يتجاهل الاحتلال الإسرائيلي معرفة مصير جندييه شاؤول آرون وهدار غولدن الذين أسرتهما كتائب القسام خلال الاجتياح البري للمناطق الشرقية للقطاع خلال العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014.
ورغم تحفُّظ كتائب القسام على مصير الجنديين أحدهما في "النخبة الإسرائيلية" والآخر في "لواء جفعاتي" وإصرارها على عدم الكشف عن مصيرهما إلا بعدة شروط، إلا أن الاحتلال لم يبذل أي جهود دبلوماسية لاستعادة جندييه أو معرفة مصيرهما طوال السنوات التسعة الماضية.
ونجح عناصر القسام بأسر "آرون" في 20 يوليو/ تموز خلال تصديهم لآليات الاحتلال المتوغلة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، و"غولدن" في 1 أغسطس/آب خلال تصديهم أيضًا لآليات الاحتلال المتوغلة شرق مدينة رفح.
وإزاء التجاهل الإسرائيلي الرسمي، نفذ أهالي الجنود خطوات احتجاجية للضغط على حكومتهم من أجل إجبارها بتنفيذ إنجاز صفقة تبادل، كان آخرها ما قامت به شقيقة الجندي "غولدن"، أييليت غولدين مطلع الأسبوع الفائت، حين وبخت رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في ختام مراسم تأبين القتلى الإسرائيليين الذين سقطوا خلال العدوان على غزة عام 2014.
وانفجرت "أييليت" في وجه نتنياهو، قائلة له: "لقد تخليت عنهم لمدة تسع سنوات، أنت مذنب، والمسؤولية ملقاة على كاهلك، أنت تتخلى عن الجنود والمدنيين، فأنت مذنب".
مطالبات مستمرة
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان أن الضغط الجماهيري الذي يقوم به أهالي الجنود الأسرى لدى كتائب القسام "يحتاج إلى تعاطف المجتمع الإسرائيلي من أجل تشكيل ضغط على حكومة نتنياهو وصولا لإبرام صفقة تبادل".
وأوضح أبو علان لصحيفة "فلسطين" أن حكومة الاحتلال الحالية ذات تركيبة متطرفة وعنصرية ومن الصعب أن تقدم على إبرام صفقة تبادل خلال الفترة القادمة، خاصة أن هناك بعض الوزراء "لن يسمحوا لنتنياهو عقد أي صفقة مع حماس".
وأشار إلى أن والدة الضابط هدار غولدن سبق وهددت بحرق نفسها أمام نتنياهو؛ وذلك في محاولة لتشكل ضغط عليه وعلى حكومته من أجل إبرام صفقة.
ولفت أبو علان إلى أن الاحتلال لا يرغب بإتمام صفقة تبادل جديدة من شأنه الإفراج عن أسرى ذوي أحكام عالية خشية عودتهم للعمل المقاوم.
اقرأ أيضاً: برهوم: "القسام" سيُحدث تحولًا استراتيجيًّا بملف الجنود الأسرى
وقلل المختص في الشأن الإسرائيلي أليف صباغ من حراك أهالي الجنود، ولا سيما بعد تمرير الجيش رواية "مقتل الجنود خلال المعركة".
وذكر صباغ لصحيفة "فلسطين" أن ضغوطات أهالي الجنود الأسرى لن تكون مؤثرة في الوقت الحالي؛ بسبب عدم نجاحها في تجنيد المجتمع الإسرائيلي الداخلي أو الأمريكي أو الرأي العام الدولي.
ولفت إلى أن والد الجندي جلعاد شاليط الذي وقع في أسر القسام (25 يونيو 2006م) كان نشطًا ونجح في تجنيد الرأي العام الداخلي الإسرائيلي والأمريكي وصولًا إلى إبرام صفقة تبادل في (أكتوبر 2011م).
ونجحت حركة حماس بالإفراج عن 1027 أسيرًا وأسيرة ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت على دفعات متتالية مقابل الجندي شاليط الذي أسرته من داخل موقعه العسكري شرق رفح.
ورأى صباغ أن تأثير ضغوط أهالي الجنود في الرأي العام الإسرائيلي يمكن أن ينجح -إذا وصلت إشارات من كتائب القسام حول مصير هؤلاء الجنود- وأنهم على قيد الحياة.
عنصر أساسي
وتطرق المختص في الشأن الإسرائيلي عبد العزيز صالحة إلى أهم عنصر في إبرام صفقة تبادل والذي يتمثل بالضغط الشعبي الداخلي؛ كونه يشكل أزمة حقيقية لحكومة الاحتلال.
واستدل صالحة في حديثه لصحيفة "فلسطين" بانسحاب الاحتلال عام 2000م من جنوب لبنان، جاء لعدة أسباب منها ضغط من حركة تسمى (الأمهات الأربع) وهي أمهات جنود قتلى وعلى إثرها تم الضغط الشعبي الإسرائيلي الذي وصل إلى الانسحاب الإسرائيلي.
وأشار إلى أن عائلة الجندي "غولدن" عادت لرفع صوتها مجددا في وجه قيادة جيش الاحتلال؛ بهدف تشكيل ضغط عليها لإتمام صفقة تبادل التي لن تتم إلا بعد ضغط داخلي على المستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي.
وأكد صالحة أن ضغط عائلات الجنود سيصل لنتيجة متقدمة تجبر حكومة الاحتلال على إبرام صفقة تبادل.
اقرأ أيضاً: خبير أمني: المقاومة تتعامل مع ملف "الجنود الأسرى" بإرادة صلبة
وبالإضافة إلى الجنديين "غولدن" و"آرون" تأسر كتائب القسام الجنديين أفيرا منغستو وهشام السيد والذين أعلنت الكتائب عن أسرهما عبر مقطع فيديو دون الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
ولاحقًا بثت القسام مقطع فيديو في 28 يونيو/ حزيران 2022م ظهر خلاله الجندي السيد وهو على فراش المرض.