فلسطين أون لاين

وسط تراجع دورها الإغاثي

الحراكات المطلبية في لبنان.. استجابة "هزيلة" من "أونروا" لصرخات اللاجئين الفلسطينيين

...
المخيمات الفلسطينية في لبنان- أرشيف
بيروت– غزة/ يحيى اليعقوبي:

يعيشون حياة داخل بيوت تخفي خلف حجارتها حكايا مأساة وفقر، فلا تدخل نوافذ بيوتهم المتلاصقة أشعة الشمس، تحل الرطوبة ضيفًا دائمًا على حياتهم، ويعيشون بمنازل تروي كل ركن فيها وجع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، فتتعالى أصواتهم مطالبين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" بالقيام بمسؤولياتها "فلا حياة لمن تنادي"، بهذا يتهمها اللاجئون.

"نعيش كل أنواع القهر"، جملة تدفقت من قلب المسن محمود سيف (76 عامًا)، يغلف القهر نبرة صوته، خلف تفاصيلها عاش عقودًا طويلة توازي عمر النكبة في فقر داخل مخيم "نهر البارد"، فتزايدت أعداد أفراد عائلته وزادت أعباءه ومسؤولياته الملقاة على عاتقه.

يحملُ صوته القادم من بعيد عبر الهاتف ألمًا وحزنًا يرافقانه، يفرغ ما في قلبه لصحيفة "فلسطين" قائلًا: "لدي ثلاثة أبناء، وسبعة أحفاد، ونحن نعيش وضعًا مأساويًا، نعاني الحرمان يومًا بعد يوم، أو ساعة بعد ساعة، فإذا جعنا نأكل مما يتوفر لنا".

اقرأ أيضاً: نشطاء من الخارج يؤكدون صعوبة وضع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان

وأضاف: "الهموم لم تعد تنتهي، وكل المستلزمات باتت مرتفعة الأسعار، حتى الخضراوات يبلغ سعرها حوالي 70 ألف ليرة لبنانية (4.68 دولار أمريكي) للكيلوغرام، أما اللحوم والدجاج فلم نعد نعرفها، وأمنيتي الوحيدة هي العودة إلى فلسطين وأن أشتم رائحة أرضها".

تقليص صحي

قد تتشابه قصة محمد لوباني (32 عامًا) في المعاناة مع الحاج سيف، فهو يسكن بالإيجار ولديه أربعة أطفال، وتختلف عنه بإصابته بمرض السرطان قبل عامين، ومنذ ذلك الحين، يحاول الحصول على أدوية من سوريا وتركيا بمبالغ مضاعفة، وما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا، هو رفض "أونروا" تغطية تكاليف هذه الأدوية.

ويقول لوباني لصحيفة" فلسطين": "بدأت الوكالة الأممية منذ شهرين بدأت بدفع نصف قيمة الدواء، ويضطر لدفع قيمة باقي المبلغ، إضافة إلى تكلفة المبيت بالمستشفيات في أثناء تلقي الجرعات، وتصل قيمتها من 80 إلى 100 دولار، متهمًا "أونروا" بـ"بالتقصير".

منذ عام 2014 قدم لوباني طلبًا بالحصول على مساعدة شؤون اجتماعية من "أونروا"، إلا أن الموافقة لم تأتِ، بالرغم من أحقيته في الحصول على المساعدة بسبب وضعه الصحي، إذ خضع لاستئصال جزء من الرئة وأصبح غير قادر على العمل أو حمل الأوزان الثقيلة. 

وكان الحراك الشعبي الفلسطيني الموحد في لبنان، قد استأنف حراكه المطلبي ببعض المخيمات، وآخره تنظيم اعتصام في مخيم عين الحلوة في صيدا يوم 21 تموز/ يوليو الجاري وأصدر بيانًا السبت الماضي، طالب خلاله "أونروا" بالإيفاء بالتزاماتها بإقرار خطة طوارئ صحية شاملة وزيادة التغطية لمرضى السرطان، في وقت بلغت نسب الفقر المطلق 93% في صفوف اللاجئين الفلسطينيين بلبنان.

وأكد عضو الحراك الموحد في لبنان محمد قاسم، أن الحراك بدأ عام 2019 بهدف تحسين ظروف الحياة والإغاثة والشؤون والتعليم والصحة للاجئين الفلسطينيين، إذ كان موقف "أونروا" لا "حياة لمن تنادي" بإدارة الظهر وعدم الاستجابة لمطالب اللاجئين.

وقال قاسم لصحيفة "فلسطين": إن "الأوضاع الإنسانية في المخيمات الفلسطينية تزداد سوءًا، واللاجئون يمرون أسوء مراحلهم، مشيرًا إلى وجود مخيمات تحتاج للترميم، كما أن مخيم نهر البارد لم يُعاد إعماره كاملًا، إضافة إلى وجود مخيمات بحاجة لإنشاء مدارس جديدة"، متهمًا منظمة التحرير برفع يدها وإدارة الظهر للاجئين في لبنان. 

من جهته أكد رئيس الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين د. علي هويدي، أن المشكلة التي تواجه اللاجئين ليست جديدة، وأن حركات اللجان الشعبية للفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، تهدف للضغط على "أونروا" لتغطية احتياجات اللاجئين، على المستوى الصحي والإغاثي والتعليمي والبنى التحتية وغيرها من الخدمات.

وقال هويدي لصحيفة "فلسطين": إن "الوكالة تمكنت من الحصول على تمويل من الصندوق الكويتي للتنمية، بقيمة مليون ونصف المليون دولار، ما أدى إلى زيادة نسبة الاستشفاء لمرضى السرطان من 50% إلى 70%"، عادًّا ذلك غير كاف، خاصة مع تخوفات من العودة للنسبة المخفضة في حال انتهاء المنحة الكويتية، في ظل ارتفاع علاج مرض السرطان في لبنان.

وأشار إلى أنه بالرغم من تعهد "أونروا" بإعطاء كل طفل لاجئ دون سن 18 عامًا وكل مسن فوق 60 عامًا مبلغ 50 دولارًا، إلا أن ذلك لا يكون دوريًا ومرهونًا بحجم المساعدات المقدمة، في ظل تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي في لبنان نتيجة هبوط العملة اللبنانية أمام الدولار، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية. 

عجز مالي

من ناحيته، اتهم عضو قيادة اتحاد لجان حق العودة الفلسطينية (حق) في لبنان، أحمد سخنيني، "أونروا" بممارسة سياسة إدارة الظهر لمطالب اللاجئين الفلسطينيين، بذريعة "العجز المالي الذي هو بواقع الحال ابتزاز سياسي يقف من ورائه (إسرائيل) وأمريكا في سعي محموم لتصفية قضية اللاجئين".

وأكد سخنيني لصحيفة "فلسطين" أنهم مستمرون في تحركاتهم المطلبية، بهدف التأكيد على أن اللاجئين ليسوا مجرد أرقام في بازار تقليصات "أونروا"، مطالبًا في الوقت ذاته، منظمة التحرير ودائرة شؤون اللاجئين بممارسة دورها بما يتناسب مع أوضاع اللاجئين.

ودعا الدولة اللبنانية إلى رفع واقع الحرمان من الحقوق الإنسانية عن اللاجئ الفلسطيني والتعاطي بشكل أخوي وإنساني مع المخيمات الفلسطينية، مشددًا على ضرورة أن تشملها بكل الخدمات والخطط الإغاثية، بشكل يرقى لمستوى العلاقة الكفاحية بين الشعبين، ولتعزيز نضالات الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة.