فلسطين أون لاين

الفلسطينيون يدخنون ثلاثة مليارات سيجارة سنويًّا

"تجدد" مشروع فلسطيني واعد يعيد تدوير أعقاب السجائر

...
"تجدد" مشروع فلسطيني واعد يعيد تدوير أعقاب السجائر
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

تستورد فلسطين 162 مليون علبة سجائر سنويًّا، تحتاج مخلفاتها إلى عقود لكي تتحلل في التربة.

هذه الأرقام قادت خمس طالبات من كلية مجتمع المرأة في رام الله إلى إطلاق مشروع "تجدد" لإعادة تصنيع مبيد حيوي يكافح حشرات النبات، بالإضافة إلى تصنيع ميداليات.

الفكرة التي لم يسبقهم إليها أحد في فلسطين "تضرب عصفورين بحجر واحد"، كما تخبر المديرة العامة للشركة لارا مخطوب، الأول توفير منتجات توفر دخلاً للعاملين في المشروع، والثاني تنظيف البيئة من مخلفات السجائر الضارة التي تحتاج إلى عقود لكي تتحلل، نظرًا لأنها تصنع عادة من ألياف خلات السليلوز، وهو نوع من البلاستيك الحيوي، ويقدر عدد ما يلقى منها في النفايات بحوالي 4.5 تريليونات كل عام.

وتبين طالبة الهندسة المعمارية من قرية قبية شمال غرب القدس المحتلة أن مشروع إعادة تدوير أعقاب السجائر جاء من النسب العالية لتلوث البيئة الفلسطينية بها، ولا سيما أنها لا توضع في أماكنها المخصصة في صناديق القمامة، فمعظمها يتم رميه على الأرض.

وتوضح مخطوب (21 عامًا) أن الفلسطينيين يدخنون ثلاثة مليارات سيجارة سنويًّا، تحتوي أعقابها على 7000 مادة سامة مسرطنة تنتج عن التبغ الموجود في السيجارة، وهي كفيلة بتدمير التربة، والحيوان والإنسان.

ووفق بحث نشر بمجلة علوم السموم والسلامة البيئية البريطانية، فإن وجود أعقاب السجائر بالتربة يقلل من نجاح الإنبات بنسبة 27% وطول برعم البرسيم 28%، وفي العشب يقل نجاح الإنبات بنسبة 10% وطول البرعم 13%، كما قل وزن الجذر بنسبة 57%.

وأفاد الباحثون من جامعة أنجليا راسكين أن فلاتر السجائر غير المدخنة لها نفس التأثير تقريبًا على نمو النبات مثل المستخدمة، ما يشير إلى أن الأضرار التي تلحق بالنباتات سببها الفلتر نفسه، حتى بدون السموم الإضافية الناتجة عن حرق التبغ.

مراحل التدوير

وعن مراحل عملية إعادة تدوير مخلفات السجائر، تذكر مخطوب أن عددًا من المتطوعين يعملون على جمع أعقاب السجائر من خلال وضع صناديق قمامة مخصصة لذلك في الأماكن العامة، والبنوك، والمؤسسات، والجامعات، ويتم تفريغها كل أسبوع ومن ثم تخزينها في مخزن تابع للكلية.

في المرحلة الثانية تدخل تلك الأعقاب عملية تعقيم، حيث يتم فصل غلاف عقب السيجارة عن الفلتر، ومن ثم يتم إضافة مواد كيمياوية مدروسة تفصل المواد الضارة الموجودة فيها، ومن ثم يتم إنتاج ألياف تشبه في ملمسها القطن، ويستمر العمل في ذلك أربعة أيام.

وتضم شركة "تجدد" 17 موظفًا، منهم خمسة طلاب إداريين، دائرة الإنتاج، والتسويق، والمالية، والتصميم، والشئون الإدارية.

وتنبه مخطوب على أن عملية التصنيع وإنتاج الألياف تتم يدويًّا، أما الفحوصات المخبرية وإضافة المواد الكيمياوية فتتم في مختبرات خاصة.

ويهدف مشروع "تجدد" إلى إيجاد فرص عمل للنساء الفلسطينيات، وإيجاد مصدر دخل لهن، حيث تقوم النساء بحياكة ميدالية بأشكال تشبه طريقة صنع "الكروشيه".

وعن الخطط المستقبلية للفريق، تشير مخطوب إلى سعي الشركة لتطوير المشروع، وعدم الاقتصار على تصنيع المبيد الحيوي للنبات، والميداليات القطنية، بل الذهاب نحو تصنيع الألعاب، ووسائد الزينة، مبينة أنهم بصدد الاستفادة من غلاف السيجارة وإدخاله في تصنيع أنواع مختلفة من الأسمدة الصديقة للبيئة.

إقبال محلي

وعن مدى الإقبال على منتجات المشروع، تجيب: "وجدنا إقبالًا من المجتمع المحلي، ولا سيما أن المنتجات آمنة، ويتم تسويقها داخل الكلية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وقريبًا سيتم إيجاد نقاط بيع في محلات في محافظتي رام الله، والخليل".

في الوقت نفسه، تلفت مخطوب إلى صعوبات وتحديات واجهت الفريق، تذكر إلى صعوبة تجميع أعقاب السجائر وحاجتها إلى فريق كبير من المتطوعين، كما أن رائحة السجائر عند تخزينها سيئة.

وسبق أن أعلن علماء بكوريا الجنوبية في دراسة نشرت بمطبوعة "نانوتكنولوجي" عام 2014، اكتشافهم طريقة لتحويل أعقاب السجائر المستعملة إلى مادة قادرة على تخزين الطاقة، يمكن أن تساعد في تشغيل كل شيء في الهواتف المحمولة حتى السيارات الكهربائية.

وأظهرت الدراسة أن أعقاب السجائر المستعملة يمكن تحويلها إلى مادة عالية الأداء، أساسها الكربون، باستخدام عملية بسيطة من خطوة واحدة توفر في الوقت نفسه حلًّا صديقًا للبيئة لتلبية احتياجات المجتمع من الطاقة.

ولفتت الدراسة إلى أن "الكربون واحد من المواد الواعدة التي يجري النظر في استخدامها في المكثفات الفائقة؛ بسبب تكلفته المنخفضة ومساميته العالية وتوصيله للإلكترونيات واستقراره".