فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

في ظلِّ حرب الإبادة.. فدائيُّ الشَّاطئيَّة بغزَّة مهدَّد بالغياب عن تصفيات كأس العالم

بيت لاهيا... الدِّفاع المدنيُّ: مناشدات عن وجود أحياء تحت أنقاض منازل ومباني مدمِّرة

هناوي لـ "فلسطين أون لاين": المجازر الإسرائيليَّة بشمال غزَّة "عمليَّة منظَّمة لطرد الفلسطينيِّين"

الإبادة في يومها الـ 396.. مجزرةٌ دامية في بيت لاهيا وقصفٌ مُتواصل على المُحافظة الوسطى

كشف جديد بأسماء مستفيدي الغاز بخانيونس والوسطى لـ 7-8 نوفمبر

"أزمة ثقة".. نتنياهو يعلن رسميًا إقالة يوآف غالانت من منصبه.. ما دلالة التوقيت؟

فضيحة جديدة... صحيفة عبريَّة: كيف عاد 4000 عنصر من حماس إلى الحياة في الأشهر الماضية؟

تحقيق لوكالة أمريكية: (إسرائيل) لم تقدِّم أدلَّة على وجود حماس في مستشفيات غزَّة

نوَّاب أمريكيُّون: إشراك قوَّات بلادنا في الصِّراعات (الإسرائيليَّة) انتهاك للقانون

خرق أمنيّ جديد بـ "زيكيم".. "رجل بزيّ مدنيّ" يقتحم قاعدةً عسكريَّةً (إسرائيليَّةً) شمال غزَّة

إجراء أكثر من 300 عملية منذ بداية 2017

تقرير زراعة القوقعة.. برنامج طبي قطري يُقدَّم في غزة بأيدٍ محلية

...
غزة/ أدهم الشريف:

 

ما كان للطفلة غنى حجو (8 أعوام) الحديث باللغة الإنجليزية مع والدتها إلا لأنها تسمع من يتحدث من حولها وتعي جيدًا ما تقول، لكن ذلك لم يكن متاحًا لها قبل زراعة القوقعة في مستشفى حمد بغزة، إذ كانت تعاني منذ ولادتها فقدان السمع.

لقد تحدثت "غنى" الإنجليزية بطلاقة مع والدتها "أماني حجو" في حفل أقامته وزارة الصحة لتكريم برنامج زراعة القوقعة بغزة، برعاية وحضور رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، ووكيل وزارة الصحة د. يوسف أبو الريش، وشخصيات حكومية ونواب في المجلس التشريعي وأطباء وشخصيات قيادية وأكاديمية.

سعادة طفلة

قالت غنى أمامهم: إنني سعيدة أن أصبحت قادرة على السمع والحديث مع الآخرين.

أما والدتها قالت في كلمة أمام المشاركين في الحفل: إن ابنتها ولدت فاقدة للسمع، وفي عام 2017 زرعت قوقعة في مستشفى حمد ومن ثم انتظمت في جلسات تأهيل حتى وصلت مرحلة تسمع من حولها وأصبحت قادرة على التواصل والتخاطب مع الآخرين.

وبينت أن نجاح عملية زراعة القوقعة ساعدها على الالتحاق بالمدرسة، وأصبحت قادرة على التحصيل الدراسي.

ومنذ قرابة خمسة أعوام نجح وفد طبي قطري في إجراء سلسلة عمليات زراعة قوقعة لمرضى بحاجة ماسة لها وغير قادرين على السفر للخارج لإجراء هذه العمليات التي تكلف عشرات آلاف الدولارات.

وقد استطاع الوفد القطري تدريب وتأهيل أطباء فلسطينيين على إجراء هذا النوع من العمليات حتى تمَّ توطينها بغزة، وأصبحوا قادرين على إجرائها.

وجاءت إخلاص الشندي من حي الشجاعية شرق مدينة غزة إلى قاعة الحفل غرب المدينة مع ابنتها آية (6 أعوام) لحضور فعاليات التكريم.

بدت الشندي سعيدة بتعافي ابنتها واستعادة قدرتها على السمع الطبيعي والتفاعل مع الآخرين بعد أن ظلت سنوات عمرها الأولى انطوائية غير قادرة على التعايش.

"كانت حياتها صعبة جدًا بعد فقدانها السمع نتيجة إصابتها بالتهابات حادة في الأذن الوسطى وهي بعمر 3 أعوام" قالت الشندي لـ"فلسطين".

وأشارت إلى أن ابنتها وصلت مرحلة لا تتفاعل مع أحد ولم تتمكن من التواصل معها وفهمها إلا بـ"لغة الإشارة" مستذكرة في الوقت ذاته سنوات ما قبل زراعة القوقعة.

لكن بعد زراعتها أصبحت قادرة على الاستماع والحديث مع الأطفال والتفاعل معهم، وانعكست إيجابيًا على تفاصيل حياتها كلها.

أما ياسمين العزازي من سكان حي التفاح شرق مدينة غزة، لم تتأخر عن المشاركة في الحفل إذ زينت وجهها ابتسامة واسعة وهي تنظر إلى طفلتها أحلام (6 أعوام) عندما كانت تتحدث مع أطفال من جيلها.

وأوضحت العزازي لـ"فلسطين": أنها اكتشفت أن ابنتها تعاني فقدان السمع وهي بعمر 3 أعوام، ولم تكن تتفاعل مع الأطفال وتبكي كثيرًا، ولا تنتبه لمن حولها.

وتابعت: أن إحدى جمعيات الصم بغزة طلبت منها الالتزام بجلسات تعليم لغة الإشارة لطفلتها لكنها رفضت ذلك، وتوجهت إلى مستشفى حمد للتأهيل والأطراف الصناعية لزراعة القوقعة.

وكانت النتيجة أن "أحلام" استطاعت الاندماج مع من حولها وانضمت إلى رياض الأطفال، وتعلمت أشياء كثيرة.

عمليات نوعية

وقال رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس: إن زراعة القوقعة برنامج نوعي يتمتع بدرجة عالية من الأهمية والمسؤولية خاصة أن إحياء الإدراك في مراحل عمرية أكثر فاعلية واستجابة للتدخلات الطبية المناسبة.

وأضاف الدعليس في كلمة خلال الحفل: يتحتم علينا جميعًا كمؤسسات حكومية ومجتمعية ودولية أن نتكاتف جميعًا لتذليل العقبات وتوفير الإمكانيات من أجل ضمان استمرار فعالية هذا البرنامج المتميز الذي قلص علينا جهودًا كبيرة من سفر وتكاليف باهظة، إضافة إلى عدم تأخر التدخل الطبي وفق ما تتطلبه الحالات بسبب الحصار والتضييق ومنع السفر وصعوبة الوضعِ الاقتصادي لأهالي قطاع غزة.

وتابع: انطلاقًا من مسؤوليتنا الوطنية والمجتمعية جميعًا ينبغي أن نسعى بكل السبل الممكنة نحو ضمان استمرارية توفير وتدفق القواقع الخاصة لإتمام عمليات الزراعة، فطواقمُنا على قدر عال من الجهوزية والمهنية والإبداع، ومرافق وزارة الصحة وكذلك المؤسسات الشريكة جاهزة لتذليل عقبات عمليات الزراعة.

وعدَّ برنامج زراعة القوقعة نقلة نوعية يرتقي بها القطاع الصحي بغزة بالرغم من الإمكانيات المحدودة بفعل الحصار، وذلك نتيجة توافق فلسطيني قطري بدأ في فبراير/ شباط 2017، وقد أخذت وزارة الصحة على عاتقها منذ ذلك الحين فكرة توطين برنامجِ زراعة القوقعة.

وأضاف الدعليس: أن وزارة الصحة أشركت فريقًا متميزًا من الكفاءات المتواجدة في محاضنِها مع فريقِ الطب القطري المتخصص في زراعة القواقع وصولًا إلى مرحلة التوطين لهذا البرنامج بأيد فلسطينية بحتة.

ونبَّه إلى أن عدد العمليات التي أجريت بالشراكة بين أطباء فلسطينيين والوفد الطبي القطري، بلغ 194 عملية، في حين تسلم الفريقِ الطبي المحلي برئاسة د. محمد مراد، مشروع زراعة القواقع بالكامل عام 2021، وقد نجح الفريق في إجراء 116 عملية ناجحة، ليصل إجمالي عدد الأطفال الذين استفادوا من برنامج زراعة القوقعة لـ 310 طفلًا.

من جهته قال وكيل وزارة الصحة د. يوسف أبو الريش: إن برنامج زراعة القوقعة انطلق في غزة بجهود كبيرة بذلتها أطراف متعددة، ولا سيما الوفد الطبي القطري الذي كان يرأسه د. خالد عبد الهادي ود. عبد السلام القحطاني، الذين ساعدوا الفريق الطبي المحلي على الوصول إلى مرحلة توطين هذا البرنامج.

وأضاف أبو الريش في كلمة خلال الحفل أن زراعة القوقعة حلقة في سلسلة ممتدة، فالاكتشاف المبكر للحالة المرضية إحدى الحلقات أيضًا، يأتي بعدها التدخل الطبي لتأهيل وفرز الحالات التي تحتاج إلى زراعة ومن ثم إجراء العملية كحلقة وسطى، ويتبعها لاحقًا برنامج التأهيل المتواصل والدعم والإسناد للحالة المرضية إلى حين شفائها بالكامل.

وأشار إلى أن البرنامج الوطني للكشف المبكر للإعاقات السمعية انطلق في 10 عيادات بينها 5 تتبع وكالة الغوث و5 عيادات حكومية، شمل الكشف عن 17 ألف طفل حديث الولادة، تبين أن بينهم 77 حالة بحاجة إلى تدخلات طبية بأشكال مختلفة.

وبين أن المعدل العام لقطاع غزة بحاجة إلى 50 عملية زراعة قوقعة سنويًا، وتتراوح تكلفة العملية خارج قطاع غزة بين 35-40 ألف دولار، يضاف إليها قطع الغيار ومستلزماتها.

قصة التوطين

وقال مدير برنامج زراعة القوقعة في وزارة الصحة بغزة د. محمد مراد: إن مشروع زراعة القوقعة قصة بدأت حين ابتُعثتُ إلى مستشفى حمد في قطر 2011، لتخصص الأنف والأذن والحنجرة كمنحة أميرية وبرعاية الهلال الأحمر القطري، لكن بسبب بعض المعيقات تحولت البعثة إلى مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي في الأردن، وفيها أحد أبرز 7 جراحين متخصصين في زراعة القوقعة بالعالم وهو أ. د. فراس الزعبي.

وأضاف مراد في كلمة خلال الحفل: أنه تلقى التدريب لمدة 7 أعوام، وفي هذه الفترة أنشأ الوفد القطري برئاسة د. خالد عبد الهادي قسم السمع والتوازن في مستشفى حمد بغزة وعمل على تأهيل طاقم متكامل للتأهيل في مجال زراعة القوقعة وبناء المركز القائم حاليًا.

وتابع: وصلنا إلى مرحلة توطين برنامج القوقعة في ديسمبر/ كانون أول 2021، وانطلقت بعدها مبادرة وزارة الصحة "من حقي أسمع" بالشراكة مع مؤسسة (استميد) للحلول السمعية والهلال الأحمر الفلسطيني وبدعم من الهلال الأحمر القطري وأيضًا شراكة جمعية إعمار ومؤسسة "باما"، إذ نُفذت 310 عمليات زراعة بمعدل 194 قبل التوطين و116 بعد التوطين وبنسبة نجاح تفوق 98 بالمئة.