فلسطين أون لاين

المزارع ربيع.. بالشمس يجفف البندورة البلدية وبالرماد يحفظ بذورها

...
المزارع ربيع.. بالشمس يجفف البندورة البلدية وبالرماد يحفظ بذورها
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

في هذه الأيام الصيفية شديدة الحرارة يقطف المزارع نضال ربيع حبات البندورة البلدية من مزرعته في بلدة ترمسعيا شمال رام الله، ليقوم بتجفيفها.

ترك ربيع إغراءات الغربة وعاد إلى بلدته ليمارس الفلاحة والزراعة، باحثًا عن ثمار البلدة التي لم ينسَ مذاقها منذ كان طفلًا، والتي احتلت زراعة البيوت البلاستيكية والبذور المعدلة وراثيًّا مكانها حاليًّا.

حصل المزارع الستيني فعلى بذور البندورة البلدية من بنك البذور في مدينة الخليل، وزرعها ي أرضه قبل 20 عامًا، وأصبح حاليًّا منتجًا لتلك البذور ويوزعها على المزارعين في محافظات الضفة الغربية بواقع 150 ألف شتلة سنويًّا.

اكتفاء ذاتي

ويتابع: "صدمت بالتغيرات التي طرأت على الطرق الزراعية في بلدتي، وفي فلسطين كلها، أكاد أجزم أن الزراعة العضوية تكاد تكون اختفت، وكمان أن الكثير من البذور البلدية لم تعد موجودة كالذرة البيضاء والسمسم، ولم يعد المزارع يستخدم الأسمدة العضوية المستخلصة من روث الحيوانات، وحلت مكانها الأسمدة والمبيدات الكيماوية بشكل مخيف".

تجفيف البندورة (3).jpeg

ويحاول ربيع إحياء الموروث الزراعي الشعبي الذي كان يسير عليه الأجداد، من خلال زراعة البندورة البلدية البعلية، والقمح وتجفيف قشّه لتصنيع صواني القش التراثية منه.

ويذكر أن الناس يجذبهم شكل الثمرة الخارجي أكثر من مذاقها، وينفرون من شراء البندورة البعلية لأن أشكالها ليست دائرة منتظمة ويختلط بها اللون الأخضر، والأصفر، وهذا الشكل الأساسي لثمرة لأنها لا ترش بأي مواد كيماوية.

ويبين ربيع فإن البندورة البلدية تمتاز بمذاق حامض وقشرة رقيقة للغاية، ومدة صلاحيتها أطول من البندورة المعدل وراثيًّا.

أما عن عملية إنتاج بذور البندورة البلدية، فيقول ربيع: "أفعل ما كانت تفعله جدتي بعدما كانت تعصر البندورة بكلتا يديها، وتفصل البذور وتقوم بتجفيفها في الشمس، ومن ثم ترش عليها الرماد الناتج عن حرق الحطب، وتحتفظ بها للعام القادم".

ويحقق المزارع الستيني من خلال مزرعته اكتفاءً ذاتيًّا من الخضار والفواكه والدواجن، وجميعها تنتج بشكل عضوي، ولا يأكل البندورة في غير موسمها، بل يستخدم ما يجففه في الموسم الصيفي.

طريقة التجفيف

ويمتد موسم البندورة البلدية بين شهري يوليو وأغسطس، ولتجفيفها يقوم ربيع بغسل حبات البندورة ومن ثم يقسمها إلى نصفين، ويفردها في صواني كبيرة، ويرشها بكميات كبيرة من الملح، ويتركها لتجف لمدة أسبوع، وفي الأيام شديدة الحرارة تجف في يومين.

وينبه إلى أنه ولكي تكون العملية الإنتاجية ناجحة فيجب أن تكون الشمس ساطعة "وحامية لكي تنشف البندورة بشكل جيد.

وليست كل بندورة تصلح للتجفيف، وفق ربيع، إذ يجب أن يكون جانب الحبة الحمراء الصلبة، أن تكون البندورة بلدية ذات شكل دائري وحجم متوسط، وأن تشطر بشكل عرضي لضمان بقاء السوائل داخل الحبة.

تجفيف البندورة (2).jpeg

ويلفت إلى أن البندورة المجففة لا تحتاج إلى تخزين في المبرد أو المجمد، إذ تحفظ في أكياس من الخيش، أو البلاستيك، أو علب من الزجاج، وتمتد صلاحيتها لأكثر من عام خارج الثلاجة.

وتمتاز المادة المنتجة بأن لها شكلًا وطعمًا مميزين إلى جانب أنها تصلح لأصناف غذائية عديدة، فهي تضاف إلى ورق الدوالي والصواني بأنواعها، لتضفي على الأكل طعمها المميز بنكهته الغريبة.

كما يستخدم ربيع البندورة المجففة في إعداد السلطة البلدية، والعديد من الأطباق الأخرى مثل قلاية البندورة، أو أي طبيخ آخر "فيكفي نقعها بالماء لتخلص من الملح الزائد، واستخدامها فيما تشاء".

ويمضي: "نظرًا لكثافة الطعم فيها فإنها تُقدم نكهة غنية مركزة من النكهات الحلوة، كما يُمكن حفظ الطماطم المجففة بزيت الزيتون وتناولها كمقبلات ويُعد ذلك من الخيارات التي تقدمها الجمعيات الزراعية".

وعلى أرض الواقع فقدت الموائد الفلسطينية هذا الصنف من الخضار المجففة والمملحة في ظل الكم الهائل من المعلبات التي تباع في الأسواق.