لو كان للمسلمين دولة ذات سیادة تعظم الإسلام والقرآن على الحقیقة، لما سمحت السويد بإحراق المصحف الكریم أمام السفارة التركیة، إن إحراق المصحف إھانة لما یعظمه المسلون، ویعظمه ﷲ، وھي إھانة ترتقي لدرجة الكفر بحسب ما قرره الفقھاء في مثل ھذه الحالة، ولو كانت لدول الإسلام القائمة وزنًا لما اعتبرت السويد وقائد حلف الناتو حرق المصحف من حریة التعبیر.
ما حرق لیس كتابًا، ولا صحفًا، وما قصد المجرم الصُحف والأوراق، وإنما قصد المنھج ودین الإسلام. ھذا الحرق ھو إعلان كراھیة، وحرب على الإسلام كدین ومنھج، أي إن ما یسمونه في السويد ودول الغرب حریة تعبیر هو حرب على الإسلام، وعلى المسلمین عامة، ومن ثمَّ نشاھد في هذه الجريمة عودة للحروب الدینیة والصلیبیة، لا عقوبة في قانونھم على إحراق المصحف، وبث الكراھية الدینیة، في حين یعاقبون من یُنكر المحرقة النازیة للیھود.
ما جرأ المجرم، والدول المبررة على جریمته، ھو غیاب الدولة الإسلامیة الحامیة لدین الإسلام، والقرآن من العدوان والإھانة، وما یوضح ھذا الغیاب ودلالته ھو ما نستذكره من تاریخ السلطان سلیمان القانوني خلیفة المسلمین، الذي كان حامیًا للدین والقرآن، حیث كانت كنائس إیطالیا تتوقف عن دق أجراسِھا عند مرور الأسطول الإسلامي التركي خشیة إغضاب السلطان.
الیوم السويد لا تخشى غضب الحكام ورؤساء دول البلاد الإسلامیة، بل كل حكام الدول الإسلامیة، بما فیھا بلاد الحرمین وبلاد الأزھر، لأنه لا وزن لھذه الدول عند دولة السوید، التي تحمي من أحرق القرآن بغرض الإھانة والعدوان، ولو كان لھذه الدول وزنًا لما قدمت السويد الدولة ھذه الحمایة له ولضربت على یدِ المجرم، وقدمته للمحكمة بدعوى التحریض على الكراھیة، وإھانة دین المسلمین، من خلال إحراقه لما یعظمه المسلمون.
من المؤسف أن قادة دول العالم الإسلامي يسارعون إلى قطع العلاقات الدبلوماسیة والتجاریة إذا ما أحرقت السويد صورة رئیس الدولة أو علم الدولة، ولا يفعلون شیئًا من ھذا عند إحراقھم للقرآن الكریم، وتكتفي ھذه الدول بالشجب والاستنكار، ولو عظم ھؤلاء القادة والرؤساء القرآن فوق تعظیمھم لصورھم ولأعلام دولھم، لتجاوزوا الشجب والاستنكار إلى إجراءات تؤلم السوید، وتمنع تكرار الجریمة.
بقیت كلمة تتعلق بالشعوب الإسلامیة أقول فیھا: إن لم یعظّم قادة دول الإسلام القرآن التعظيم الحقیقي، فأنتم أھل لتعظیمه على الحقیقة، ولا یكون التعظیم في المسألة السویدیة إلا بمقاطعة بضائع تلك الدولة، وفضحھا إعلامیًا، والضغط على قادة بلادھم لترجمة غضب المسلمین في قرارات عملیة.