قائمة الموقع

نشأت عرفات آخر صانعي العربات الخشبية في نابلس

2023-07-16T09:57:00+03:00
نشأت عرفات آخر صناعي العربات الخشبية في نابلس

أينما أدرت وجهك وسرت في البلدة القديمة بمدينة نابلس تجد عربات خشبية متعددة الأحجام والأغراض بين بائع متجول يعرض عليها بضاعته، وعامل يجرها ويستخدمها لأغراض العتالة.

في سوق الحدادين بحارة الياسمينة، تقع منجرة "نشأت عرفات" وهي الوحيدة التي تصنع تلك العربات

التي ارتبطت نابلس أكثر من غيرها من المدن الفلسطينية، وقد ورث أصول صناعتها عن والده.

عمر الحاج عرفات من عمر النكبة (75 عامًا)، ولكنه لا يزال يصر على التواجد في منجرته، والإشراف، ومساعدة ابنه رائد في أعمال النجارة.

توريث الحرفة

يقول لـ"فلسطين": "منذ أن كنت في العاشرة من عمري أرافق والدي في منجرته التي لا تزال قائمة، وعمرها تخطى 90 عامًا، وتعلمت أصول المهنة وورثتها لابني حتى لا تندثر، رغم أنه هذه الحرفة قد تكون شبه اندثرت لأن جميع مصنعي العربات أغلقوا محلاتهم، أو تحولوا لأعمال نجارة أخرى".

ويضيف: "قديمًا هذه العربات كانت شائعة الاستخدام بكثرة، يستخدمها الباعة المتجولون وأعمال العتالة، ولكن اليوم أصبح الطلب عليها موسميًا وشحيحًا للغاية، ومع ذلك لا يزال محافظًا على صناعته حتى لا تندثر".

ويبين عرفات أن صناعة العربات الخشبية قديمًا لبدائية الماكينات المستخدمة كانت تجهيزها يحتاج إلى أسبوعًا باستخدام المنشار، والحفار، والصمغ الحيواني، والنباتي، ولكن في ظل التطور التكنولوجي أدخل الآلات الحديثة الأكثر دقة في صناعة الخشب، والصمغ الكيميائي، فباتت صناعتها لا تستغرق ثلاثة أيام.

وعن المراحل التي تمر بها هذه الصناعة، يوضح أنه يتم اختيار نوع الخشب من الزان، والسويد، أو نوع آخر أقل جودة حسب طلب الزبون، ومن ثم يتم قص الخشب وتثبيت القطع بالغراء والمسامير، ولاحقا تركيب العجلات، ومن ثم تدهن بألوان طلاء محددة متعارف عليها.

والطلب الضعيف على العربات الخشبية، دفع عرفات وابنه رائد إلى إدخال صناعة السلالم، والنوافذ الخشبية، وتوابيت الموتى إلى حرفته، لمواصلة العمل وتأمين لقمة العيش لعائلته، وأطفاله.

تحديات

وعن التحديات التي تواجه استمرار مهنة تصنيع العربات الخشبية، يذكر عرفات أن غلاء أسعار الأخشاب حاليًا، أدى إلى ارتفاع أسعار العربات، لافتًا أنها قديمًا كانت تكلفتها لا تتعدى 7 دولارات، أما اليوم تتجاوز 280 دولار، ويفوق قدرة الزبائن على شرائها.

ومنعًا لاندثارها يعمل رائد (37 عامًا) ابن آخر صانعي العربات الخشبية في منجرة أبيه، مشيرًا إلى أنه لم يكمل دراسته وأراد احتراف أعمال الصناعات الخشبية مذ كان في الـ17 من عمره.

ويقول رائد لـ"فلسطين": "أتقن هذه مهنة صناعة العربات الخشبية جيدًا رغم أن العمل فيها تراجع بشكل لافت، إذ قد يمر شهران دون صناعة عربة خشبية واحدة، لذا تعلمت صناعات خشبية أخرى أعيل بها أسرتي وأطفالي".

وفيما يتعلق بسعرها، يوضح أن سعر العربة الواحدة يصل لـ1000 شيقل، في حين كانت تباع سابقًا بأسعار أقل بكثير، في إثر ارتفاع الأدوات المستخدمة في صناعتها، مشيرا إلى أنه يبيع العربات ليس لطالبيها في مدينة نابلس فقط بل لمدن القدس والخليل ورام الله.

ويتوقف حجم العربة على المكان الذي ستذهب إليه، كما يوضح رائد، ففي مختلف المحافظات يبلغ قياس الموحد للعربة (1م*62 سم)، بينما في القدس (1.5 م*53 سم) ويعود السبب في ذلك إلى الحواجز ينصبها جيش الاحتلال داخل أزقة البلدة القديمة في القدس المحتلة وشوارعها بما يمنع دخول عربات كبيرة الحجم من الأماكن المخصصة للعبور.

ويرى رائد في صناعة العربات الخشبية موروثاً شعبياً نابلسيا، عوضًا عن كونها مصدر دخل للعديد من العائلات محدودة الدخل التي تمتهن ببيع الخضروات وألعاب الأطفال والحلويات عليها من خلال التجول في الحارات الضيقة والأسواق.

اخبار ذات صلة