اهتم (دونالد ترامب) بالتطبيع بين دولة الاحتلال ودول الخليج والمغرب والسودان، ولتحقيق ذلك استجاب لجلّ مطالب هذه الدول، واليوم يبدي الرئيس بايدن اهتمامًا أكبر نحو إحداث تطبيع بين المملكة السعودية ودولة الاحتلال، ويبدي استعدادًا للاستجابة لكل مطالب المملكة السعودية الأمنية وغير الأمنية. فلماذا يهتم بايدن الديمقراطي بالتطبيع، ويجعله موضوعًا أولًا في أجندة البيت الأبيض، في حين تعيش دولة الاحتلال صراعًا داخليًا، لأسباب عديدة منها: التطرف، ورفض المطالب الفلسطينية والسعودية، والعمل المتسارع لضم الضفة الغربية.
إن من علامات هذا الاهتمام الزائد بالتطبيع تعدد اللقاءات التي يجريها قيادات من البيت الأبيض مع ولي العهد السعودي، ولعل آخرها وأهمها لقاء سليفان مسؤول الأمن القومي الأميركي، وبلينكن وزير الخارجية بهدف إحداث اختراق في هذا الملف قبل الانتخابات الأميركية.
هذه ليست العلامة الوحيدة على هذا الاهتمام، إذ من علاماته أيضًا خروج تصريحات من البيت الأبيض عن تقبل بايدن لعقد اتفاقية أمن مشترك مع المملكة، بقوة اتفاق الناتو، والاستجابة لمطالب المملكة من السلاح المتقدم، ومن مشروع الذرة السلمي تحت الرقابة الأميركية.
اقرأ أيضًا: استعادة الثقة قبل استعادة الوحدة الوطنية
اقرأ أيضًا: مجتمع فسيفساء في طريقه إلى التنازع
وفي مقابل ذلك ستحصل دولة الاحتلال على تطبيع مع المملكة هو لها أهم من التطبيع مع مصر، لأنه سيفتح لها باب التطبيع مع دول إسلامية عديدة وعلى رأسها إندونيسيا وباكستان، وسيدعمها في مواجهة التهديد الإيراني والسلاح الإيراني المتطور، ولأنها ستحصل على هذه المكاسب فيجب عليها في النظرة الأميركية تقديم رؤية قابلة للتطبيق لإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ترضى عنها المملكة، باعتبار أن الدولة شرط للمملكة تمتلك به الورقة الفلسطينية.
البيت الأبيض يقوم بكل هذا الجهد من أجل خدمة ربيبته المدللة دولة الاحتلال، فبايدن يدعم الصهيونية ويدعم دولتهم، ويريد الصوت اليهودي في الانتخابات القادمة، ولا يريد أن يبدو في نظر اليهود أنه في قطيعة مع نتنياهو فحسب، فهو إذا جافى شخصًا فإنه يخدم دولة اليهود ولا يجافيها، هذه الصورة الذهنية مهمة، وهي أيضًا إستراتيجية يؤمن بها بايدن.
وللقائل أن يقول إن البيت الأبيض سيخرج بمكاسب أبعد من خدمة دولة الاحتلال، ومنها مواجهة التحولات السعودية نحو الصين وروسيا، ومواجهة التفاهمات السعودية الإيرانية، ودعم الدولار الأميركي بالبترول السعودي وصفقات السلاح.
إن ما يحققه البيت الابيض من مصالح ومكاسب كبيرة ومتعددة له ولدولة الاحتلال يجعل اهتمامه بالتطبيع مع المملكة في أعلى أجندته، ولا سيما في هذه المرحلة الراهنة التي تسبق الانتخابات، والحافلة بالتحولات بعد دخول الصين للمنطقة العربية. ولكن العقبة الوحيدة أمام رؤيته هم المتطرفون اليهود سموتريتش وبن غافير، ودعاة ضم الضفة الغربية، وهؤلاء يقدمون الضم على التطبيع خلافًا لموقف بايدن!