من وسط مستنقع الجريمة الآخذة بالتصاعد يومًا بعد آخر والتي تحصد أرواح عشرات الفلسطينيين في مدن وبلدات الداخل المحتل، خرجت "لجنة إفشاء السلام" في محاولة منها، لبث روح التسامح، والتوعية بأهداف الاحتلال الخبيثة بإجراءاته العنصرية التي تساهم في اتساع دائرة العنف.
ففي أكتوبر الماضي 2022، أعلنت لجان إفشاء السلام والإصلاح المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير الفلسطينية في الداخل المحتل، برئاسة الشيخ رائد صلاح، عن بدء العمل، تحت شعار (إفشاء السلام)، على محاربة انتشار الجريمة في الوسط الفلسطيني بالداخل المحتل.
وتتوالى أحداث العنف وجرائم القتل يوميًا في المجتمع الفلسطيني بالداخل، في الوقت الذي تتقاعس شرطة الاحتلال فيه عن عملها للحد من محاربة الجريمة، وسط مؤشرات تؤكد تواطؤ أجهزة أمن الاحتلال مع منظمات الإجرام.
وبلغت حصيلة ضحايا جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني بالداخل منذ مطلع العام الجاري 121 قتيلًا وتجاوزت حصيلة سنوات كاملة سابقة، إذ بلغ عدد القتلى في العام الماضي 109، في حين جرى توثيق أكثر من 111 جريمة قتل عام 2021.
اقرأ أيضاً: تقرير تحذيرات من تصاعد معدلات الجريمة والعنف بالداخل المحتل
ويقول عضو إدارة لجنة إفشاء السلام في الداخل المحتل خيري إسكندر، إن حالة العنف بدأت تتطور تدريجيًا منذ عام 2000 بعد انتفاضة الأقصى، وتأييد الفلسطينيين للأقصى والقدس، الأمر الذي أزعج الاحتلال.
وأوضح إسكندر في حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن مؤسسة الاحتلال الأمنية بدأت بزرع الفتنة منذ ذلك الوقت حتى وصل الأمر لما هو عليه الحال من ارتفاع كبير في معدل الجريمة.
وبيّن أن رئيس الحركة الإسلامية بالداخل المحتل الشيخ رائد صلاح أطلق مبادرة "إفشاء السلام" مؤخرًا، بعد اتساع رقعة الجريمة وابتعاد بعض المواطنين عن القيم والأخلاق، في سبيل استعادة هذه القيم، وبث روح التسامح في مختلف البلدات الفلسطينية بالداخل المحتل.
وأشار إلى أن هناك لجانًا متعددة تعمل على إفشاء السلام في كل المدن والقرى في الداخل المحتل، إذ تستهدف كل أطياف المجتمع الفلسطيني، وتنفذ الزيارات للمدارس والأماكن العامة وغيرها.
وأضاف إسكندر "نسعى بهذه اللجان إلى إحياء القيم والرجوع إلى أخلاق الدين الإسلامي، وبث روح التسامح بين المجتمع الواحد"، مؤكدًا أن اللجان حققت نجاحات كبيرة يومًا بعد آخر ولاقت تفاعلًا واسعًا.
ولفت إلى أن المبادرة انطلقت قبل أكثر من 6 سنوات، لكن العمل الجدي بدأ فعليًا في إنشاء اللجان المختلفة في كل مدن الداخل المحتل منذ عامين، إذ نفذت العديد من المبادرات والفعاليات والزيارات.
وبحسب قوله، فإن المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل بات يعلق آمالًا كبيرة على هذه اللجان للخروج من الكارثة الكبيرة التي يعيشها الوسط الفلسطيني.
وأعرب عن أمله أن تتسع لجان إفشاء السلام وتصل لكل البلدات الفلسطينية، في سبيل إحياء القيم والأخلاق للحد من الجريمة والعنف، متوقعًا أن يكون نتائج عمل لجان إفشاء السلام الفعلية في قادم الأيام.
التطوير الإصلاحي
ويرى الكاتب والناشط السياسي ساهر غزاوي، أن تشكيل هذه اللجنة "مهم" ويساهم في إفشاء السلام وروح التسامح في البلدات الفلسطينية، خاصة أن عملها يرتكز على التطوير الإصلاحي، منبّهًا إلى أنها ليست بديلًا عن لجان الإصلاح.
وبيّن غزاوي لـ"فلسطين"، أن عمل اللجنة يرتكز على صناعة بيئة تحارب العنف والجريمة المتصاعدة في الوسط الفلسطيني بالداخل المحتل، لكونها تنشر أجواء السلام والتسامح والترابط.
وقال: إن هذه اللجنة تحتاج إلى تعزيز ومساندة من جميع التيارات السياسية واللجان الشعبية في كل البلدات الفلسطينية، حتى تحصد الثمار الإيجابية لها في المرحلة القادمة، مشيرًا إلى أن هذه اللجنة لها أثر إيجابي.
ولفت إلى أن استمرار النشاط والجهد من هذه اللجنة يعطي مؤشرات كبيرة بنجاحها، وأن تولي الشيخ رائد صلاح لهذه المهمة يعد "أمرًا مهمًا، وله انعكاس واضح" لكونه شخصية وازنة وفاعلة وله تأثير على المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل.
وبيّن أن استمرار تحركات اللجنة والشيخ "صلاح" أثار حفيظة مؤسسة الاحتلال الأمنية مما جعلها تشن هجومًا عليه وعلى اللجنة، في سبيل الضغط عليها ووقف عملها، لكون سلطات الاحتلال تسعى لبث الفتنة بين أروقة المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل.