فلسطين أون لاين

أسرى ضحية تكامل الأدوار بين السلطة والاحتلال

تقرير هكذا تورطت السلطة في اعتقال الاحتلال لشبان "منجرة بيتونيا"

...
أجهزة السلطة تواصل حملات الاعتقال السياسي بالضفة
غزة/ يحيى اليعقوبي:

على نفس الملف الذي اعتقل عليه عند أجهزة أمن السلطة لنحو ستة أشهر معظمها قضاها بـ "مسلخ أريحا"، يحاكم الاحتلال الأسير أحمد هريش هو وأحمد خصيب وجهاد وهدان وخالد نوابيت، وباتوا ضحية لسياسة تكامل الأدوار بين السلطة والاحتلال، إذ تورطت أجهزة أمن السلطة في ملف اعتقالهم لدى الاحتلال عبر جمع معلومات عنهم تحت وطأة التعذيب.

في السادس من حزيران/ يونيو 2022 اعتقل أمن السلطة هريش وخصيب ووهدان ونوابيت فيما عرف بقضية "منجرة بيتونيا"، وأفرج عنهم على فترات ما بين ثلاثة إلى خمسة أشهر كان آخر المفرج عنهم أحمد هريش في 9 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، خاض في أثنائه مع رفاقه إضرابًا مفتوحًا عن الطعام استمر لمدة 47 يومًا.

بعد ثلاثة أشهر من الإفراج عنه من سجون السلطة، بدأت السلطة في 28 مارس/ أذار الماضي ملاحقة "هريش" واستمرت في مطاردته لمدة 63 يومًا، وعندما فشلت في اعتقاله، تفاجأت شقيقته "أسماء" وعائلتها بإبلاغهم من الاحتلال باعتقاله في 30 مايو/ أيار الماضي خضع في أثنائها لتحقيق في زنازين الاحتلال لمدة 46 يومًا، قبل أن يصدر أول أمس، حكمًا بسجنه لمدة ستة أشهر إداريًا.

خدمة الاحتلال

"منذ مطاردته من السلطة، ونحن نمنع من سماع صوته أو رؤيته أو حضور جلسات المحاكم، لكننا علمنا أنه نُقل للمشفى أكثر من مرة، بسبب وضعه الصحي المتدهور"، تقول هريش لصحيفة "فلسطين".

وأوضحت نقلًا عن المحامي بأن اعتقال شقيقها وظروف التحقيق معه لدى الاحتلال كانت على نفس المعلومات والقضية لدى أمن السلطة، وكأن أمن السلطة "وجدت لخدمة الاحتلال" كما أضافت.

ويعاني هريش -وفق شقيقته- وضعًا صحيًا مأساويًا، فالأطباء أوصوا بعدم اعتقاله إذ يتناول 16 نوعًا من الأدوية لمعالجة آثار التعذيب التي تعرض لها لدى السلطة، تردف بقهر: "حتى أن محققي الاحتلال استغربوا من حالته الصعبة التي لم يعتادوا عليها في أثناء اعتقالاته السابقة لدى الاحتلال والتي بلغت ست سنوات".

على ذات قضية هريش، اعتقلت أجهزة أمن السلطة خالد نوابيت وهو من سكان قرية "برقة" قضاء رام الله، لمدة ثلاثة شهور ونصف، لكنه لم يمض على الإفراج عنه أكثر من ثلاثة أسابيع حتى أعاد الاحتلال اعتقاله في 22 نوفمبر/ تشرين ثاني 2022، وهو لا يزال مغيبًا عن أطفاله الأربعة وزوجته.

في عام واحد تنقل بين سجون الاحتلال والسلطة، عاش نوابيت مع أطفاله ثلاثة أسابيع فقط، تصفها زوجته "أم يحيى" لصحيفة "فلسطين" بأنها "فترة صعبة غاب فيها عن أطفاله وبيته، إضافة لكونه مريض قلب".

اقرأ أيضاً: ملثمون من أجهزة السلطة يعتدون على ذوي معتقل سياسي

وأضافت بنبرة ممزوجة بالقهر: "زوجي لم ير أطفاله، وأولاده يعيشون بحالة نفسية صعبة، فمنذ ثمانية أشهر يعتقله الاحتلال، ونعيش بنفس المعاناة من اعتصامات ومناشدات لمؤسسات حقوق الإنسان، فضلًا عن أن زياراتنا له غير منتظمة بسبب نقل الاحتلال له من سجن لآخر وبالكاد نستطيع زيارته مرة كل ثلاثة أشهر".

تعيش العائلة حياة تصفها أم يحيى بأنها "وراء قضبان" تمر على أطفالها مواقف ومحطات يحتاجون والدهم الذي أمضى ثماني سنوات سابقة لدى الاحتلال ولا يجدونه.

ومنذ اعتقاله أصدر الاحتلال حكمًا بسجنه ستة أشهر إداريًا، وبعد انتهائها جدد اعتقاله لستة أشهر أخرى، بالرغم من خطورة حالته الصحية وحاجته لإجراء عملية قلب مفتوح.

توسيع دائرة الاعتقال

أما محمد علاوي، من مدينة نابلس فهو جرب الاعتقال لأول مرة لدى السلطة لمدة ستة أشهر، وبعد الإفراج عنه اعتقله الاحتلال في 9 مارس/ أذار الماضي.

تقول والدته لصحيفة "فلسطين": "اعتقلت السلطة ابني بدون سبب وجرى تحويله إلى سجن أريحا، وعانى من التحقيق والشبح، ونحن في غيابه عانينا كثيرًا، كما أنه لم يستطع الحضور لتشييع جدتيه اللتين توفيتا في أثناء اعتقاله لدى السلطة التي رفضت الإفراج عنه للمشاركة في الجنازة".

تحت بند "ملف سري" يُعتقل نجلها عند الاحتلال الذي أصدر حكمًا بسجنه إداريًا لمدة ستة أشهر، لكن والدته تؤكد أن الملف يحمل ذات المعلومات الموجودة لدى السلطة.

من ناحيته، يقول المحامي في مجموعة "محامون من أجل العدالة" ظافر صعايدة: إن "الإجراءات التي تقوم بها السلطة في ملاحقة الناس، وخاصة الذين يعتقلون لأول مرة، تساهم كثيرًا بفتح ملفات لدى الاحتلال".

وأشار صعايدة لصحيفة "فلسطين" أن الكثير من المعتقلين يُعاد اعتقالهم من الاحتلال بناءً على المعلومات التي جمعتها عنهم السلطة، مثل قضية منجرة "بيتونيا" الذين أحيلوا للاعتقال الإدارية، وعدها قضية ملفقة، تورط الناس في قضايا ووقائع لم يرتكبوها.

اقرأ أيضاً: صحيفة "فلسطين" تكشف عن أدوات السلطة بتصفية معارضيها بالضفة

وأوضح أن هناك الكثير من المعتقلين لدى السلطة يُضغط عليهم عبر التعذيب من أجل أن يقوموا بالاعتراف على أشياء لم يفعلوها، بدليل تحويلهم لدى الاحتلال للاعتقال "الإداري" لعدم وجود أي تهمة يستطيعون محاكمته عليه، مشيرًا في الوقت ذاته، إلى أن 70% من الذين تعتقلهم السلطة يعيد الاحتلال اعتقالهم.

وإضافة لتسبب الاعتقال السياسي لدى السلطة بالاعتقال لدى الاحتلال، فإن أمن السلطة تقوم بتعريض المطاردين والمقاومين لخطر الاغتيال من الاحتلال عندما تقوم باعتقالهم وكشف هويتهم، كالمعتقل مراد ملايشة وهو مقاوم من "كتيبة جبع" اعتقله أمن السلطة منذ ثلاثة أسابيع.