كلما اعتقد الاحتلال أن جدوة المقاومة قد انطفأت, وانخفض مستوى العمليات في الضفة الغربية، خرج لهم المقاومون من حيث لا يحتسبون ونفذوا عملياتهم بكل حرفية واقتدار.
هذا الأسبوع خرج لهم نمر الجمل, وقتل ثلاثة جنود من حراس المستوطنات بمهارة عالية وأجهز عليهم, وأصاب رابعا بجراح خطرة، وأصاب الأمن الإسرائيلي بمقتل, ونسف الاستقرار الأمني, بعد أن تفاخر الاحتلال بأنه نجح في إحباط 100 عملية, كان من المزمع تنفيذها من قبل مقاومين في الضفة الغربية.
ما فعله نمر سبقه به بشهرين عمر العبد, عندما اقتحم مستوطنة حلميش وقتل مستوطنين بسلاحه الأبيض وأصاب ثالثا، وهو امتداد للعمليات الفردية التي شهدتها انتفاضة القدس في العامين الماضيين، حيث قام مهند الحلبي بإطلاق شرارة انتفاضة القدس, وثبت لاحقا أنه تلقى مساعدة من بعض عناصر القسام بالضفة.
نجح العمل الفردي للمقاومين بدًءا من مهند الحلبي, حتى نمر الجمل في هز النظرية الأمنية الإسرائيلية, القائمة على ملاحقة التنظيمات في الضفة الغربية, والقيام بعمليات جز العشب التي تستهدف التنظيمات المقاومة, وعلى رأسها قيادات وعناصر حركة حماس, ومؤيدوها, وملاحقة أي مصادر مالية تساهم في إعادة تنظيم صفوفها هناك.
فشل الأمن الإسرائيلي في قراءة الدوافع التي يقوم بها هؤلاء الشبان، وعجز عن التنبؤ بوقوعها, رغم متابعته لصفحات الفيسبوك بحجة ما أسماه التحريض على القيام "بالعمليات الفدائية".
أعلن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ووزير جيشه ليبرمان عن أنهما سيواجهان موجة جديدة من العمليات الفردية, ولم يقدما أي حلول لمواجهة هذه الأساطير من المنفذين الذين ينفذون عملياتهم بحرفية عالية, وفي نفس الوقت يظهر فشل النظرية الأمنية القائمة على الأمن الشخصي للمستوطنين, كما أثبت ذلك نمر الذي صوب 10 رصاصات إلى الجنود وقتلهم، وكما اعترف الأمن الإسرائيلي أن نمر كان قادرا على قتل المزيد, لولا أن المسدس محدود القدرات, وهذا على غرار ما نفذه ثلاثة آل جبارين على بوابات المسجد الأقصى, قبل شهرين وقتلوا باحتراف جنديين من جنود الاحتلال.
نحن أمام نماذج فردية من البطولة يشهد لها الاحتلال بالبطولة والشجاعة والاحتراف في القتال, وأمام جنود جبناء يختبئون ويهربون أمام المقاومين, على غرار ما كان يحدث على حدود غزة خلال حرب 2014 عندما داس عناصر من القسام على رؤوس الجنود في مواقعهم العسكرية واختطفوهم من عرباتهم المدرعة.
يعترف الاحتلال بالعجز أمام هؤلاء الأبطال, فيلجأ إلى الإجراءات العدوانية, من هدم للمنازل وحصار لقراهم والتنكيل بعائلاتهم وتشويه بعضهم أحيانا, بتلفيق بعض التهم، لكن كل ذلك لا يؤثر على الدعم الشعبي والجماهيري والاحتضان لأسرهم وعائلاتهم، في انتظار للعملية القادمة التي يمكن أن تقع غدا أو بعد أيام أو في أقصاها أسابيع, ومع نموذج جديد من مهند الحلبي وليس انتهاء بكابوس المستوطنين الشهيد نمر الجمل.