عدَّ سياسيون العدوان الإسرائيلي المستمر على مخيم جنين شمال الضفة الغربية، محاولة فاشلة للقضاء على المقاومة الفلسطينية ومنع تناميها، مرجحين لجوء سلطات الاحتلال لارتكاب جرائم تشبه ما أقدمت عليه خلال معركة "السور الواقي" في إبريل/ نيسان 2002، والتي أسفرت عن استشهاد 60 فلسطينيًا وجرح أكثر من 243 آخرين، وتدمير نحو 150 بناية سكنية، ومقتل 24 جنديًا إسرائيليًّا.
وشن جيش الاحتلال فجر أمس، عدوانًا جديدًا على مخيم جنين، مستخدمًا الطائرات في استهداف المنازل، أسفرت عن ارتقاء ثمانية شهداء، وإصابة 50 مواطنًا منهم 10 وصفت حالتهم بالخطيرة، وفق إحصائية صدرت ظهر أمس.
وتزامن مع الغارات الجوية اقتحام أكثر من 100 آلية عسكرية ما بين ناقلات جند وجيبات وجرافات، المخيم من مختلف محاوره، واعتلى القناصة أسطح البنايات المرتفعة.
جريمة حرب
وقال منسق فصائل العمل الوطني والإسلامي في جنين راغب أبو دياك: إن سكان المخيم استيقظوا على صوت دوي انفجارات الصواريخ ورائحة البارود حيث تعرضت المنطقة لقصف عنيف أدى لاستشهاد مواطنين وإصابة آخرين، لتعيد إلى أذهانهم العملية العسكرية على جنين عام 2002.
وأوضح أبو دياك لصحيفة "فلسطين" أن الهدف من العملية الجديدة استعادة الردع الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، والقضاء على المقاومة، مردفًا: "لكن جيش الاحتلال سيفشل كما فشل قبل 21 عامًا، فنمت المقاومة وتطورت وباتت أشد من سابقها.
وأكد أن ما يقوم به جيش الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها، جريمة حرب ممنهجة ومتكاملة الأركان، مدللًا على ذلك بتعمُّد الجيش قصف المنازل الآمنة بالطيران الحربي، واقتحام المخيم بعشرات الآليات العسكرية ما بين ناقلات جند وجيبات وجرافات عبر محاور المخيم.
وأرجع أبو دياك، بذاكرته إلى إبريل/ نيسان عام 2002، عندما أقدم الاحتلال على شن عدوان عسكري موسع على جنين، بهدف القضاء على المقاومة لكنه لم يفلح فتطورت وانتقلت إلى مختلف مناطق الضفة الغربية.
ودعا العالم أجمع للوقوف إلى جانب شعبنا ووقف جرائم الاحتلال في جنين فلم يفرق في اعتداءاته بين المدنيين والمقاومين فالكل مستهدف.
موافقة أمريكية
فيما قال المختص بالشأن الإسرائيلي حمد الله عفانة: "إن حكومة الاحتلال المتطرفة، أبلغت قبل أيام الولايات المتحدة الأمريكية نيتها شن عدوان على جنين، دون تحديد موعد وخطة الهجوم، وأجلت المصادقة على التنفيذ قبل عشرة أيام لحين اتخاذ القرار من المجلس الوزاري المصغر "الكابينت".
وقال عفانة في حديث لصحيفة "فلسطين": إن ذلك يؤكد وجدد نوايا إسرائيلية مبيتة وبموافقة من واشنطن، لتنفيذ عدوانها على جنين، والقضاء على المقاومة.
ورأى أن إطلاق جيش الاحتلال اسم "بيت وحديقة" على عمليته في جنين، محاولة منه لتخفيف ردة الفعل الدولي عليه وإيهام العالم بأن ما يقوم به هو عدوان بسيط وسريع ولن يؤذي المدنيين.
اقرأ أيضاً: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على جنين إلى 10 شهداء و100 جريح
وتوقع المختص بالشأن الإسرائيلي، أن يستمر العدوان على جنين، يومين أو ثلاثة أيام، وربما يتسع في حال خلف عشرات الشهداء والجرحى، أو انتقل العمل المقاوم لمنطقة أخرى بالضفة الغربية أو قطاع غزة، مردفًا: "وهذا ما تخشاه حكومة الاحتلال المتطرفة".
وأضاف عفانة: أن حكومة الاحتلال تتابع عن كثب كل ما يجري على الأرض وخاصة تحركات المقاومة في غزة، وتخشى من ردها، ومفاجآت المقاومة في جنين، التي طورت عملها وأسلحتها واتبعت سياسات وتكتيكات جديدة في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.
نصر وهمي
فيما رأى المحلل السياسي عدنان الصباح، أن الهدف من وراء عدوان جيش الاحتلال على جنين، استعادة هيبته المفقودة على أيدي المقاومة في الضفة، ومحاولة لصنع نصر وهمي، وتهدئة جمهوره الداخلي وجلب مزيد من التأييد له.
وقال الصباح، في حديث لصحيفة "فلسطين": إن جيش الاحتلال حاول القيام بعملية عسكرية سريعة تستمر يومًا أو يومين للقضاء على المقاومة ومصادرة أسلحتها، لكنه فوجئ بقوتها واستعدادها، مدللًا على ذلك بوقوع عدد من الجرحى في صفوف جنوده.
وأضاف: أن جيش الاحتلال فقد المفاجأة خلال عدوانه، وبات غير قادر على الانسحاب من جديد بفعل ضربات المقاومة وقوتها.
وتوقع أن تتوسع وتتطور الأحداث وتنتقل إلى بقية مناطق الضفة الغربية، وقطاع غزة، ولبنان وسوريا، والأراضي الفلسطينية في الداخل المحتل عام 1948، مضيفًا: "وهذا ما تخشاه سلطات الاحتلال وتعمل له ألف حساب".
وتابع: "أن الاحتلال إذا وجد نفسه في وضع محرج سيرتكب مزيدًا من الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني أسوة بالجرائم التي ارتكبت خلال اجتياح جنين عام 2002.