فلسطين أون لاين

تقرير مساعدة بلا حدود.. جنين المدينة تفتح ذراعيها للنازحين من المخيم

...
جنين المدينة تفتح ذراعيها للنازحين من المخيم
جنين/ غزة- فاطمة الزهراء العويني:

ثلاثون فرداً من عائلات مخيم جنين، فتح لهم الشاب يوسف نبيل بيته على مصراعيْه، بعدما نزحوا عنوة تحت جنح ظلام العدوان الإسرائيلي.

فقد بادر الشاب نبيل من بلدة الزبابدة لنشر رقم هاتفه، طالباً من كل مَنْ انقطعت به السبل بأنْ يتصل به، لكي يأتي له بسيارته الخاصة ويقله إلى منزله، فهو يمتلك عمارة كاملة يؤجرها لطلبة جامعيين في فترة الدراسة الجامعية، وشقة أخرى أسفل منزله قد فرغهما بالكامل لاستقبال النازحين.

ولقيت مبادرة نبيل (35 عامًا) استجابة فورية من عددٍ من النازحين، الذين بلغ مجموع عددهم زهاء 4000 فلسطيني، وفق رئيس بلدية جنين نضال عبيدي.

ولجأ لمنزل نبيل عشر أسر كاملة، شعر بإيوائهم بأنه ساهم ولو بجزءٍ قليل في تخفيف معاناة أبناء المخيم، الذين آلمهم مشهد نزوحهم من بيوتهم في منتصف الليل.

ويشعر نبيل بالفخر لما رآه من أهل بلدته "الزبابدة"، الذين هرعوا إليه لتقديم المساعدات من طعام وشراب ومستلزمات لمَنْ آواهم في منزله، "لم أتوقف عن استقبال المساعدات العينية، كل من عجز عن استقبال نازحين في منزله لضيق المساحة، جاءني مساهماً بما يستطيع من طعام وشراب ليشاركني في استضافة أهلنا النازحين".

ويلفت إلى أن آخرين ساهموا في نقل النازحين بسياراتهم الشخصية، فعرضوا أنفسهم للخطر بالاقتراب من المنطقة التي يجري فيها العدوان الإسرائيلي، ونقلوا من لا مأوى لهم إلى بيتي، وسنستمر في هذا العمل حال استمرار العدوان لا قدر الله".

وعن استعداده لتحمل وجود النازحين في بيته لفترة طويلة، أو فكرة أن يكونوا قد فقدوا بيوتهم بعد انتهاء العدوان، يقول نبيل: "هذا بيتهم مثلما هو بيتي، ولا أخشى ألا أستطيع إعالتهم، فنحن في قرية مليئة بالخيرات والناس الخيرين، لقد امتلأ منزلي منذ ليلة الثلاثاء فقط بمؤونة تكفي لشهرين كاملين، جاد بها أهل القرية".

مؤاخاة إسلامية- مسيحية

ويشدد نبيل على أن التكافل الاجتماعي وقت الشدائد جزء أصيل من ثقافة الشعب الفلسطيني، ومراحل نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان أهمها في أثناء اجتياح الاحتلال لمخيم جنين في أثناء عدوان ما يسمى "السور الواقي" عام 2002م، "وقد تنامى إلى مسامعي من كبار السن الكثير من صور التكافل، التي قامت بها الزبابدة، وغيرها من المناطق في محافظة جنين مع أهل المخيم، ونسأل الله أن نكون خير خلف لخير سلف".

أما في بلدة "عرانة"، فلا يكف المواطن معاوية الخالدي عن مراقبة الطريق الواصلة بين البلدة والمخيم، علّه يجد بعضاً ممن تقطعت بهم السبل، ويأويهم في منزلين يمتلكهما، قد خصصهما لهذا الغرض، "المسافة بيننا وبين المخيم قرابة سبع كيلومترات، منذ مساء اليوم وأنا وأصدقاء لي نرقب الطريق، وعندما لم نجد مَنْ نؤويه، قمنا بنقل مساعدات تبرع بها أهل بلدتنا للمراكز التي تؤوي النازحين".

ويبين الخالدي أنه سيجعل من بيوته وبيوت أشقائه المجاورة بيتاً لكل نازح، "أمضينا ثلاث ساعات بالأمس بالقرب من نقاط التماس مع المخيم، للبحث عن نازحين بمجرد سماعنا بخبر إجبار الاحتلال لهم على مغادرة منازلهم، وسنفعل ذلك كل وقت".

وبالعودة إلى "الزبابدة" فإن المتطوعين الشباب في كنيسة "سيدة الزيارة" يسابقون الوقت لتهيئة مرافق الكنيسة المختلفة لاستقبال النازحين من مخيم جنين، وتوفير مكان للمبيت لهم والمؤونة من طعام وشراب وفق ما يفيد الأب لويس سلمان.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه بمجرد إعلان الكنيسة فتح بابها على مصراعيه للنازحين، فإن أهل البلدة جميعاً هرعوا لعرض مساعدتهم على الأب سلمان، "حتى الثالثة فجراً، وأنا أستقبل اتصالات من مواطنين يرغبون بأن يساهموا بمساعدات عينية ومادية، ويلحون عليّ في قبول رغبتهم بالمساعدة، وأن أتصل بهم في حال احتياجي لأي شيء".

"فالمسيحيون والمسلمون في جميع أنحاء فلسطين يدٌ واحدة، وهمهم واحد، ولا يمكننا أن نرى مشاهد القصف والدمار والنازحين ونبقى مكتوفي الأيدي، وفي كل محطة من محطات نضال شعبنا، كانت الكنائس والأديرة مفتوحة لكل مَنْ فقد المأوى، أو احتاج الطعام والشراب والمبيت، فهذا ليس شيئاً غريباً عن نخوة أبناء شعبنا، وهو تجسيدٌ للإخاء المسيحي– الإسلامي" يقول سلمان.

وينهمك سلمان– في أثناء حديثه لـ "فلسطين" – في تجهيز قاعات الكنيسة، والمدرسة التابعة لها بالطعام والشراب والأدوية والفراش؛ تمهيداً لإيواء النازحين فيها، "أوقفنا كل الأنشطة الصيفية في الكنيسة ومرافقها؛ احتراماً لدماء الشهداء، واستعداداً للمساعدة بكل ما نستطيع".