لاستنهاض فضاء ثقافي مدني مفتوح لمجموعة واسعة ومتعددة من المجتمع، تتواصل أعمال مهرجان القدس 2023 الذي تستمر فعالياته حتى العاشر من أغسطس/ آب الجاري، بتنظيم من مركز يبوس الثقافي.
وتُسلّط فعاليات المهرجان المنعقد منذ الثالث من أغسطس، الضوء على القيود المفروضة على القطاع الثقافي والمراكز الثقافية المقدسية والفعاليات، من خلال مجموعة من الفنانين الفلسطينيين في مجالات الموسيقى والمسرح والآداب والفنون البصرية وفن الكوميديا.
الحرية السياسية والثقافية
وتقول القائمة بأعمال مدير مركز يبوس الثقافي مورين كوبا، لأكثر من 28 عامًا جعل المهرجان برامج الفنون عالية الجودة متاحة لفئات المجتمع، حيث جذب الآلاف من السكان والزوار من جميع أنحاء فلسطين للاستمتاع بما يقدم من برامج نوعية، "وقد نضج هذا الحدث ليصبح واحدًا من أكثر المهرجانات الفنية شمولًا في فلسطين".
وتوضح كوبا أن مهرجان القدس 2023 رفع شعار العام الماضي "انهضي يا قدس"، لأن القدس تستنهض الهمم رغم كل تضييقات الاحتلال، تنهض لتبث وتنشر الأمل والحياة والعزة في قلوب وعقول الفلسطينيين والأحرار في العالم".
وتشير إلى أن المهرجان يرفع مستوى المعرفة بالفنون المختلفة ويعمق الحوار التفاعلي بين مجموعات الفرق والفنانين الفلسطينيين والمثقفين والفنانين العالميين.
كما تلفت كوبا إلى دور الثقافة الوطنية في بناء وعي فردي وجماعي يمهد للحظات التحرر المنتظرة، "لذا يستهدف المهرجان من خلال برنامجه الفني المتنوع، كسر القيود المفروضة على الحيز العام والمؤسسات الثقافية والأفراد، ومناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية باستخدام الفنون كوسيلة للتعبير، كما نعمل على تعزيز حرية التعبير والاحترام".
وتشدد على أن الحريات السياسية والثقافية "ليست ترفًا بل ضرورة تُمكن من بناء مجتمع ديمقراطي يشجع حرية التعبير، وتعين الفنانين والمؤسسات الثقافية والنشطاء على مواجهة التحديات الثقافية، وتوفير الفرص والفضاءات اللازمة لخلق مجتمع نابض بالحياة والوعي والثقافة، وحماية الهوية الوطنية".
وعدت مهرجان القدس 2023 وسيلة للنضال ضد محاولات الاحتلال "الإبادة الثقافية" المستمرة التي تستهدف المجتمع الثقافي وشعبنا الفلسطيني".
حراك ثقافي
وتتمثل أهميته المهرجان، وفق هناء محاميد مخرجة فيلم "سوريون في نصف جنة" المشارك في "القدس الثقافي"، في كونه يمثّل حراكًا ثقافيًّا وطنيًّا في داخل القدس، إضافة إلى تاريخه العريق منذ انطلاقه عام 1995 بالرغم من سياسات الاحتلال لتكميم الأفواه والتعتيم على الهوية الوطنية للمدينة.
وتقول لـ"فلسطين": "أعتقد أن هناك توأمة بالهم الوطني بيننا كفلسطينيين وبين أهالي الجولان المحتلّ، لذلك أجد أهمية بالغة أن يعرض الوثائقي عن الجولان وهو من إنتاج عام ٢٠٢٣ لأول مرة أمام الجمهور الواسع في قلب مدينة القدس".
وتضيف أن الأفلام الوثائقية هي بمثابة شهادة حيّة للتاريخ، وإتاحتها للجمهور هو شكل من أشكال التفاعل الحيّ لخلق وعي أوسع حول القضايا الإنسانية والوطنية الملحّة، كقضية التحرّر الوطني ومجابهة سياسات الاحتلال لسحق وطمس الهوية والموروث كأصحاب الأرض.
وبشأن فيلمها المشارك، توضح محاميد أن الفيلم تعاطى مع محطّات نضالية مهمة جدًا في تاريخ الجولانيين وإن لم يكن بالتفصيل الدقيق لهذه المحطّات، لكنه عرّج على تجربة العمل العسكري السرّي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم تجربة العصيان المدني لأهل الجولان المحتلّ في إضرابهم الكبير عام ١٩٨٢.
إثبات وجود
كما يشارك المسرحي الفلسطيني من مدينة حيفا عامر حليحل في المهرجان بمسرحية "الهوتة"، مؤكدًا أن القدس لا تحتاج إلى سبب للمشاركة في نشاطاتها بهدف إحياء الحالة الثقافية.
ويقول: "مثل تلك المهرجانات ما هي إلا أسلوب لإثبات الوجود الفلسطيني، ومساعدة الوجدان الفلسطيني أن يكون جزءًا من الأحداث التي تدور على أرض الواقع".
وإضافة إلى "الهوتة" يضم المهرجان عروضًا فنية لكل من الفنانة الفلسطينية دلال أبو آمنة، وعرضًا موسيقيًّا لأوركسترا رام الله "الكمنجاتي" ، وعرض "ستاند أب" كوميدي للفنانة الفلسطينية ميسون زايد، وعرضًا للدبكة الشعبية لفرقة بلدي للدبكة الشعبية بعنوان "تليد" ، وكذلك عرضًا غنائيًّا بعنوان "بلا ولا شي" لجوقة بيات وسيكون العرض الختامي للفنان العالمي عمر كمال وفرقته الموسيقية.