تلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، إلى سياسة الحبس المنزلي لمعاقبة الأطفال الصغار دون سن 14 عامًا، ما ترك آثارًا نفسية واجتماعية مدمرة عليهم، وحوّل المقدسيين إلى سجّانين لأطفالهم.
الطفل المقدسي أيهم الباسطي (13 عامًا) يخضع للحبس المنزلي منذ الثامن من مايو/ أيار الماضي، بعد اعتقاله في الأول من الشهر ذاته، والتحقيق معه لمدة 8 أيام، قبل إحالته للحبس المنزلي.
حرمان من الدراسة
ويقول والد الطفل أيهم إنه وزوجته أُجبروا على مراقبته داخل المنزل على فترتين في الصباح والمساء وتحت تهديد فرض غرامة مالية بقيمة 25 ألف شيقل إذا لم يلتزم الطفل بشروط الحبس المنزلي.
اقرأ أيضا: تقرير الحبس المنزلي لأطفال القدس.. عقوبة تدفع ثمنها عائلاتهم
وأضاف الباسطي لصحيفة "فلسطين" أن نجله حرم من الدراسة في المدرسة، واضطر لتقديم الامتحانات عن طريق برنامج "زوم"، كما حُرِم أيضًا من الفرحة في العيد، والاحتفال مع أقرانه من الأطفال.
وذكر أن هناك تأخيرًا في قضية الحبس المنزلي بالنسبة لنجله بهدف إطالة مدة الحبس وانتظار وصوله إلى سن 14 عامًا ليحاكم وينقل إلى السجن في قسم الأطفال.
ويصف الوالد الظروف التي يعيشها نجله بأنها "قاسية وتؤثر على صحته النفسية والاجتماعية"، قائلًا: إنهم أصبحوا في المنزل "سجانين" لابنهم الذي يتمنى الخروج واللعب مع الأطفال والذهاب للمسجد الأقصى للصلاة.
وشدد والد الطفل على أن الاحتلال يعامل الأطفال تعاملًا قاسيًا ولا يظهر شفقة أو رحمة تجاههم، إذ يتعرضون للملاحقة والمعاقبة دون أي اعتبار لصغر سنهم. وأشار إلى أن قوات الاحتلال تقتحم منزلهم في أوقات متأخرة من الليل بزعم التحقق من وجود طفله في المنزل، مطالبًا بضرورة فضح الاحتلال وممارساته ضد الأطفال في مدينة القدس.
أما الطفل المقدسي عمر أبو غنام من قرية الطور في القدس تعرض للاعتقال 28 يومًا في أبريل/ نيسان الماضي، قبل فرض الحبس المنزلي عليه حتى ديسمبر/ كانون الأول القادم، قابل للتمديد لمدة إضافية أخرى.
ويشير أحمد أبو غنام والد الطفل عمر لـ"فلسطين"، إلى أن نجله حرم من الدراسة، على الرغم من أنه في الصف العاشر، ويُسمح له بالخروج من المنزل يوم الجمعة فقط لمدة 4 ساعات بمرافقته.
اقرأ أيضا: هيئة الأسرى: أكثر من 600 طفل تعرّضوا للحبس المنزلي خلال 2022
وأشار إلى أن فرض الحبس المنزلي على عمر أثر سلبًا على نفسيته وشخصيته، وعائلته تبذل كل جهودها لمساعدته.
وإذا احتاج عمر إلى زيارة طبيب، يقول والده إنه يجب على العائلة إبلاغ المحامي حتى يتمكنوا من الحصول على إذن من شرطة الاحتلال للسماح له بالذهاب للعلاج.
آثار نفسية
من جهته، أكد رئيس لجنة أسرى القدس أمجد أبو عصب أن فرض الحبس المنزلي على الأطفال يقيد حريتهم كثيرًا، إضافة إلى حرمانهم من الدراسة في مدارسهم، عدا عن تحويل منازلهم إلى سجون صغيرة.
وأوضح أبو عصب لـ"فلسطين" أن هناك عشرات القرارات تصدر بالحبس المنزلي، إذ تتعرض العائلات للإرهاب من الاحتلال إثر اقتحامه منازلهم في ساعات متأخرة من الليل للتحقق من وجود الأطفال داخل المنازل.
وأضاف أن هذا الاعتقال وفرض الحبس المنزلي ينتج عنه آثارا نفسية على الأطفال الذين يُفرض عليهم هذا القيد، إذ يعانون الحرمان والكبت الناجم عن الاحتجاز داخل المنازل، مشيرًا إلى أن سلوكيات عدوانية تظهر لدى الأطفال نتيجة للتعامل القاسي والقيود التي يفرضها الاحتلال عليهم.
المحامي خالد قزمار من حركة الدفاع عن الأطفال فرع فلسطين يشير إلى دور منظّمته في توثيق حالات الحبس المنزلي واعتقال الأطفال من الاحتلال، مؤكدًا أن هذه الاعتقالات والحبس تتعارض مع بنود اتفاقية حقوق الطفل العالمية، التي تحظر تقديم الأطفال إلى المحاكم أو حبسهم في المنازل.
وأشار قزمار في حديث لـ"فلسطين" إلى وجود شهادات موثقة من الأطفال الذين خضعوا للاعتقال والحبس المنزلي، تُدين دولة الاحتلال بارتكاب جرائم ضد الأطفال، موضحا أن هذا التوثيق والشهادات يستخدم في التواصل مع الجمعيات والمؤسسات الدولية لتسليط الضوء على هذه الجرائم ومطالبة المجتمع الدولي بالتحقيق واتخاذ إجراءات لوقف انتهاكات حقوق الطفل.