فلسطين أون لاين

تقرير عالج "سُمنة طفلك" دون أن تؤذيه نفسيًّا

...
توضيحية
غزة/ هدى الدلو:

لم يكن يسلم فارس من ألسنة أصدقائه ومن قبلهم أشقائه الذين كانوا ينادونه "يا أبو كرش"، ولكن فيما بعد زاد الأمر عن حده "كيف بتشوف حالك بالمراية؟"، "مبين أكبر من عمرك"، الأمر الذي أصبح يضايقه ويتسبب له بالإحراج.

تعامل خطأ

فكثيرًا ما يخطئ الأهل في التعامل مع طفلهم، وفتح باب الحوار والحديث معه عن مشكلة يعاني منها ومن بينها الوزن الزائد دون التسبب له بالإحراج والأذى النفسي، فبعض العبارات والأحاديث تأخذ مكانًا لها في نفسه فلا ينساها مع مرور الزمن وتبقى عالقة في ذهنه دون أن يبدي ذلك الطفل أي تحرك تجاه إنقاص وزنه، فكيف يمكن لنا أن نتحدث مع أطفالنا عن أوزانهم الزائدة دون التسبب لهم بأي إحراج؟

فوالدة أحد الأطفال الذي لم يتجاوز عمره 12 عامًا تبين أن ابنها بات يكمل وجبته في الخفاء بعيدًا عن مائدة الطعام التي تجتمع عليها عائلته، لكيلا ترمقه أعينهم وتصطاده ألسنتهم بكلمات قاسية.

وتشير إلى أنه من الصعب إقناع الطفل بطبق السلطة أو طعام صحي، أو تناول أي نوعية مختلفة من الطعام عن بقية أفراد العائلة، رغم أنها حاولت بشكل منفرد الحديث معه عن مخاطر السمنة لكن دون جدوى.

اختصاصية التغذية سماح وادي تبين لصحيفة "فلسطين" تشير إلى أنه يمكن الحديث مع الطفل عن السمنة وأضرارها من خلال اسكتش مسرحي أو رسوم متحركة، فمعرفة الوسيلة المناسبة للطفل تُسهل على الأهل إقناعه، بجانب التعاون المشترك بين الأهل والطبيب المختص واختصاصية التغذية، ويمكن أن يمتد الأمر للتعاون مع الإدارة المدرسية.

وتقول وادي: "ويجب أن يكون الأهل على دراية بأن سمنة الأطفال تعد أخطر من سمنة الكبار، كون الأطفال لديهم قابلية أكبر للسمنة لأن لديهم زيادة في عدد الخلايا الدهنية وحجمها، الأمر الذي تفاقمه السلوكيات الخاطئة في التغذية".

وبالنسبة للنظام الغذائي للطفل فتقول: "يجب أن يدرك الأهل أن الطفل في مرحلة البناء، فيتجنبوا حرمانه من أي عنصر في الهرم الغذائي، مع الأخذ بعين الاعتبار وزن الطفل وطوله وعمره".

وتلفت وادي إلى أهمية أن تحتوي وجبة العشاء على عنصر الكالسيوم (من خلال الحليب والألبان والتونة والسلطة بالطحينة كون الطفل في مرحلة النمو مع الابتعاد عن المقالي والزيوت والمعجنات، وتشجيع الطفل على أي نشاط رياضي يفضله كالمشي والسباحة كونه يساعد في نزول الوزن وتثبيته.

وتبين أهمية أن يحتوي أي نظام غذائي للطفل على عنصر البروتين، فلا تخلو وجبة الإفطار -مثلاً- من الحمص والبيض والحليب ونوع من الخبز، وأن تحاول الأم قبل موعد وجبة الغداء إطعام الطفل نوعًا من الفواكه، حتى لا يتناول الطعام بشراهة.

كما يمكن الاعتماد بين وجبتيْ الغداء والعشاء على وجبة خفيفة كالترمس، أو قطعة من الكيك المنزلي أو التشيز كيك، أو كوب من الشوكو، مبينة أنه يمكن إقناع الطفل بخوض نظام غذائي صحي باستخدام بعض الأنشطة أو اللجوء إلى بعض الأشخاص المقربين منهم لدعمهم نفسيًّا.

عزلة اجتماعية

ومن جهتها، تشير الاختصاصية النفسية عروب الجملة بأن السمنة عند الأطفال تقلق الأهل أكثر من الطفل نفسه، كونه لا يستطيع أن يميز ما يحتاجه، بل يسعى لتلبية رغباته في تناول ما يشتهيه من طعام.

وتبين أن أكثر ما يمكن أن يؤذي الطفل عبارات التنمر التي يسمعها من الدائرة التي تحيط به، فتخدش شعوره، لذلك ينبغي الابتعاد عن مقارنته بمن حوله، وأن يكون الحديث معه في هذا الموضوع بشكل خاص جدًا بعيدًا عن مسامع الآخرين.

وتقول الجملة: "ويمكن الحديث مع الطفل في هذا الجانب من خلال تعبير الوالدين عن حبهم له والخوف عليه، والتطرق لأضرار السمنة والأمراض الصحية التي قد تصيبه عرض بعض النماذج والصور".

وتلفت إلى ضرورة أن يتابع الأهل صحة طفلهم منذ نعومة أظافره، والتركيز على تناوله الطعام الصحي، والابتعاد عن السكريات والعمل على تقديمها بتوازن.

وتبين أنه يجب أن ينتبه الأهل إلى أن شعور الطفل بالسمنة تجعله يشعر بالقلق وعدم الشعور بالأمان والإحباط، إلى جانب ضعف ثقته بنفسه مما قد تسبب له تأتأة، فقد يحني ظهره عند مقابلة أحد لكيلا تظهر تفاصيل جسمه، كما قد تؤدي الطريقة الخاطئة في الحديث مع الطفل إلى العزلة وعدم تقبل الآخرين.