يتفق جمهور علماء المسلمين على أن وجوب الحج بيت الله الحرام على كل مسلم لما استطاع إلى ذلك سبيلًا. وذهب جمهور المفسرين إلى أن الاستطاعة نوعان: بدنية ومالية. فالمستطيع هو القادر بدنيًا على الحج ووجد الزاد والراحلة الصالحة لمثله كالسيارة والطائرة لقوله تعالى "من استطاع إليه سبيلًا" وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة".
وقد يسأل سائل إن كان يلزم الفرد المسلم أن يُخرِج للحج من تلزمه نفقتهم، مثل: الزوجة والأولاد، والأبوين إذا كانا كبيرين؟
يجب الشيخ العلامة يوسف القرضاوي رحمه الله عن ذلك بالقول: "لا يلزمه ذلك، فليس من النفقة الواجبة على الزوج لزوجته، أو على الأب لابنه، أو على الابن لأبيه، ليس من النفقة الواجبة أن يحججه، فهو عليه أن يطعمه ويكسوه، ويوفر له السكن والدواء وكل ما يلزمه، ولكن ليس من اللازم أن يحججه".
ويضيف القرضاوي مستدركًا في فتواه المنشورة على موقعه: "لكن لو هو فعل هذا لكان من مكارم الأخلاق أو من باب البر والإكرام لوالديه، ومن باب حسن المعاشرة مع الزوجة، أما هي فالمفروض أن تحج من مالها، لكن إذا كان الزوج قادرًا فمن حسن العشرة ومن الوفاء بالحياة الزوجية أن يأخذ زوجته معه".
وهنا مسألة ذكرها العلماء: لو فُرض أن إنسانًا تبرع لإنسان بالحج، مثل بعض الأغنياء يقول: أنا آخذ معي في كل سنة 10 أو 20 وعنده باص فيملؤه ويأخذهم معه، فهو عُرض عليه أن يذهب لا مانع أن يخرج، وهو ليس مطالبًا أن يقبل المِنّة؛ لأن العلماء، قالوا: إن المِنّة شاقة على النفس خاصة نفس الحر الكريم، فيقول: قبول مِنّة الرجال في ثقل الجبال، ولكن إذا لم يجد في ذلك حرجًا فيقبل، وقالوا: إلا إذا كان من الابن لأبيه، أي قال الابن لأبيه: إنني أريد أن أحججك، فهذه ليست مِنَّة؛ لأنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك"، "إن أولادكم من كسبكم"، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} إلى أن قال: {وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} (النور:61)، قالوا المقصود بـ "بيوتكم" هنا هو بيوت أبنائكم، فبيت الابن مثل بيت الأب، فالابن لو عرض على أبيه أن يحج من ماله، فالأب يقبل هذا بلا حرج؛ لأن مال ابنه هو ماله، ولكن ليس عليه أو ليس ملزمًا بحجة.