نشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام مشاهد مصورة من عملية استشهادية نفذها الاستشهادي إسماعيل المعصوابي في مغتصبة "دوغيت" المحررة شمال قطاع غزة عام 2001.
وتمكن الاستشهادي المعصوابي من مخيم الشاطئ، بتاريخ 22-6-2001م، من اقتحام مغتصبة "دوغيت" إلى الشمال من قطاع غزة، ثم فجر سيارته التي كان يستقلها الأمر الذي أدى إلى مقتل جنود وإصابة 7 آخرين.
وأحب المعصوابي حياة الجهاد، وتعلّق قلبه بحب المجاهدين، كما عشق الشهادة ودعا الله أن يكرمه بها، كما عُرف بشجاعته وجرأته في مواطن الجهاد، وكان له مع جنود الاحتلال ودورياته أخبار وأخبار، فمنذ سنوات عمره الأولى كان يخرج برفقة إخوانه إلى المواجهات مع العدو، ولما بدأت انتفاضة الأقصى المباركة فتح مجاهدنا القسامي إسماعيل المعصوابي صفحة جديدة من صفحات جهاده المبارك.
مولده ونشأته
بتاريخ 8-1-1979م ولد المجاهد القسامي إسماعيل بشير المعصوابي، وذلك في حي الشجاعية، حي الشهداء القساميين الميامين كان مسقط رأسه، ومرتع طفولته.
تعود جذور شهيدنا إلى مدينة المجدل التي هجرها أهلها عنوةً سنة 1948م، لتعيش أسرة الشهيد الحياة بآلامها وأوجاعها كباقي الأسر الفلسطينية المهجرة، عاش إسماعيل في أحضان أسرته المتواضعة وتربى منذ طفولته على التربية الإسلامية، كما ارتاد المساجد وصام رمضان منذ سن السادسة.
متفوقا في دراسته
أنهى إسماعيل السنوات الدراسية الأولى في حي الشجاعية، ولما بلغ من العمر أحد عشر عاماً انتقلت أسرته إلى مخيم التحدي، مخيم الشهداء والاستشهاديين، مخيم الشاطئ ليكمل إسماعيل مع أبناء المخيم دراسته في المرحلة الإعدادية، واستمر في مسيرته التعليمية حتى أنهى الدراسة الثانوية، وانتسب إلى جامعة الأقصى عام 1998م لدراسة هوايته المفضلة التي أحبها إسماعيل من كل قلبه، ألا وهي التربية الفنية، حيث اشتهر إسماعيل -رحمة الله- بجمال خطه وروعة النقش والرسم، وسائر فنون التشكيل، ولا تزال اللوحات التي تركها شاهدةً له على مشواره الفني المميز الذي خدم به الإسلام والمسلمين، فمن تحمله قدماه إلى مسجد عبد الله بن عمر "السوسي" في مخيم الشاطئ -حيث كان يصلي الشهيد- يرى اللوحات الفنية الرائعة التي صنعها إسماعيل بيديه على جدران المسجد و تبهر من يراها بجمالها وروعتها.
اهتم إسماعيل بالخط كثيراً، فأخذ يطلب كراسات الخط من كل من يسافر إلى الدول العربية كي يتعلم المزيد عن هذه الهواية، كما أنه قام بتزيين جدران أعراس الشهداء بعبارات النعي، وشعارات التوحيد.
لكن إسماعيل لم يتخرج من الجامعة، حيث إنه تخرج من الدنيا شهيداً وهو يشارف على نهاية عامه الدراسي الأخير.
إسماعيل الشيخ المربي
التزم إسماعيل بالصلاة في المسجد منذ طفولته، كما أنه لم يكن يترك التسبيح بعد الصلاة، وداوم على تلاوة القرآن وذكر الله، وتذكر والدته بأنه اعتاد بأن يحيي الليل ويقيمه بالصلاة بين يدي الله، يدعو الله ويلح عليه بالدعاء، وكانت أمه كثيراً ماتشفق عليه وتتمنى أن تصلي خلفه لما ترى من خشوعه في الصلاة ،وأخذاً بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم للشباب فكان إسماعيل كثير الصيام.
عرف عن إسماعيل -رحمه الله- أنه لم يكن يترك صلاة الفجر في المسجد، وحريصاً على ألا تفوته، وبعد الصلاة يمكث في محرابه يقرأ القرآن ويذكر الله ويدعوه حتى تشرق الشمس ليصلي بعد ذلك صلاة الضحى فيكون له أجر عمرة وحجة تامة، كما أخبر بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام.
لم يكتفِ إسماعيل بتربية نفسه التربية الإيمانية، بل حرص على أن ينقل هذه التربية وهذه الخصال إلى جميع من حوله، فأخذ يشجع إخوانه وأهله وأقاربه على الصلاة، ويوصي إخوانه وأخواته بتعليم أبنائهم وتحفيظهم القرآن، ويقول لأولاد أخيه وأخواته: "احفظوا القرآن، وسمعوا لي ماحفظتم"، ويعطيهم النقود تشجيعاً لهم على الحفظ.
كان إسماعيل رحمه الله شديد البر بأمه وأبيه، فكان مطيعاً لهما، وبمجرد أن يسمع منهم طلباً يطير لينفذه سواءً في البيت أو خارجه، حيث ساعد أمه في غسل السجاد وتوضيب البيت وتنظيفه، كذلك كان إسماعيل مع والده وسائر إخوانه، فيقوم بزيارتهم حاملا معه الهدايا والأشرطة الإسلامية والكتيبات.
إسماعيل والمسجد
احتل المسجد مكانةً عالية في قلب الشهيد، فهو بيت العبادة وبيت الدعوة والتربية والتحريض على الجهاد، وكان إسماعيل مربياً لأشبال المسجد ومحفظاً للقرآن، كما أنه قام بعمل الجلسات بشكل يومي بعد صلاة المغرب، حيث يجلس مع الأشبال ويعلمهم أمور الدين و الفقه والعقيدة، ويربيهم على الأخلاق الإسلامية والصفات الطيبة وكان -رحمه الله- يختار الكتب النافعة فيقوم بتدريسها للأشبال، محباً للأشبال ويعاملهم وكأنهم أبناؤه، لأنه يرى فيهم الأمل لتحرير الأوطان ونشر الإسلام في المستقبل، كما أن الأشبال بادلوه المحبة، فكانوا يستمتعون بسماع حديثه وقصصه ومواعظه الطيبة.
أما شباب المسجد فكان إسماعيل محباَ لهم، يبتسم في وجوههم ويصافحهم ويقف معهم كلما رآهم، ويسدي لهم النصائح، ويشجعهم على أخلاقهم الطيبة ومواقفهم الحسنة، ومع ذلك لم يكن يتردد في إرشاد المخطئ وإصلاح الخلل إذا وجده.
خرج شهيدنا مع إخوانه في الرحلات، وشارك في المخيمات الصيفية، ويدخل السعادة على جميع من يصحبه فيفرحون لرؤيته والجلوس معه، وبذلك امتلك محبة الجميع سواء الشيوخ أو الشباب أو الأشبال في المسجد وكذلك الأهل والأقارب.
وفي كل هذه الفترة، عمل إسماعيل ضمن إطار حركة المقاومة الإسلامية حماس بجد واجتهاد، ويصل ساعات الليل بالنهار وهو ينتقل من ميدان إلى ميدان، حيث الكتابة على الجدران، أو عمل الجلسات والندوات، أو إقامة المهرجانات والحفلات، أو الزيارات الاجتماعية، كما واظب على جلساته حتى أصبح جندياً في دعوة الإخوان المسلمين، ليكون نعم الجندي العامل المجتهد.
المشوار الجهادي
عرف إسماعيل بشجاعته وجرأته في مواطن الجهاد، فمنذ سنوات عمره الأولى خرج برفقة إخوانه إلى المواجهات مع العدو، ولما بدأت انتفاضة الأقصى المباركة فتح إسماعيل صفحة جديدة من صفحات جهاده المبارك، فأخذ يخرج في معظم الأيام إلى نقاط الاحتكاك وساحات المواجهات في معبر المنطار شرق غزة، ويقوم برشق الجنود المدججين بما وقع في يديه من حجارة وزجاجات حارقة، وفي أحد الأيام وهو في ساحة المواجهات مع جنود أحد المواقع الصهيونية، فأذن المغرب وهو هناك، فنادى في الشباب المتواجدين يدعوهم للصلاة، فرفض الشباب لأن جنود الاحتلال كانوا يطلقون النار بشكل مكثف في المكان، لكن إسماعيل أصر على موقفه وقال: "تعالوا لنصلي، فإذا قتلنا نموت شهداء"، وصلى بهم إماما والرصاص فوق رؤوسهم، ولما علمت أمه بذلك قالت له: "أنا لا أريدك أن تستشهد هكذا، أريد أن تنفذ عملية تقتل بها أولئك الجنود لا أن يقتلوك هم بدمٍ بارد"، فكان إسماعيل يقول لها: "أنا أجاهد هناك حتى أطبق قول الله تعالى"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "، وحتى تكون عندي الشجاعة، وأحب أن أكون بين زخات الرصاص في ساحة الوغى".
كما أن إسماعيل كان أول المتقدمين في بداية انتفاضة الأقصى لحرق الخمارات وبؤر الفساد على شواطئ مدينة غزة وفي شوارعها ، حيث شوهد وهو يكسر زجاجات الخمر ويلقي بصناديقها على الأرض وهو يصدح بالتكبير والتهليل ليعيد ذكرى يوم حرمت الخمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فامتلأت بها الشوارع، وذلك حين استجاب المسلمون لقول الرسول وأراقوا ما ليدهم منها ، وعلى خلفية هذه القضية تم استدعاؤه من قبل أجهزة السلطة وتم استجوابه، فوقف إسماعيل بكل شجاعة أمام المحققين وأنكر جميع التهم الموجهة إليه قائلاً لهم قول الله "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" ، فأخرس بكلماته تلك التي أجراها الله على لسانه أفواه المحققين.
إسماعيل والاعتقال
اعتقل إسماعيل وهو في الحادية عشرة من عمره من قبل قوات الاحتلال الصهيوني وذلك في بداية الانتفاضة الأولى، حيث أمسكت به دورية للجيش الصهيوني وهو ذاهب لأداء صلاة الظهر، وأفرج عنه بعد دفع كفالة مالية.
ومع قدوم السلطة "البائدة" اشتد الخناق على إسماعيل وإخوانه، فقد فتحت السجون، ولوحق الشباب المسلم، ومورست بحقهم أشكال التنكيل وصنوف العذاب، فكان ظلم ذوي القربى أشدَّ مرارة على نفوسهم، واستُدعى إسماعيل -رحمه الله- لمراتٍ عديدة من قبل أجهزة السلطة، وكان يُطلب منه ألا يجلس في جلسات المسجد، وألا يسبح بعد الصلاة إلا في البيت، فكان إسماعيل يرد عليهم: "والله لو قمت بعد الرمل حبة بعد حبة ما تركت التسبيح في المسجد"، كان يرفض إملاءاتهم بشدّة، مما دفع السلطة لاعتقاله وسجنه في معتقلات غزة، وكان يتعرض يومياً للتعذيب والتنكيل، حيث كان يسكب عليه الماء البارد في فصل الشتاء وعلى مدار ساعات الليل من فتحة أعلى زنزانته، وكان رأسه توضع في براميل المياه البارد حتى يكاد يختنق، هذا غير الضرب المبرح والشبح وتقييد الأيدي والأرجل، لكن إسماعيل لم يستسلم للسجان، وظل على حاله من الالتزام بشرع الله ودينه.
اختياره لتنفيذ عملية استشهادية
أصبحت شجاعة إسماعيل وجرأته معلومة لدى الجميع، فمن لم يشاهده بعينه كان يسمع عنه بأذنه، ولاحظ إخوانه في كتائب القسام ذلك بأم أعينهم، فكانوا معجبين به ومستشعرين صدقه وإخلاصه، فأكرمه الله بأن وقع عليه الاختيار لتنفيذ عملية استشهادية ضد أحد الأهداف الصهيونية الجاثمة في غزة، فأُخبر إسماعيل بذلك فطار من شدة الفرح، وأخذ يعد نفسه أكثر فأكثر، ويتجهز للقاء الله سبحانه وتعالى.
وأخذ إسماعيل يودع إخوانه بنظراته الحنونة، وابتسامته العذبة، وأخذ يداعب والديه وإخوانه وأخواته ويمازحهم، وقبل استشهاده دعا إخوانه لصيام يوم الخميس لتناول طعام الإفطار عنده في البيت، فاجتمع بهم ودون أن يشعرهم بشيء وأوصاهم بأمور الدين والمسجد والدعاء له، كما تذكرُ أخته أنه في المساء الذي سبق ليلة الشهادة جلس مع أخواته فأخذن يتكلمن عن الزواج، وأخبرنه أنهن اختاروا له عروساً تحفظ أجزاء من القرآن، ومتدينة، وسألوه عن رأيه، فابتسم ونظر إليهن وقال: "أمي تعرف من سأتزوج"، فقالت أمه: "نعم، إنه سيتزوج بالحور العين إن شاء الله".
إسماعيل يجندل جنود الاحتلال
تقول أم الشهيد: "يوم استشهاده هو يوم 22-6-2001م الذي وافق الجمعة الأخيرة من حياة حبيبنا إسماعيل في هذه الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة، في هذا اليوم ارتقى إسماعيل شهيداً إلى الرفيق الأعلى، لقد كان طبيعياً جداً ومارس حياته كعادته، وقبيل صلاة الفجر صلى ما تيسر له من قيام الليل، وقبل أن يخرج إلى المسجد أعطاني بعض تمرات ثم ذهب إلى صلاة الفجر في المسجد كعادته، ولحسن حظه أن إمام المسجد كان متغيباً فكان شرفاً لإسماعيل بأن يؤم المصلين في هذه الصلاة المشهودة، وقد فتح الله عليه بالدعاء الذي هز مشاعر المصلين من خلفه، وهذا الدعاء كان مميزاً حسب شهادة من صلى خلفه، وكان من ضمن دعائه أنه ألح على الله أن يرزقه الشهادة ويقول: "اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى"، وقد أطال بدعائه على غير العادة، وقال له بعض المصلين: "لقد أطلت علينا بالدعاء"، فطلب منهم المسامحة، ثم عاد إلى البيت بعد الشروق ونام حتى الساعة العاشرة صباحاً، وبعد ذلك ذهب إلى صلاة الجمعة مبكراً كعادته فقد كان يحب أن يكون في الصف الأول، فصلى الجمعة ثم عاد إلى المنزل وتوضأ وصلى ركعتين، ثم لبس ملابس جديدة وخرج وهو صائم، وكانت الأمور طبيعية ولا يظهر عليه أي تغير، وفي الطريق كان إسماعيل موعوداً مع أصحابه للذهاب إلى البحر، وعند منتصف الطريق قال لهم: أنا متعب وأريد أن أعتذر منكم كي أذهب إلى البيت، فقال له أصحابه: عذرك مقبول، ويقول أحد أصدقائه: في الطريق رأى إسماعيل على أحد الجدران وبجانب مجمع النفايات رسم على حمار أعزكم الله، وعلى الحمار كلمة عبد الحي، فقال: "أستغفر الله لفظ الجلالة بجانب النفايات وعلى الحمار"، ثم أمسك بحجر وقام بحك وشطب لفظ الجلالة، واستمر في سيره إلى البيت، وكان من عادته أنه إذا رأى ورقة غلاف لمنتجات شركة رام الله على الأرض يقوم بشطبها ويتمعر وجهه غضباً لانتهاك حرمة الله ورمي لفظ الجلالة على الأرض.
وحين جاء الموعد المحدد للانطلاق ركب إسماعيل الجيب المفخخ وكله لهفه للقاء الله سبحانه وتعالى، وسار في طريقه إلى هدفه المحدد تحفه عناية الرحمن ورعايته، ليقتحم على الصهاينة جحورهم ومخابئهم، ولما وصل إحدى دوريات العدو بالقرب من مغتصبة دوغيت الجاثمة على أراضي المواطنين شمال غزة ضغط زر التفجير فدوى صوت الانفجار الهائل الذي اهتز له المكان، وتطايرت الأعضاء، وتناثرت الدماء وعلت سحب الدخان في سماء المكان، فارتقى إسماعيل شهيداً صادقاً مخلصاً وجندل أعداء الله اليهود مرعباً بذلك دولتهم وأركانهم جيشهم.
نتائج العملية وانتشار الخبر
فور وقوع العملية اعترفت إذاعات العدو بها، واعترفت كذلك بشدتها مخبرة أن عدد القتلى في هذه العملية يزيد عن ثلاثة جنود والعديد من الإصابات، وقد شوهدت الصور لأشلاء الجنود وصور أخرى لجنود وصلوا إلى المكان وهم يبكون رفاقهم القتلى لا يتمالكون أنفسهم من هول الموقف.
وفي بيان لكتائب القسام نشر في نفس اليوم أعلنت الكتائب مسئوليتها عن عملية دوغيت الاستشهادية، وزفت إلى الأمة العربية والإسلامية الشهيد المجاهد إسماعيل بشير المعصوابي من سكان مخيم الشاطئ، الذي ناب عن المسلمين ونفذ الهجوم الاستشهادي الموفق الذي سقط فيه العديد من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح، وقالت الكتائب في بيانها: أن هذه العملية مهداة إلى شعبنا المجاهد وقد جاءت في إطار الرد على الصهاينة لما يرتكبونه من اعتداءات على المواطنين الفلسطينيين وعلى المقدسات الإسلامية.
وعندما وصل الخبر إلى المخيم اضطرب كل ركن فيه، وهاج المخيم وماج، فمن ذاهبٍ إلى بيت الشهيد يهنئ أهله، ومن موزعٍ للحلوى ابتهاجاً بالعملية، كل ذلك والمآذن تصدح بالتكبير والتهليل ويهتف الشباب باسم إسماعيل الذي رحل عن المخيم استشهاديا مجاهداً فجندل جنود الاحتلال وأرعبهم.
كرامات الشهيد ترويها أمه
استشهد ولدي اسماعيل، طلبت من الله سبحانه وتعالى بأن يكرمني برؤية ولدي اسماعيل لأنه لم يكن له جثة فأكرمني الله سبحانه وتعالى بأني نمت على جانبي الأيمن بعد صلاة الفجر باستشهاده بيوم وقرأت ما تيسر من القرآن وبعد ذلك رأيت نوراً ساطعاً فرأيت إسماعيل أمامي والنور في وجهه ومن حوله وكان يلبس جلبية بيضاء وفي يده سبحة وعلى رأسه طاقية بيضاء فقلت له يا اسماعيل ما شاء الله يا بني ما هذا النور وما هذه الأنهار (أنهار من لبن وأنهار من عسل) فقال لي لقد أصبت الفردوس الأعلى في الجنة وقلت الحمد لله يا بني الذي أكرمك بذلك فكان معه تاجين من وقار وقلت له لمن يا بني فألبسني واحداً وقال لي هذا لأبي وقد رأيته برؤية أخرى وهو مع حور العين ونورهم يفوق الوصف من كثرة جمالهم والحمد لله رب العالمين، الكرامات كثيرة وكثيرة وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى لأنه كان دائماً يحرص على رضائي ورضاء والدته وكان يمسح بلحيته على رجلي ويقبلهم وأقول له يابني لماذا تفعل هذا فيقول لي هاهنا الجنة يا أمي الجنة تحت أقدامك.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وداع الشهيد
في يوم السبت -بعد استشهاده بيوم- خرجت له مسيرة حاشدة من معسكر الشاطئ إلى المسجد العمري لصلاة الغائب عليه، ذلك لأن المعلومات التي وصلت تفيد بأنه لا يوجد له جثة، لكن صباح يوم الأحد وصلت جثة إسماعيل وكانت تزن ثلاثة كيلو فقط، وعندئذ خرجت له مسيرة ثانية حاشدة بعد أن صلوا عليه في مسجد عبد الله بن عمر (السوسي)، لتحمل بقايا جثمانه الطاهر في تابوتٍ موشحٍ بشعار التوحيد على أكتاف الشباب الذين ارتفعت حناجرهم بالتكبير والحمد والتهليل، ليدفن بعد ذلك في مقبرة الشهداء بجوار إخوانه الذين سبقوه إلى رضوان الله.
فوداعاً إسماعيل أيها البطل الشهيد، وداعاً إسماعيل أيها الأخ الحبيب، وداعاً إسماعيل أيها الابن البار، وداعاً إسماعيل أيها المجاهد المنتصر بفضل الله، ولقاؤنا بك يا إسماعيل في جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.