فلسطين أون لاين

أئمة ودعاة: تدنيس المساجد حرب دينية يجب مواجهتها بالقوة

...
آثار تمزيق المستوطنين للقرآن في مسجد عوريف
غزة/ هدى الدلو:

يتفق دعاة وأئمة على أن الفعل الشنيع الذي شهده مسجد الرباط في قرية عوريف من مجموعة من المستوطنين المتطرفين إنما تأتي في سياق استيطاني مدعوم من الجماعات المستوطنة والمنظمات اليمينية المتطرفة تمامًا كالاقتحامات التي يشهدها المسجد الأقصى يوميًا، مع اختلاف الأساليب التي تنوطي كلها على ترويع المجتمع الفلسطيني المسلم، وتشويه الهوية الثقافية والدينية للشعب الفلسطيني وتنسف رموزه الدينية والتاريخية.

عقيدة الحرق

ويؤكد الشيخ الداعية مصطفى أبو توهة أن المطلع على تاريخ العلاقات والحوارات والأديان والملل لن يجد في سجلاته كالإسلام دينًا احترم غيره من الأديان والشرائع، ففي الوقت الذي تقوم عقيدة غلاة المستوطنين على الإحراق فإن الإسلام لا يعترف بهذه العقيدة العدمية التي تعبر عن لوثة عقلية واعوجاج في طبيعة النفس البشرية.

ويبين أن الإسلام اعترف بحرية الإنسان في الاعتقاد أيًا ما كان هذا المعتقد، وذلك ما أشار إليه قوله تعالى: "فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"، "ولنا الفخر أننا أول من ابتدع فكرة الحرية الدينية لقوله تعالى: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ".

ويوضح أبو توهة أن عقيدة الحرق عند المستوطنين ليست وليدة، فأحداث التاريخ الفلسطيني زاخرة بالأحداث بدءًا من حرق المسجد الأقصى عام 1969، مرورًا بإحراق الطفل محمد أبو خضير عام 2014 وهو على قيد الحياة، ومرورًا بإحراق مسجد المغير في رام الله، عائلة دوابشة بقرية دوما عام 2015، ومسجد البر والإحسان في البيرة، وحرق قرية بيتا جنوب نابلس، وممتلكات المواطنين في حوارة.

ويقول: إن ممارسات المستوطنين في إحراق كل ما هو مقدس قائمة على نهج سياسي استيطاني يمارسه النظام الإسرائيلي عبر جيشين يكمل أحدهما دور الآخر، جيش المستوطنين وجيش حكومة الاحتلال.

ويلفت إلى أن ما حدث في مسجد الرباط يمثل تطهيرًا عرقيًا يوجب على الفلسطينيين الدفاع عن مقدساتهم وحمايتها بكل الوسائل من أي أعمال تدنيس أو تخريب.

ويشدد أبو توهة على أن جرائم المستوطنين هذه لن تنتهي عند حد لأنهم جادون في فعل الإفساد في الأرض "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا"، وعلة ذلك هي حالة الاستضعاف والخنوع وتتطلب إعداد القوة في ميادين كثيرة، كقوة الدين كما أشار إلى ذلك ابن خلدون في مقدمته، وقوة الوحدة والتماسك، وقوة السلاح والعتاد وهو قانون الطبيعة التي تفرض نفسها على الأشياء.

واستشهد أبو توهة بما حدث مع الرسول عليه الصلاة والسلام وبني النظير وقينقاع في غزوة الخندق، "عندنا حرض اليهود قبائل العرب كلها في شمال المدينة وقبيلة قريش حتى حشدوا 10 آلاف مقاتل، كادوا أن يجتاحوا المدينة، فلما كفى الله المؤمنين القتال انقلب النبي إلى يهود بني قريظة الذين كانوا يعيشون في قلب المدينة فضرب ضربته جزاءً وفاقًا وشتتهم في بلاد الشام".

تجاوز الشجب والاستنكار

من جانبه عدّ الإمام والخطيب نادر أبو شرخ فعل المستوطنين عملًا جبانًا ينافي كل معاني الإنسانية والحريات الدينية، ويظهر صورة الصهيوني العنصري الذي يطبق نظرية الأبارتهايد مع الفلسطينيين.

ويبين أن جرأة المستوطنين على بيوت الله لم تكن حديثة عهد، فمنذ أن وطأت أقدام الصهاينة أرض فلسطين وهم يحاولون تدنيس المساجد وانتهاك المقدسات، خاصة المسجد الأقصى المبارك الذي يشكل رمزية عقائدية لكل مسلمي العالم.

واستشهد بالقرآن الكريم الذي بين تطاولهم على رب العزة ووسمه بأسوأ الألفاظ، كقولهم "إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ"، وقولهم: "يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا..." ونسبتهم الولد إلى الله "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ".

ويلفت أبو شرخ إلى "تطاول اليهود" أيضًا على رسول الله وأذيته ومحاولة قتله تارة بالحجر وتارة بالسم وتارة بالسحر، لكن الله نجاه ونصره عليهم بعد أن هزمهم وفرقهم وأجلاهم من جزيرة العرب.

وواجب الأمة اليوم يجب أن يتعدى الشجب والاستنكار إلى التنفيذ الواقعي وحماية مقدسات الفلسطينيين من عبث الصهيونية، "وذلك بالجهاد ومقاتلة أعداء الله وطردهم من فلسطين، وملاحقة المعتدين في المحافل الدولية والعالمية، وعلى شباب الضفة أن يشكلوا مجموعات دورية لحماية وحراسة المساجد خاصة في القرى القريبة من التجمعات الاستيطانية".

ويلفت أبو شرخ إلى ضرورة أن تتعاون السلطة قبل ذلك مع جماهير شعبها وتوفر القوة الشرطية اللازمة لحراسة المساجد والأهالي بدل أن تفرط بهذه القوة وتهدرها في ملاحقة المقاومين ومنع العمليات الفدائية.

حرب دينية

ومن جهته، يرى الخطيب محمد شبير أن هذه الحادثة تأتي ضمن حلقة من حلقات الحرب الدينية العقائدية على الإسلام والمسلمين ينفذها المستوطنون بين الفنية والأخرى، كحملة ممنهجة لطمس معالم الهوية الإسلامية، مشيرًا إلى أن ذلك ما هو إلا بشارة ومقدمة لدحرهم عن أرض فلسطين، فمن يحارب الله مصيره إلى زوال.

ويقول: "علينا أن نقوم بواجبنا في ذلك، وينقسم إلى قسمين، الأول جهادي بالتصدي بأجساد عارية لمثل تلك التعديات والدفاع عن بيوت الله حتى لو أدى الأمر لوقوع إصابات وشهداء، والآخر ممن هم خارج القرية بأن نعد العدة ونربي أبنائنا ليوم ندخل فيه مساجدنا فاتحين محررين".