فلسطين أون لاين

القانوع: جرائم المستوطنين لن تنال من إرادة شعبنا

تقرير ذكرى إعدام الطفل المقدسي محمد أبو خضير.. 9 سنوات على وحشية المستوطنين

...
والدة الفتى الشهيد أبو خضير تمكث على قبره
القدس المحتلة/ نور الدين صالح:

مرت تسع سنوات على الجريمة البشعة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، إذ تعرض الطفل البريء محمد أبو خضير لخطف وحرق وحشي من مستوطنين، وما تزال آثار تلك المأساة الصادمة تستمر بشكل لا يمكن محوه، حيث هزت الأراضي الفلسطينية كافة ولم تقتصر على ذلك بل امتد تأثيرها إلى الدول العربية والأوروبية أيضًا.

وتعدُّ سهى أبو خضير، والدة الشهيد محمد، هذه الجريمة البشعة "محرقة" لا يمكن محوها بمرور السنوات، وأعربت عن استيائها من أحكام المستوطنين القتلة المجرمين، مؤكدة أنها غير كافية لتحقيق العدالة الكاملة.

في حديثها لصحيفة "فلسطين"، شاركت الوالدة مشاعرها الصادقة والألم العميق الذي لم يتلاشَ بمرور السنوات التسعة على فراق نجلها، وقالت: "تمر هذه الذكرى على العائلة صعبة جدًا، نحن لا ننسى محمد لكن في هذا اليوم يحترق قلبي أكثر، وهذا الأمر ليس سهلًا".

وأوضحت أن العائلة تجتمع مع عشرات المقدسيين في ديوان العائلة لتقديم التعازي، وتشارك في هذه الفعالية العديد من القوى الوطنية والإسلامية، تعبيرًا عن تلاحم الشعب الفلسطيني وتضامنه في مواجهة الظلم والاضطهاد.

وأشارت الوالدة أبو خضير إلى أن محاكم الاحتلال أصدرت أحكامها بعد ثلاث سنوات من وقوع الجريمة، فقد حكمت بالسجن المؤبد و20 سنة على المتهم الرئيس الذي خطط للجريمة ونفذها، وبالسجن المؤبد وثلاث سنوات على أحد المشاركين في القتل، وبالسجن 20 سنة على المشارك الثالث.

وأعربت عن رفضها لهذه الأحكام، مشددة على أنها لا تتناسب مع حجم الجريمة الشنيعة التي ارتكبها القتلة بحق ابنها محمد والتنكيل به بعد حرقه.

وأفادت أن زوجها حسين قد رفع قضية في محكمة الاحتلال العليا ضد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يطالب فيها بتدمير منازل قتلة ابنه محمد، ولكن الرد الذي تلقاه هو أن القانون الإسرائيلي لا يسمح بتدمير منازل الإسرائيليين.

وأكدت الوالدة أبو خضير أنه يجب محاكمة القتلة بتهمة القتل وتشديد العقوبة عليهم، إضافة إلى حرمان عائلاتهم منهم تمامًا، كما حرموها هي من ابنها محمد.

وعلى الرغم من الصعوبات التي يواجهونها تشدد على أنه "رغم قسوة ما نعيشه إلا أنني وأمهات فلسطين صابرات وصامدات ووهبنا أولادنا فداءً للقدس".

وفي فجر يوم 2 يوليو 2014، خرج الطفل محمد أبو خضير، وهو في سن 16 عامًا، من منزله في قرية شعفاط شمال القدس المحتلة لأداء صلاة الفجر في المسجد، وفي أثناء سيره أوقفَته سيارة تحمل ثلاثة مستوطنين، إذ استدرجوه بحجة السؤال عن طريق (تل أبيب)، ثم اختطفوه ونقلوه إلى أحراش قرية دير ياسين غرب القدس.

اقرأ أيضاً: 9 سنوات على جريمة حرق الفتى المقدسي محمد أبو خضير حيًّا

في أثناء عملية الاختطاف، صرخ الطفل محمد، مما استدعى استنفار بعض الشباب الذين كانوا في انتظار أداء الصلاة في المسجد، وحاولوا اللحاق بهم وإنقاذه، ولكنهم لم ينجحوا وعادوا بسرعة ليبلغوا والد الطفل محمد عمَّا حدث لابنه، وقد اتصل والده بشرطة الاحتلال، لكنه لم يحصل على أي استجابة، مما ساعد الخاطفين الثلاثة على ارتكاب جريمتهم.

تمَّت خطة الاختطاف والقتل بسرعة، فبمجرد وصول المستوطنين إلى أحراش قرية دير ياسين، قيدوا الطفل محمد وعذبوه بوحشية باستخدام الهراوات، ثم أجبروه على شرب البنزين وأشعلوا النيران في جسده، وفقًا لتسجيل فيديو مقتطف يحاكي الجريمة.

بعد ارتكابهم الفعل البشع، غادروا المكان بسيارتهم إلى مستوطنة "آدم" شمال القدس المحتلة، حيث قاموا بأداء العزف على آلة الغيتار والرقص للاحتفال بجريمتهم النكراء.

في تلك المرحلة، حاول سكان القدس الغاضبون الاحتجاج على اختطاف الطفل محمد والمطالبة بمعرفة مصيره، وذلك بإيقاف حركة القطار، لكن شرطة الاحتلال حاصرت المتظاهرين وأطلقت الأعيرة المطاطية وقنابل الغاز والصوت على المحتجين، واستمرت المواجهات بين قوات الاحتلال وسكان القدس المحتجين حتى أعلنت شرطة الاحتلال عن اكتشاف جثة الطفل محمد المحروقة في أحراش قرية دير ياسين.

بعد يومين، سُلّم جثمان الطفل المقدسي المحترق إلى عائلته، وشارك آلاف السكان المقدسيين في تشييع جثمانه لمواراته الثرى في مقبرة القرية.

ماطل الاحتلال في إجراءات محاكمة القتلة ومعاقبتهم بسبب محاولة المتهم الرئيس التخلص من تبعات الجريمة، حيث ادعى أنه مجنون ويحاول الانتحار، ومع ذلك، تبينت حقيقة الأمر من خلال شهادات الأطباء وتسجيلات كاميرات المراقبة في محله التجاري، حيث يقوم ببيع النظارات، التي كشفت تدريبه للقاصرين المشاركين معه على أعمال القتل والخطف.

من جهته أكد الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع أن جريمة حرق الطفل المقدسي محمد أبو خضير قبل تسع سنوات في مدينة القدس المحتلة ما زالت حاضرة، وتمثل حالة التطرف والإجرام التي يمارسها "العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيه".

وشدد القانوع في تصريح صحفي أمس على أن "جرائم قطعان المستوطنين وعدوان مليشياتهم المسلحة على شعبنا ومقدراته وممتلكاته، ودعم المجرم (الوزير في حكومة المستوطنين الفاشية) بتسلئيل سموتريتش لإرهابهم وتطرفهم لن ينال من إرادة شعبنا أو يفت من عضده، ولن يمنحهم أمنا واستقرارا على أرضنا".

وأكد أن "المقاومة ستظل بكل أشكالها وأدواتها هي الخيار الأمثل لمواجهة غطرسة وعربدة قطعان المستوطنين، ولن تنكسر إرادة شعبنا من هذا السلوك العدواني المتصاعد بغطاء من كل مكونات دولة الكيان الصهيوني".