ترفض أجهزة أمن السلطة الاستجابة للمبادرات التي أطلقتها جهات وطنية ومحلية مختلفة للإفراج عن عشرات المقاومين الذين تزجهم في سجونها، وخاصة من مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية.
وكان أبرز الملاحقات، اعتقال أمن السلطة خالد ملايشة؛ أحد أبرز قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أول من أمس.
وملايشة هو أسير سابق، وشقيق الشهيد نايف الذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال في مارس/ آذار الماضي.
وتخدم السلطة الاحتلال الإسرائيلي وأجندته باعتقال المقاومين وملاحقتهم وزجهم في سجونها، وإجبارهم على تسليم أسلحتهم، وإنهاء عملهم المقاوم، وهو ما يعد خيانة للقضية الفلسطينية، وفق مراقبين.
الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق يؤكد أن مواصلة السلطة اعتقال المقاومين ورفض المبادرات المنادية بإطلاق سراحهم يأتي ضمن التعاون الأمني الوثيق الذي تنتهجه، والاستجابة للضغوطات الإسرائيلية والأمريكية.
اقرأ أيضاً: الأخرس: اعتقال السلطة المقاومين في الضفة يخدم الاحتلال
ويقول القيق لصحيفة "فلسطين": السلطة تبحث عن أفق لترسيخ وجودها، لذا تلجأ للاعتقال السياسي والتضييق على المقاومين بشكل علني، وهو ما يؤدي إلى استنزاف المقاومة والجبهة الداخلية، والمشروع الوطني وتفتيت النسيج الداخلي للمجتمع الوطني.
ولفت إلى أن محاولات السلطة لتعزيز نفسها بقوة داخل جنين، واللعب في الأوراق، وتغيير الأجندة الوطنية، ستبقى فاشلة؛ نظرًا لفشل العدوان الإسرائيلي مقابل صمود المقاومة ووحدتها، التي نجحت في تعرية السلطة وتجريم الاعتقال السياسي.
ونبه إلى أن بيانات المقاومة الصادرة بين الفينة والأخرى تحمل دلالات أنها ذاهبة لوضع خط أحمر أمام السلطة، بسبب الاعتقالات السياسية المتفاقمة تجاه المقاومين.
إستراتيجية دائمة
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين أن اعتقالات أجهزة أمن السلطة للمقاومين والمطاردين لجيش الاحتلال يأتي ضمن استراتيجية دائمة لها.
وقال عز الدين لـ"فلسطين": إن استمرار وجود السلطة ينبع من الوفاء بالتزاماتها تجاه الاحتلال، فهي لا تريد وقف ملاحقة المقاومين أو الإفراج عنهم.
ولفت إلى أن إفراج السلطة عن المقاومين يعني تغييرا جذريا وهائلا في سياستها، لذلك لا توجد أي مؤشرات على احتمال تقدمها لمثل هذه الخطوة، بل إن كل المؤشرات تؤكد إصرارها على العمل المشترك مع الاحتلال لقمع وإنهاء حالة المقاومة في الضفة الغربية.
ورأى أن مشكلة من يقدمون مبادرات الوساطة وطلبات الإفراج عن المقاومين والمعتقلين في سجون السلطة، يعتبرونها "وطنية"، ويأملون استجابتها للمطالبة الوطنية المحقة، لكن هي تمثل الاحتلال وتنفذ ما فيه مصلحة له فقط، فمن الطبيعي ألا تستجيب لأي من المبادرات.
وأشار إلى أن استجابة السلطة للضغوط والإفراج عن أيٍّ من المعتقلين السياسيين، كما حصل مؤخرًا مع الناشط عقيل عواودة، ليست استجابة حقيقية للمطالب الوطنية، وإنما استجابة تكتيكية لتخفيف الضغط عنها.
واستبعد عز الدين إقدام المقاومين على مواجهة السلطة لتفادي الاعتقال، لكون هدفهم الرئيس مواجهة الاحتلال والدفاع عن أبناء شعبهم، فبوصلتهم واضحة، معتبرا الحراك الشعبي ودفاع الجماهير عن المقاومين وحمايتهم من تغول السلطة الحل لوقف الاعتقالات.
وعندما ينظر المحلل السياسي والكاتب راشد البابلي إلى دور السلطة في جنين، يراه كمكمل لسياسات الاحتلال الإسرائيلي. ويعتقد أن دور السلطة يتمثل في تكميم الأفواه والأبدان ومنع حق الشعب الفلسطيني من حماية نفسه باستخدام أي وسيلة، بما في ذلك الكفاح المسلح.
وفي حديثه لصحيفة "فلسطين"، أشار البابلي إلى أن أجهزة أمن السلطة تواصل اعتقال عدد من المقاومين بالرغم من صدور أوامر قضائية بالإفراج عن بعضهم. وأضاف أن السلطة لا تزال تعتقل مقاومين آخرين في جنين ومدن وقرى أخرى في الضفة الغربية.
وأشار إلى أن حملات الاعتقال واستمرار اعتقال المقاومين تأتي في ظل دعوات لعقد اجتماعات فصائلية لإنهاء حالة الانقسام وإعادة صياغة المشروع السياسي الفلسطيني بهدف ضمان استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.