فلسطين أون لاين

تقرير تدهور الردع الإسرائيلي.. خيمتا حزب الله تضعان الاحتلال في مأزق الردع

...
الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة- أرشيف
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تظهر الأحداث الأخيرة تراجع قوة الردع لجيش الاحتلال الإسرائيلي في مواجهة المقاومة الإسلامية في لبنان. فبدلًا من التهديد باستخدام القوة لإزالة خيمتين نصبها حزب الله في منطقة محتلة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، تسري الآن وساطات أمريكية وأممية وفرنسية للضغط على الحزب لإزالتهما.

ويرى مراقبون أنّ هذا التطور يشير إلى تآكل قوة الردع والخوف الذي يعيشه الاحتلال من المقاومة في فلسطين ولبنان.

تلقت القضية اهتمامًا من لبنان و(إسرائيل) والمجتمع الدولي، حيث تخشى هذه الأطراف أن تؤدي إلى تصعيد المواجهة بين الجانبين. ومع ذلك، يرى خبراء عسكريون في لبنان أن هذا التصعيد غير مرجح بسبب التطورات الحاصلة والتي كشفت عن ضعف الاحتلال وتراجعه عن التعامل المباشر مع القضية، واكتفائه بتركها للوسطاء.

اقرأ أيضاً: باحثون أمنيون إسرائيليون: الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله "يتآكل"

ويرى هؤلاء الخبراء أن عدم إزالة الخيمتين يمنح حزب الله ثقة أمام الاحتلال، خاصةً أن المقاومة اللبنانية تسعى لتثبيت سيادة لبنان على هذه الأراضي المحتلة.

وتشهد الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة حاليًا تصاعدًا في التوتر، حيث وقعت عدة أحداث في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك قضية حقل "كاريش" عام 2022، واختراق مسلح فلسطيني للحدود الشمالية في مارس/آذار الماضي وتنفيذه عملية على مفترق "مجدو"، وإطلاق صاروخ في إبريل/نيسان الماضي، بالإضافة إلى انتشار جنود حزب الله بشكل واسع على طول الشريط الحدودي.

تراجع إسرائيلي

وقال الخبير اللبناني في الشؤون العسكرية، طلال عتريسي: إن القضية شهدت تراجعًا في الموقف الإسرائيلي بعدما أثارت نصب الخيمتين التي وضعهما حزب الله قلقًا لدى (إسرائيل) خلال العدوان على مدينة جنين.

وأشار إلى أن النقاش الداخلي الإسرائيلي كان يتمحور حول استعادة القدرة على الردع، وكانت التصريحات في البداية تتسم بالهجوم والدعوة لاستخدام القوة لإزالة الخيمتين وقصفها لإظهار قوة الاحتلال.

FzVjqRYakAAegYc.jpg
 

وأضاف عتريسي لصحيفة "فلسطين" أن خشية الاحتلال من أن استخدام القوة في إزالة الخيمتين قد يؤدي إلى اشتعال الجبهة الشمالية وحدوث صراع ومواجهة مع المقاومة في لبنان، جعلت القضية تحظى بالاهتمام الإسرائيلي واللبناني والدولي. ثم بدأ الانحسار الإسرائيلي بعد ذلك وتدخلت وساطات مختلفة لإقناع حزب الله بإزالة الخيمتين، ووصل الأمر إلى تراجع الاحتلال تمامًا عن الموضوع بتكليف الأمم المتحدة بمتابعته.

ويرى أن المخاوف من وقوع مواجهة في الشمال لم تعد واردة في المدى القريب، خاصةً أن حزب الله لن يقوم بإزالة الخيمتين كما يرغب قادة الاحتلال، وهناك إمكانية لوجود حلول بديلة بأشكال متنوعة دون أن يرضخ الحزب لمطالب (إسرائيل). وهذا يعني أنه لا يوجد احتمال لاندلاع مواجهة بين الاحتلال والمقاومة.

اقرأ أيضًا: وقف إطلاق النار.. المقاومة حققت مكاسب جمة وثبّتت خطوطًا هامة في معادلة الردع

ويعتقد عتريسي أنّ المقاومة في لبنان مستعدة للمواجهة في الوقت الحالي، بينما الاحتلال غير مستعد لذلك، ويشير إلى أنّ النقاش الجاري في كيان الاحتلال يتركز حول نتائج العدوان على جنين، وهو يشهد تبادل اتهامات بحدوث فشل كامل، وهذا الشعور السلبي المرتبط بجنين يؤثر على سلوكه في قضية الخيام.

مقاومة مستعدة

وفي وقت استبعد عتريسي احتمالية المواجهة، يعتقد الكاتب والمحلل الفلسطيني المقيم بلبنان حمزة البشتاوي أنّ المقاومة في لبنان قد أصبحت مستعدة لمواجهة أيّ خطأ يرتكبه الاحتلال تجاه لبنان أو الخيمتين.

ويشير البشتاوي خلال حديثه إلى صحيفة "فلسطين"، إلى وجود تصميم قوي لدى حزب الله على الحفاظ على لبنانية هذه الأرض ودحض أيّ محاولات لربط المسألة بقضايا أخرى. ويُعزّز ذلك موقف لبناني رافض للتهديدات الإسرائيلية بشنّ حرب مدمرة على البلاد.

JZhFo.jpg
 

ويرى أنّ قضية الخيمتين كشفت عن تآكل الردع لدى جيش الاحتلال وعجزه عن إزالتهما، حيث تشير وسائل الإعلام العبرية والمعارضة الإسرائيلية إلى ضعف بنيامين نتنياهو وحكومته، واستنجادهم بالحل السياسي كدليل على هذا العجز.

وينبه إلى أنّ الاحتلال يناقش في الفترة الأخيرة قدرته على خوض معركة متعددة الجبهات، وقد كشفت قضية الخيمتين عن عجزه في مواجهة هذا التحدي، خاصةً في ظل حالة تآكل الردع التي يعانيها منذ معركة "سيف القدس" في عام 2021.

وينبه البشتاوي إلى أنّ الخيمتين ترمز إلى روح التحدي في مواجهة الاحتلال وثقافة المقاومة، وتؤكد على لبنانية هذه الأرض وتقاوم الادّعاءات الإسرائيلية الزائفة، وتؤكد خيار المقاومة لاستعادة والدفاع عن الحقوق.