يُعد انتهاج مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية، ذا مفعول قوي في تكبيد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة، وفق مراقبَيْن اقتصاديَيْن.
لكن الاقتصاديان يعدان في حديثين منفصلين مع صحيفة "فلسطين"، اللجوء إلى المقاطعة في أوقات تعرض الفلسطينيين لهجوم إسرائيلي مستعر، يدرج في مستوى ردات الفعل القصيرة، سرعان ما ينتهي تأثيرها وأثرها.
والعام الماضي، استورد الفلسطينيون بضائع من دولة الاحتلال بقيمة 4.63 مليار دولار، من إجمالي الواردات البالغة 8.19 مليار دولار، حسب أرقام صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، وهذه الإحصائية تثبت مدى هيمنة الاحتلال على السوق الفلسطيني، وفق مراقبين.
وعدّ مدير مكتب مركز التجارة الفلسطيني" بال تريد" بغزة محمد سكيك مقاطعة منتجات الاحتلال أحد أهم مقومات الصمود الفلسطيني، لافتًا إلى أن تدرّج المقاطعة أكثر نجاحًا، وتأثيرًا.
اقرأ أيضًا: الحكومة البريطانية تعتزم اقتراح مشروع قانون يمنع مقاطعة البضائع الإسرائيلية
وأكد سكيك أن انتهاج مقاطعة منتجات الاحتلال، تحتاج إلى خطة يشارك فيها جميع الأطر الفعالة والناظمة للخروج برؤية، على اعتبار أن السوق الفلسطيني يعتمد في تلبية احتياجاته على أصناف عديدة من المنتجات الإسرائيلية خاصة المواد الإنشائية والمحروقات والمنتجات الغذائية.
ودعا المنشآت الصناعية الفلسطينية لأن تأخذ دورها المسؤول في تقديم منتجات منافسة في الجودة والسعر لسد الفراغ الذي تسببه مقاطعة منتجات الاحتلال.
ونبه سكيك إلى إدراك حكومة الاحتلال جيدًا تأثير المقاطعة الفلسطينية لمنتجاتها، لذلك تسعى أدواتها الاقتصادية لتبديد أي محاولات فلسطينية، عبر عدة مسارات منها: التضييق على إدخال المواد اللازمة للصناعة الفلسطينية والتصدير، وإغراق الأسواق الفلسطينية بمنتجات إسرائيلية بأسعار منافسة جدًا، واللجوء إلى طرق التفافية لإدخال منتجاتها إلى الأسواق الفلسطينية، ولا سيما من المستوطنات.
وشدد سكيك على أهمية تعزيز الإنتاج الزراعي والصناعي الفلسطيني، وأن ترفع الحكومة من المخصص السنوي، وأن تعيد الجهات الممولة إعمار المنشآت الصناعية المدمرة وتعويض أصحابها.
وتُعدُّ السلع والمنتجات الغذائية، إضافة إلى منتجات كهربائية ومواد بناء، من أكثر القطاعات التي يستطيع الفلسطيني أن ينفِّذ فيها مقاطعة بنسبة (100%)، لتفقد الصادرات الإسرائيلية قرابة (1.2) مليار دولار سنويًّا؛ حسب دراسات اقتصادية.
بدوره أكد الاختصاصي الاقتصادي د.ثابت أبو الروس، أن حملات المقاطعة الفلسطينية لمنتجات الاحتلال على مدار السنوات السابقة، يؤخذ عليها، أنها تأتي كردات فعل على العدوان الإسرائيلي، لذلك يكون تأثيرها محدود الأثر ينتهي مع جلاء المسبب.
وبين أبو الروس أن المتتبع لمسار حملات المقاطعة التي نفذها الفلسطينيون يتبين له أنها مرتبطة بفترة زمنية قصيرة، ولم تخفض من مستوى الاستيراد من الجانب الإسرائيلي، فالأرقام تظهر أن الاستيراد على حاله منذ 20 عامًا.
اقرأ أيضًا: المطالبة باستراتيجية لإبقاء مقاطعة "منتجات الاحتلال" فعّالة محليًّا ودوليًّا
ولفت إلى أهمية زيادة الوعي لدى أفراد المجتمع حول فائدة المقاطعة، عبر برنامج متكامل يُتابع ويقيم أولًا بأول لتصحيح الفجوات وتعزيز المكتسبات الإيجابية.
وأشار أبو الروس إلى أن الأجواء لتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية اليوم أكثر تهيئًا خاصة في الضفة الغربية التي تتعرض لعدوان إسرائيلي ممنهج، إذ ارتقى نحو 200 مواطن منذ بداية العام إلى جانب الإصابات والاعتقالات والتدمير للمنشآت السكنية والاقتصادية.
وعبر عن استهجانه الشديد من جراء مواصلة الدول المطبعة في عقد صفقات تجارية مع الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي ينبغي عليها أن تقاطعها وتمد يدها للفلسطيني الذي يقاتل لأجل الأمة العربية.
وشهدت الفترة الماضية نموًّا ملحوظًا في التعاون الاقتصادي بين الدول المُطبّعة ودولة الاحتلال، وفي نفس الوقت كان التوقيع على عدد من الاتفاقات الأمنية وتبادل للزيارات مع أكاديميين.
ويقول ما يسمى "معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام" في دراسة: "بلغت التجارة الثنائية بين دولة الاحتلال والإمارات العربية المتحدة 1.407 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، متجاوزةً بـ 1.221 مليار دولار من التجارة المسجلة بين الجانبين عام 2021 بأكمله".
وأضاف: "وصل المغرب إلى 3.1 مليون دولار في صفقات تجارية مع دولة الاحتلال في مايو/أيار، مسجلًا زيادةً بنسبة 94 في المائة عن عام 2021".
وتابع المعهد غير الحكومي: "ارتفعت تجارة دولة الاحتلال مع البحرين من لا شيء إلى 1.2 مليون دولار في غضون عام".