تزامنًا مع دعوة رئيس السلطة محمود عباس الأمناء العامين للفصائل لعقد اجتماع بتاريخ 30 تموز/ يوليو الجاري بالعاصمة المصرية القاهرة، ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على مدينة جنين، فإنه يشنُّ حملة اعتقالات سياسية واسعة ضد نشطاء حركتي حماس والجهاد بالضفة تحديدًا في جنين، متجاهلًا في الوقت ذاته دعوات تحقيق الوحدة الوطنية، ما يجعل احتمالية فشل اللقاء كبيرة، كما يرى سياسيون.
ويعتقد محللون سياسيون وقادة فصائل تحدثوا لصحيفة "فلسطين" أنّ الدعوة لعقد هذا اللقاء ليست جدية، إذ تحاول السلطة عبره تخفيف حدة الضغط الشعبي عليها نتيجة صمتها على جرائم الاحتلال بالضفة والتي كان آخرها العدوان على جنين، إضافة إلى توجيه رسائل للاحتلال للتعبير عن رفض سياسة حكومته بالضفة.
ويأتي اللقاء بعد لقاء سابق للأمناء العامّين عُقد بالتزامن بين بيروت ورام الله، أُعلن عن مخرجاته في 3 سبتمبر/ أيلول 2020، أكد "الأمناء العامون" في لقائهم توافقهم على تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن تُوفّر اللجنة التنفيذية لها جميع الاحتياجات اللازمة لاستمرارها، لكن لم تُنفّذ، ما يطرح تساؤلات عن مصير البنود الجديدة للّقاء المرتقب.
تشتيت الجهد
ورأى الكاتب والمحلل السياسي عماد محسن أنّ الملاحقة الأمنية للنشطاء السياسيين، وأبناء الفصائل الفلسطينية من شأنها أن تُشتّت الجهد الوطني الذي ينصب على مواجهة الاحتلال من جهة، ويحُول بين المتحاورين في القاهرة، وبين مساعيهم لتحقيق الوحدة الوطنية، وتعزيز الشراكة الفلسطينية وإنهاء الانقسام من جهة أخرى.
اقرأ أيضًا: بالفيديو "برا.. برا".. مواطنون يطردون القيادي بفتح محمود العالول من جنازة شهداء جنين
وعدّ محسن في حديثه لصحيفة "فلسطين" الاعتقال السياسي بأنه "فعل غير أخلاقي وغير قانوني"، وينبغي مواجهته وأنه "جريمة لا تسقط بالتقادم"، عادًّا من يحول بين الإنسان وحريته ومعتقده وحقه في التعبير عن الرأي ومقاومته للاحتلال، "هو بالتأكيد آثم على المستوى الوطني، والأخلاقي".
وعن سبب ذهاب رئيس السلطة للقاء القاهرة دون تهيئة المناخ الفلسطيني لإنجاحه، نبه أنه مع كل أزمة سياسية تلجأ السلطة إلى لقاء الفصائل للتخفيف من وطأة الضغط الشعبي، والتهرب من الفعل الميداني المطلوب لمواجهة الاحتلال، وذرّ الرماد في عيون الفصائل والمتابعين، ثم ينتهي اللقاء بورقة سياسية لا يُنفّذ منها سطر واحد.
استمرار اللقاءات والحوارات التي تُفضي إلى لا شيء في كل مرة، سيساهم –كما رأى محسن- في فقدان مصداقية هذه الحوارات، وسيُعزّز القول أنّ ما يحدث هو إدارة للانقسام وليس محاولات جادة لإنهائه.
وشدد أنه بدون اتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وتحديد موعد الانتخابات العامة وتصويب مسار وهيكلة منظمة التحرير والاتفاق على برنامج سياسي ونضالي موحّد، فإنّ كل جهود التحاور ستكون في مهب الريح.
خلاف سياسي
أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل فيرى أنّ اللقاء يحمل جانبين: الأول أنّ الناس تنتظر تحركًا إيجابيًّا في اتجاه ترميم الوضع الفلسطيني خصوصًا في ظل الأزمة العميقة التي تضرب دولة الاحتلال، وفي ظل الممارسة الفاشية للاحتلال بالضفة، ومن جانب آخر إثارة تساؤلات حول ما يمكن أن يحدث في هذا الاجتماع، بالرغم من أنّ الاجتماع الأول لم تُنفذ قرارته.
وقال عوكل لصحيفة "فلسطين": إنّ "نفس العوامل التي أدت لفشل اتفاقات المصالحة، هي التي تقود لفشل اللقاء القادم طالما أنّ الخلاف السياسي لا يزال قائمًا، وكذلك نهج السلطة تجاه البحث عن حل الدولتين والمفاوضات مع الاحتلال ودور الأمريكان في القضية".
وشدد على أنّ نجاح الحوار يحتاج مقدمات مثل إنهاء الاعتقال السياسي، "ولكنّ المؤشرات الحالية سلبية في ظل الاتهامات والملاحقة وممارسة الاعتقالات السياسية".
من ناحيته شدّد القيادي في الجبهة الشعبية أسامة الحاج أحمد أنه يفترض تهيئة الأجواء وتمهيد الطريق بأجواء إيجابية لعقد اللقاء، مطالبًا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والاتفاق على برنامج وطني مشترك في اللقاء.
وقال الحاج أحمد لصحيفة "فلسطين": "لا داعي لإجراء حوارات وطنية جديدة، بل يجب تطبيق ما جرى الاتفاق عليه في اللقاء السابق للأمناء العامين الذي عُقد في بيروت ورام الله، ومنها تشكيل قيادة وطنية موحدة، والتخلي عن أوسلو".
وأكد أهمية اللقاء الذي يعقد في ظل حالة انقسام سياسي وجغرافي، ما يتطلب من جميع المشاركين في اللقاء العمل على استعادة الوحدة الوطنية، عبر الاتفاق على برنامج وطني مشترك يفضي إلى إنهاء الانقسام.