه الثالث: "رحالة من بلادي من الحضر والبوادي".
ينبه على أن محطة أسفاره توقفت ثماني سنوات بسبب تعرضه لجلطة قلبية كادت أن تودي بحياته بعد وفاة والده، بالإضافة إلى الأزمات المادية، ومنعه من السفر إلى الأراضي المحتلة عام 1984 من الاحتلال الإسرائيلي.
خلال هذه السنوات لم يتوقف العايدي، فاستكمل مسيرته التعليمية وحصل على درجة ماجستير من الجامعة الإسلامية العالمية في مصر، بالإضافة إلى حصوله على دورة "جمع النسب والأنساب لتحقيق والتدوين"، وكان أول فلسطيني يحصل على عضوية اللجنة العلمية لمجلس العلم العالمي، وبذلك يعد محققًا في الأنساب، وهي معتمدة من جامعة الدول العربية.
اقرأ أيضًا: ذاكرة تاريخية أنهكها الإهمال تحت "مبضع الترميم" بأيدي شابات في غزة
أصبح لدى العايدي حصيلة معرفية واسعة، والعديد من المخطوطات، والأوراق التي تظهر جذور العائلات الفلسطينية، فقرر أن يجمعها في موسوعة "جذور الأعزة في بلاد غزة" وأصدرها في أبريل 2020م، تضم 500 آلاف عائلة وأنسابها، وتم تحقيق نسب 2500 عائلة منها، وفق قوله.
ويعكف العايدي حاليًّا على إصدار موسوعة "الرحالة الفلسطينية للأنساب"، موضحاً أنها تتحدث عن "نظرية الفلسطينية" كقبائل عربية من نجد وورثت الحضارة الكنعانية، في القرن الخامس قبل الميلاد، وتحتوي على أكثر من 20 ألف عائلة فلسطينية وأنسابها، وتحقيقها، وتدقيقها، وهي عائلات ليست في فلسطين حاليًّا وتتوزع في البلاد العربية، والشتات.
ويشير إلى أنه استطاع جمع أنساب وتحقيق 90% من عائلات فلسطين، وبتواريخ محددة، لإثبات حقيقة أن الشعب الفلسطيني له جذور منذ بداية الهجرة النبوية حتى عام 1948م.