تستنفد طاقاتنا خلال ساعات النهار في ملاحقة الأطفال والاستماع إلى شكواهم، ونصل إلى نقطة نفقد فيها السيطرة على أعصابنا، وهي حالة طبيعية، وفق د. لاورا ماركهام المتخصصة بعلم النفس وخبيرة تربية الأطفال.
وتوضح في مقال بمجلة "سايكولوجي توداي" الأميركية أنّ الآباء يواجهون تصرفات مستفزة من الأطفال، ودون وعي منهم، يضطر الوالدان لتوجيه كلام لأطفالهم في حالة من الغضب لم يكونوا يتوقعوا أن يتفوّهوا به.
وتعزو ماركهام السبب إلى التوتر الذي يُصيب الآباء ويُفقدهم تركيزهم في ظلّ الأعباء التي تُثقل كاهلهم، ويجعلهم يصلون إلى أقصى درجات الاحتمال، فينفد صبرهم.
وإذ تؤكد أنه لا يمكن الحيلولة دون التعرُّض للتوتر العصبي بفعل نمط الحياة العصري الذي يفرض علينا مواجهة مثل هذه الوضعيات، "ولكن أيضًا لا يمكن تلافي التصرفات الطفولية الطبيعية التي يقوم بها أولادنا"، تضع "ماركهام" مجموعة من الطرق التي يمكن اعتمادها حتى نتجنب قول وفعل أمور نندم عليها لاحقًا:
التوقف والانسحاب والتنفس
هذه المرحلة تتمثل في أن تتوقف عن كل شيء كنت بصدد فعله، والتوقف عن الكلام، ومن ثمّ الانسحاب من المكان ومحاولة تجاهل تصرف طفلك الذي أثار غضبك.
عقب ذلك، لا بد أن تحاول التنفس بعمق من أجل تهدئة نفسك، والاستنشاق عبر الأنف والزفير عبر الفم، والعد إلى الرقم 10، فغالبًا ما يحول وعينا بطريقة تنفسنا دون فقداننا للسيطرة على أنفسنا، ويسمح لنا بانتقاء الأسلوب الأمثل للتعامل مع طفلنا.
اسمح لعاطفتك بالتغلب على غضبك
تعتبر الكاتبة أنّ أصعب جزء من عملية تهدئة النفس الوصول إلى حالة من الهدوء التام، فعندما نكون في قمة غضبنا، نميل للتصرف بعدائية وليس بهدوء، ولكن يجب علينا في هذه الحالة اتخاذ خيار واعٍ، ألا وهو التخلص من الغضب وتبنّي موقف أكثر اتزانًا.
غيّر طريقة تفكيرك
ويُنصح في هذه المرحلة بتجاهل حالة الطوارئ، التي تعلنها الناقلات العصبية في الجسم، وذلك من خلال توجيه تركيزنا نحو صورة ذهنية معينة، تجعل أعصابنا تسترخي وتُحفّز عاطفتنا تجاه أطفالنا.
وهذه الحالة يمكن بلوغها من خلال إخبار أنفسنا بأنّ طفلنا "يتصرف بشكل طفولي لأنه بكل بساطة لا يزال صغيرًا، أو هو فقط يظهر لي أنه يحتاج لمساعدتي، أو أنّ هذا الأمر ليس طارئًا".
دع جسمك يسترخي
في هذه المرحلة، لا بد من متابعة تفاعلات الجسم، ونسق التنفس وحالة الضيق التي تنتابنا، حاول التخلص من كل هذه المشاعر السلبية من خلال تحويلها إلى عواطف إيجابية من شأنها أن تجعل جسمك يسترخي، ويمكنك تحريك الجسم للتخلص من حالة التشنج والتصلب، ورش الوجه بالماء، وتحريك اليدين.
بعد أن تهدأ
في هذه المرحلة يمكن العودة إلى الطفل، وفتح الحوار معه من جديد، وذلك حتى تعيد رسم الحدود ووضع القواعد الأساسية التي يجب عليه احترامها، أو التكلم معه حول ما حدث.
ويمكن لأحد الأبوين في هذه الحالة أن يقول له "أنا آسف، رفعت صوتي، لقد كنت متوترًا جدًّا، وما كنت أريد قوله هو أنني أشعر بالقلق من إمكانية أن نتأخر إذا لم نغادر خلال خمس دقائق، ولذلك أريدك أن تلبس حذاءك حالًا، وسأساعدك في هذا الأمر، دعنا نعمل معًا".
وتؤكد الكاتبة أنّ هذه الخطوات الخمس يمكن أن تجنب الآباء والأمهات فعل وقول أشياء قد يندمون بشأنها لاحقًا، وعلى الرغم من أنها قد تبدو بسيطة، إلا أنّ تطبيق هذه الخطوات ليس بالأمر السهل، خاصة في البداية.
ولكن كل مرة يستخدم أحد الوالدين تقنية التوقف والانسحاب، والسماح للعاطفة بالتغلب على الغضب، يكون بصدد إعادة برمجة طريقة تفكيره، ليصبح الالتزام بهذا الأسلوب أسهل مع الوقت.