يتعرض ناشطون سياسيون ومعارضون لسياسات السلطة في الضفة الغربية المحتلة في الآونة الأخيرة إلى حملات تشويه ممنهجة، عبر نشر أكاذيب واتهامات ضدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يثير حالة من الغضب في الأوساط الفلسطينية، وبخاصة بين هؤلاء النشطاء.
وتشير اتهامات هؤلاء النشطاء المستهدفين إلى وجود عناصر تابعة لأجهزة أمن السلطة وحركة "فتح" وراء حملات التشويه، بهدف إثارة حالة من القلق والخوف في الشارع الفلسطيني، خاصة في ظل الجرائم الممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وأظهر فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، عددًا من الناشطين والمعارضين السياسيين يقارب عددهم العشرة، لفقت بعض التهم لهم، مثل التحريض على أجهزة السلطة وحركة "فتح"، وتوريد السلاح، وتحويل الأموال لحركة حماس، وهو ما نفاه هؤلاء النشطاء في أحاديثهم مع صحيفة "فلسطين".
تهم باطلة
ويقول الناشط السياسي عبد الله شتات، وهو أحد الذين طالتهم حملة التشويه: إنّ هذا السلوك طبيعي بالنسبة للسلطة وأجهزتها الأمنية، الذي اعتادوا عليه على مدار سنوات طويلة، واصفًا الفيديو المنشور بأنه "مفبرك".
وأوضح شتات لصحيفة "فلسطين" أنّ التهم المُوجّهة إليه من خلال الفيديو، مثل التحريض على الأجهزة الأمنية وحركة "فتح"، وتوريد السلاح، هي تهم باطلة تهدف إلى بثّ الخوف وإسكات الأصوات المعارضة لسياسات السلطة.
اقرأ أيضًا: "الانتماء السياسي" يعيق وظائف وأعمالًا حرة لنشطاء في الضفة
وأشار إلى وجود عناصر تابعة للسلطة وحركة فتح تسعى لتشويه سُمعته وسُمعة الناشطين السياسيين المعارضين معه، موجّهًا أصابع الاتهام لشخص يعتبره خصمًا معروفًا يلاحقهم ويهددهم بشكل مستمر.
وأعرب عن توقعه بظهور فيديوهات مفبركة أخرى قد تصل إلى مستويات غير لائقة، مبينًا أنّ الهدف الأساسي من هذه الحملات هو بث الفوضى، وإثارة التوتر في الساحة الداخلية.
وبيّن أنّ هذه الحملات هي استكمال لخطوات وأدوات الدولة الديكتاتورية التي تحكم السلطة ولا تسمع الرأي الآخر، مشيرًا إلى أنّ ما يحدث هو "مجموعة مسرحيات تقوم بها جهات محمية من متنفذين".
وعبَّر شتات عن خشيته من ضخّ الفيديوهات عبر وسائل إعلامية أخرى لتوجيه أنظار الاحتلال الإسرائيلي إليهم وتبرير اعتقالهم وزجّهم في السجون، مشددًا: "لن تثنينا هذه الفيديوهات عن مواصلة دورنا ونشر الرواية الحقيقية في الشارع الفلسطيني".
ولفت إلى أنه قدّم بلاغات لمؤسسات حقوقية فلسطينية، تتضمن فحوى التهديد الذي يتعرض له في الفترة الراهنة الذي يصل إلى "إنهاء حياته"، مضيفًا: "لن نلجأ للقضاء لأنه جهاز غير مستقل ولن ينصفنا".
ووصف شتات تعامل السلطة معهم بأنه "تعامل مافيا" تستخدم أساليب العصابات لترهيب المعارضين، مشددًا على أنّ هذا السلوك يخدم بالدرجة الأولى مصالح الاحتلال، لكنه يؤكد أنّ مواصلتهم في النضال والمقاومة لن تتأثر بملاحقة السلطة.
اقرأ أيضًا: "حماس" تدين اعتداء عناصر أمن السلطة على نشطائها في الخليل
مخطط ممنهج
أما الكاتب والمحلل السياسي د. هشام الشرباتي، الذي يتعرض أيضًا لحملة التشويه، فقال: إنّ "هذه الحملة ضد الناشطين والمعارضين ظهرت بعد طرد قيادات من حركة "فتح" خلال مشاركتهم في جنازات شهداء جنين، بالرغم من عدم وجود أيّ دليل ضد أيّ أحد ينتمي لحماس مشارك في الطرد".
وأوضح الشرباتي لصحيفة "فلسطين"، أنّ حملة التشويه شملت تهديدات واستهداف للمقربين من حماس والناشطين في الضفة الغربية، التي من بينها نشر الفيديو المفبرك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف أنّ "هذه الفيديو يتهم الناشطين وأنا واحد منهم بأننا مسؤولون عن مشروع انقلابي في الضفة، وهذا عارٍ عن الصحة".
وبيّن أنّ الفيديو نُشر باسم حركة "فتح" وأجهزة أمن السلطة، معتبرًا ذلك "مخططًا ممنهجًا، يندرج ضمن تصدير "فتح" أزمتها الداخلية باتهامات وهمية لمعارضيها".
وأكد الشرباتي أنّ السلطة وأجهزتها تسعى بهذه الحملة إلى تخويف المعارضين واستهداف مصالحهم بالاعتقال والاستدعاء وغيرها من الممارسات.
وتابع: "هذه الحملة لا تخيفنا وسنتمسك بحقنا في حرية التعبير عن الرأي"، مشيرًا إلى أنه سيتقدم بشكوى إلى مفوضية حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي والمؤسسات الحقوقية.
اقرأ أيضًا: السلطة تحاكم 33 حقوقيًّا وناشطًا اليوم
انعكاسات خطيرة
بدوره، أكد مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" برام الله د. عمر رحال، رفضه استخدام خطاب التحريض والكراهية ضد أي مواطن، داعيًا السلطة إلى عدم الملاحقة والاعتقال على خلفية التعبير عن الرأي.
وبيّن رحال لصحيفة "فلسطين"، أنّ القانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها فلسطين كفلت حق حرية التعبير والرأي، مؤكدًا أنّ الشارع الفلسطيني بحاجة إلى رصّ الصفوف في الوقت الراهن والابتعاد عن خطاب الكراهية والعنف والتخوين.
وشدّد على أنّ الاستمرار على هذا السلوك له انعكاسات خطيرة، ويُعرّض السلم الأهلي والمجتمعي في الشارع الفلسطيني إلى الخطر مما سيلحق الضرر الكبير في مزيد من خلق المزيد من الإشكاليات الداخلية.
ودعا رحال إلى الابتعاد عن أيّ سلوك يُعرّض السلم الأهلي والمجتمعي إلى الخطر خاصة في ظلّ الأوضاع الراهنة التي يمر بها الشارع الفلسطيني من جرائم الاحتلال الممنهجة.