في الوقت الحالي نعد فيه الأيام بل الساعات وبالدقائق والثواني عدا تنازليا لشطب الانقسام من عقولنا وتاريخنا لفتح صفحة ناصعة البياض لإحلال المصالحة وعودة المياه لمجاريها، وقد لمسنا هذا من قرار حكومة الحمد الله قبل ايام قليلة لعقد جلستها الأسبوعية الثلاثاء القادم لأول مرة منذ احد عشر عاما في غزة، وأن رئيس الوزراء وجميع الوزراء سيصلون غزة الاثنين القادم لبدء تسلم حكومة الحمد الله مسؤولياتها بعد أن حلت حركة حماس اللجنة الإدارية، ودعت الحكومة إلى تسلم مهامها في قطاع غزة، كخطوة أولى نحو إنهاء هذا الانقسام وتحقيق المصالحة والتراجع عن الإجراءات العقابية ضد غزة والتي نأمل بأن تكون متزامنة مع عقد الحكومة لجلستها الأسبوعية الثلاثاء القادم في غزة كما وعدت .
ما لمسناه هذه المرة يختلف عن المرات السابقة وهي بناء الثقة بين الطرفين، فقد ردت حركة حماس ردا ايجابيا على هذه الخطوة من قبل الحكومة، باستلام مهامها والقيام بمسؤولياتها في قطاع غزة، مما يبشر بالخير بتعاطي وتجاوب حركة حماس مع الحكومة لإنجاح مهامها، وليس ادل على ذلك من الاجتماع الذي عقدته حركة حماس مع كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي وأطلعتهم على زيارة وفد الحركة برئاسة رئيس المكتب السياسي لجمهورية مصر العربية الشقيقة الراعي الرئيس للمصالحة والتفاهمات التي تمت على صعيد التحرك من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة لمواجهة التحديات التي تواجه قضية شعبنا الوطني، وخاصة ممارسات وانتهاكات الاحتلال على الأرض لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتحقيق الرؤية الدولية بحل الدولتين.
أعتقد أن المصالحة تمضي بخطوات عملية وسريعة لا تراجع عنها من أي طرف على خلاف المرات السابقة، بدليل أن هناك أنباء تسربت بأن الجانبين فتح وحماس أوعزا لتنظيميهما بعدم التشكيك في خطوات المصالحة، والالتزام بكل ما من شأنه إنجاح هذه المصالحة وصولا إلى إنهاء الانقسام المدمر والمشؤوم، الذي يعتبر نكبة جديدة لشعبنا وفق المقاييس والمعايير المحلية، اضافة لذلك تأكيد نيكولاي ملادينوف المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط على استعداد الأمم المتحدة لإرسال فريق أممي للمساعدة في المصالحة وتمكين حكومة الوفاق من العمل في قطاع غزة.
ان إنهاء الانقسام المدمر والذي أضر بالقضية الفلسطينية محليا وإقليميا وعالميا لدرجة أنها _أي القضية الفلسطينية_ لم تعد تحتل سلم الأولويات حتى لدى الدول العربية والإسلامية التي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى وجوهر الصراع في المنطقة والتي بدون حلها لا يمكن للأمن والسلام أن يتحقق، لذا من العيب استمرار انقسام الوطن سياسيا وجغرافيا، الأمر الذي رفضه شعبنا ودفع ثمنه غاليا على مدار سنوات هذا الانقسام العجاف، لابد له اليوم ان يزول وإعادة الوحدة لشقي الوطن التي بدونها لا يمكن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وتحرير الاسرى من سجون الاحتلال.