فلسطين أون لاين

لمواجهة السياسات الاستيطانية

"الأزولا" عشبة مزارعي قرية "سوسيا" للصمود على أرضهم

...
"الأزولا" عشبة مزارعي قرية "سوسيا" للصمود على أرضهم
الخليل-غزة/ مريم الشوبكي:

مع ساعات الصباح الأولى يتفقد المزارع جهاد النواجعة في قرية سوسيا إحدى قرى مسافر يطا، جنوبي مدينة الخليل، أحواض نبات الأزولا لتحويله بعد حصاده وجرشه إلى أعلاف للمواشي والطيور الداجنة.

ومنذ أربع سنوات اتجه النواجعة نحو البحث عن بدائل للأعلاف بعدما ارتفعت أسعارها في إثر جائحة كورونا، وقد وجد عبر الشبكة العنكبوتية في الأزولا نباتًا ذا قيمة إنتاجية وغذائية عالية، ومنخفض التكلفة في الوقت نفسه، إضافة إلى نبات البونيكام، وكلاهما مكملان غذائيان بديلان للماشية والدواجن والأسماك، ويقللان بشكل كبير من تكلفة العلف ويؤديان إلى زيادة إنتاج الحليب.

يقول النواجعة لـ"فلسطين": "ارتفاع سعر الأعلاف دفع الكثير من مربي المواشي إلى بيعها لأنها أصبحت تمثل عبئًا ماليًا عليهم، فتخلوا عن مهنتهم الأصلية، ومن هنا بدأت أبحث عن أعشاب بديلة لاستخدامها كأعلاف لتشجيع المزارعين على الصمود".

ويوضح أن السوق يضم العديد من أصناف الأعلاف، ولكل نوع سعر معيّن، فمثلًا سعر طن علف الخراف كان 1400 شيقل، ويزيد اليوم عن 2000 شيقل، كذلك سعر طن علف الدجاج الذي وصل إلى 2400 شيقل بعد أن كان 1900 شيقل.

إنتاج وفير

ويتابع: "بعد البحث والتقصي عثرت على نبات الأزولا، وقُمت باستيرادها من الأردن، وعن طريق الإنترنت والتجارب تمكنت من زراعتها، لتعطيني إنتاجًا غزيرًا جعلني أوفر 40% من قيمة الأعلاف".

ويبين النواجعة أن عشبة الأزولا تحتاج إلى وسط مائي لكي تنمو عليه، لذا خصص لها أحواضًا مائية داخل مزرعته، مشيرًا إلى أنه يحصد 10 كيلوغرامات من نبات الأزولا كل أربعة أيام.

ويفيد بأن الحصول على هذه الكمية من المحصول يتطلب عناية زراعية بالوسط المائي الذي تنمو فيه الأزولا كالحديد والفسفور والزبل الطبيعي، "وهذا النبات منتج طوال العام، غير أن كمية الإنتاج تنقص في أيام البرد".

ويشير النواجعة إلى أنه يستخدم الأزولا في تسمين الخراف والدواجن، منبهًا إلى أنه يستخدم 30% من الأزولا فقط في العلف لاحتوائها على نسبة عالية من البروتين، لذا يخلطها ببعض المخلفات الزراعية كالقش، والذرة، والشعير، والنخالة، والأملاح المعدنية، أو ملح الطعام.

أما عن نبات البونيكام فهو يشبه البرسيم، وقد قام النواجعة مع عدد من المزارعين بزراعته العام الماضي لاستخدامه كعلف للمواشي، وقد حققت التجربة نجاحًا كبيرًا، ولكن هذا العام تلف معظم المحصول، "بسبب الظروف الجوية، ونقص الخبرة في التعامل معه وجَنيه"، وفق قوله.

بديل خضري

وبعد نجاح النواجعة في زراعة نبات الأزولا، عمل على توزيع شتلاتها على 15 مزارعًا في سوسيا، لتعميم التجربة على كل مزارعي القرية، فتجبرهم على الصمود والمحافظة على مهنتهم الأساسية، ومقاومة التهجير القسري الذي يتعرضون له يومًا.

من بين هؤلاء المزارعين خضر نصر الذي لامس تحسنًا كبيرًا على إنتاج الأبقار والأغنام من الحليب بنسبة 20%، "وكذلك منح لحومها، والطيور الداجنة أيضًا مذاقًا طيبًا، لأنها عشبة طبيعة لا يستخدم في زراعتها أي مواد كيماوية".

ويشير خضر لـ"فلسطين" إلى أن الأزولا كان تُباع قبل انتشارها بثمن مرتفع يصل إلى 500 شيقل للكيلو، أما اليوم فانخفض السعر إلى 50 شيقل فقط، مما شجع المزارعين على زراعتها داخل مزارعهم.

ويفيد بأن الأزولا لا تحتاج إلى مساحات كبيرة للزراعة، فيكفي أن تزرع على مساحة نصف دونم أو أقل، لأنها تعطي إنتاجًا غزيرًا في غضون أيام قليلة.

ويؤكد أن إيجاد مصدر خضري بديل عن المراعي التي يجرفها الاحتلال ويجفف مصادر المياه عنها، ليرغم سكان سوسيا على الرحيل، يُمكن المزارعين من التمسك بأرضهم ومهنتهم الأساسية، ويشجعهم على الصمود في مواجهة سياسات التهويد والتهجير القسري.