فلسطين أون لاين

بالصور مدين حلس يعيد تدوير الإطارات التالفة لمنتجات صناعية

...
مدين حلس يعيد تدوير الإطارات التالفة لمنتجات صناعية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

عقبات عدة اجتازها الشاب مدين حلس؛ في سبيل وصوله إلى حلمه لتنفيذ المشروع الأول من نوعه في قطاع غزة، والقائم على تحويل إطارات السيارات التالفة إلى مطاط مطحون، والاستفادة منه في عدة مجالات صناعية.

"حلس" خريج جيولوجيا بيئة ومصادر المياه من كلية العلوم بجامعة الأزهر، بدأ التفكير في مشروعه الخاص في شهر يونيو لعام 2021م، عندما لمس انتشارًا واسعًا لهذه الإطارات في محيطه، إذ تُرمى في القمامة دون الاستفادة منها خاصة في حي الشجاعية حيث يسكن.

وبحكم دراسته الجامعية يدرك الشاب البالغ (27عامًا) أنّ "الكاوتشوك المستعمل" يُعدُّ في بلاد العالم المتقدم "كنزًا أسودًا" حيث تستورده بعضها وتعيد تدويره، "أما في غزة فنحن إما نحرقه أو نرميه في الشارع، ولا نستفيد منه، سوى بشيء بسيط".

ويلفت إلى أنّ الكاوتشوك التالف في غزة يقتصر استخدامه في المتنزهات كزينة، "فأردتُ أن أعيد تدويره، لكنني اصطدمتُ كغيري ممن يريدون تنفيذ مشاريع مستحدثة بغزة بوجود هوة بين التفكير والتطبيق العملي، وسيل من التحديات والمشاكل التي اعترضت تنفيذ فكرتي".

تدوير إطارات (1).jpg

كانت المشكلة الأولى منع سلطات الاحتلال دخول الآلة التي تعيد تدوير "الكاوتشوك" بذريعة أنّ له "استخدامات متعددة ويمكن من خلاله إعادة تشكيل الحديد ومواد أخرى قد تُشكّل عليها خطرًا"، لكنّ "حلس" اجتاز تلك العقبة بتجميع كل المعدات التي يمكن أن يصنع منها هذه الآلة.

ويضيف: "أحضرت الشفرات والبكرات والموتور والقير وآلة التحكم من عدة أماكن، وقمت بصناعة الآلة بنفسي"، مبينًا أنّ تكلفة صناعة الآلة بلغ أربع آلاف دولار، وقد احتاج وصولها إلى الكفاءة التي تعمل بها العديد من التجارب والتطوير.

تطوير مستمر

ولم يرد حلس أنْ يُغامر بصناعة آلة كبيرة الحجم؛ خشية أن يفشل في مشروعه، فيتكبّد خسائر فادحة، "وبالتطوير المستمر أصبحتُ قادرًا على إنتاج كمية جيدة".

ويعمل "حلس" في أرضٍ مملوكة لعائلته، حوّلها إلى ورشة خاصة به، حيث يقوم بإنتاج أربع منتجات أساسية من "الكاوتشوك"، فأولّاويعمل "حلس" في أرضٍ مملوكة لعائلته، حوّلها إلى ورشة خاصة به، حيث يقوم بإنتاج أربع منتجات أساسية من "الكاوتشوك"، فأولًا حبيبات المطاط، وهي جزء أساسي من تكوين الملاعب الرياضية الصناعية، إذ توضع فوق العشب الصناعي لتحمي اللاعبين من الصدمات والتزحلق، وقد أصبح معروفًا للمختصين بصيانة الملاعب، ويعمل على توفير الكميات التي يحتاجونها من تلك الحبيبات.

تدوير إطارات (2).jpg

المنتج الثاني هو بودرة المطاط وتأتي، وفق حلس، على شكلين أحدهما يسمى بـ "حبيبات السمسم"، والآخر "حبيبات السكر"، وهي تدخل بنسب معينة في خطوط إنتاج المصانع التي تنتج المنتجات المطاطية كعجلات الألعاب والدواسات.

ويقول: "تستخدم بودرة حبيبات السمسم في مصانع إنتاج الأدوات المنزلية والزراعية، وهي من المواد الموضوعة على قوائم المنع الإسرائيلي، أما بودرة حبيبات السكر فتُستخدم لإطالة عمر إطارات السيارات في ظل شحّها، وغلو أسعارها في السوق المحلي، فيعمل أصحاب ورش بناشر المركبات على خلطها بالغراء لسدّ فتحات وتشققات الإطارات للحيلولة دون تلفها".

ثالث منتجات "حلس" هي أسلاك الفولاذ الموجودة في إطارات السيارات، وهذه بيعها كـ"خردة"، لإعادة استخدامها وصناعة "نوابض" و"زمبركات" منها.

أما رابع المنتجات فهو النسيج والخيوط الموجودة في "الكاوتشوك"، والتي تدخل في صناعة التربة الصناعية الخاصة باستخدامات الزراعة العضوية.

تدوير إطارات (3).jpg

ويقول حلس أنه يعمل على مبدأ "صفر نفايات"، بإعادة تدوير الإطارات للاستفادة من كل جزء وتكوين فيها.

ويعتمد الشاب في جمع "الكاوتشوك" على الباعة المتجولين الذين يجوبون شوارع القطاع على عربات "الكارو"، ويجمعون من خلالها الخردة من ألمونيوم ونحاس وبلاستيك، وباتوا يجمعون الإطارات التالفة مقابل عائد مالي أدفعه لهم.

ورغم عدم قناعة الكثيرين ممن حوله بالمشروع الذي ظلّ غير معلن عامين، وطلبهم منه الالتفات إلى شيء أفضل، "إلا أنني صمّمت على الاستمرار فيه حتى وصلت إلى النتيجة التي أريدها بتأسيس مشروع هو الأول من نوعه في غزة وحتمًا سيتطور".

ويؤمن حلس بأنه في بداية الطريق وحاجة المشروع للتطوير، "وهذا حال البدايات فلا يوجد شيء سهل في الحياة، والاجتهاد والتركيز والسير خطوة بخطوة يُوصل كل حالمٍ إلى هدفه".