تقضي الشابة وفاء بدوان يومها بين أدوات الحف والقص وريشة تروي انحناءات الحروف العربية بأشكال مختلفة من الأدب العربي.
بدران (26 عامًا) فتاة حالمة طموحة، تسكن في رام الله، خريجة اللغة العربية من جامعة بيرزيت، قادتها الصدفة إلى حلمها بإطلاق مشروعها "أدب على خشب".
تقول لصحيفة "فلسطين": "أعشق الخط العربي وعملت على تطوير موهبتي في هذا المجال، فارتبط مشروعي به. وقد وصلت إلى الفكرة صدفة بعد شرائي قطعة خشب مارست عليها موهبة الخط، ومن هنا انطلقت".
وتوضح أن المشروع انطلق في سبتمبر 2021 بعد أن أتممت دورة في الخط العربي في إحدى مراكز رام الله وعمقت معرفتها أكثر عبر منصة يوتيوب.
وتقول: "كمحبة للخط العربي، وخاصة الخط الديواني الذي يتميز بأشكاله الجميلة والمعقدة، كتبت عبارات على قطعة خشب اشتريتها من إحدى المحال التجارية، واستثمرت إبداعها بصورة نشرتها على موقع فيسبوك نالت إعجاب الكثيرين".
ولم تقتصر الفنانة الشابة على ذلك، بل استخدمت مجموعة متنوعة من التقنيات في أعمالها الفنية على الخشب، فاستخدمت أدوات الكتابة التقليدية مثل القلم والحبر السائل، والريشة، إضافة إلى تقنيات مبتكرة مثل الحفر والورد والشمع والقش وجذوع الأشجار لإضفاء لمسة جمالية على الأعمال، إضافة إلى تصميمات هندسية معقدة وزخارف جميلة لإبراز جمالية الخط العربي وإضفاء طابع فني فريد على الأعمال.
ولعشقها الخشب في كل شيء بدءًا من الأثاث، وأواني المطبخ، والتحف، اختارته مادة أساسية لكونه يعد عن الطبيعة ويستخدم في العديد من الأعمال الفنية المحببة لجميع الفئات.
وتبدأ بدران أولى مراحل إنتاج قطع الخشب الأدبية بشراء خشب الصنوبر من المناجر، لتشرع في عملية حفه إلى أن يصبح ملمسه ناعمًا ويمكن الكتابة عليه، ثم تدخل القطعة في مرحلة الحفر التي تكون حسب صنف القطعة، وتليها عملية الدهان لتظهر بلمعان وتُحفظ من العوامل المؤثرة كالرطوبة والهواء وغيرها. وبعد ذلك تأتي مرحلة الكتابة ثم التربيط باستخدام حبال الليف والتزيين والتغليف لتصل للزبون.
وتوضح أن كل الذي تدوّنه على الخشب مقتبس من أبيات شعرية حديثة أو قديمة أو خواطر من بنات أفكارها. كما تكتب في بعض الأحيان آيات قرآنية وعبارات عربية بليغة.
وتتنوع أحجام وأشكال القطع الخشبية التي تنتجها بألوان أقرب إلى الطبيعية تزينه بالألوان الزيتية لإضافة لمسات فنية وتأثيرات مختلفة. وتشمل القطع الفنية من "أدب على الخشب"، المعلقات والتحف التي تناسب جميع المناسبات مثل حفلات الخطوبة والأعراس وأعياد الميلاد، وغيرها.
وترفض بدران الكتابة على الخشب بلغات أخرى، فيه شائعة على البطاقات والأكواب والأدوات المكتبية، "بخلاف العربية الفصيحة. فبهذا المشروع أساهم في نشر الأدب وأسماء شعراء كبار من العصر العباسي والجاهلي والأندلسي لديهم زجالة في اللغة ولا يعرفهم الجيل الجديد عنهم شيئًا".
وتدين بدران بنجاح مشروعها إلى عائلتها، "قد كانت الداعم الوحيد والمستمر لي، إضافة إلى حب الزبائن وإقبالهم على هذا الفن الجميل، فعندما لاحظت أن هناك طلبًا يتجاوز الأسرة، قررت الانطلاق بالمشروع للجميع مستعينة بشركة لتوصيل الطرود إلى جميع مدن فلسطين".
وعن التحديات التي واجهتها تشير إلى ارتفاع سعر الأخشاب والمواد والأسعار وقلة رأس المال، وعدم وجود مكان لتخزين المواد والخشب، "كلها تحديات واجهتها وتغلبنا عليها ونعمل كل جهدنا على نجاح المشروع".
ولبدران رؤية مستقبلية، إذ تطمح بأن تفتح أكاديمية أدب على خشب لتعليم الخط وعقد دورات فنية، ننشر عبرها الخط العربي، "ليصبح في كل بيتٍ خطاط، يعلم ويعمل بفنون الخط العربي فنحيي أمجاد لغتنا وأدبنا العريق".