حذّر الناشط في المرصد العربي لحقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل وائل طربيه من أنّ مشروع تركيب "التوربينات الهوائية" الإسرائيلي يُشكّل خطورة كبيرة على السكان، معتبرًا إياه وسيلة استيطانية ضمن ممارسات الاحتلال بحق الجولان.
ويشهد الجولان المحتل منذ أيام مواجهات بين السكان وقوات الاحتلال، ضمن معركة يخوضها الأهالي ضد المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، الذي في ظاهره لتوفير طاقة هوائية، لكنه في باطنه يهدف للاستيلاء على مناطق زراعية وتهجيرهم قسرًا، وهو ما أدى إلى وقوع عدة إصابات في صفوف المواطنين هناك.
وأوضح طربيه في اتصال خاص بصحيفة "فلسطين"، أنّ إقامة المشروع تُشكّل مخاطر عدّة على السكان، أبرزها القضاء على الزراعة التقليدية في الجولان المحتل، وتحويلها إلى منطقة صناعية، ما سيؤدي إلى تشويه المنظر الطبيعي.
وبيّن أنّ المشروع سيحد من "السياحة الزراعية" التي بات يعتمد عليها أهالي الجولان في السنوات الأخيرة، والكثير من أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئين، إضافة إلى إضعاف الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.
وأشار إلى أنّ هذه "التوربينات" هي الأكبر من نوعها التي ستُستقدم لدولة الاحتلال، حيث يصل ارتفاعها إلى 200 متر، منبهًا إلى أنها تصدر أمواجًا خطيرة تسبب الأمراض للإنسان وتؤثر على النساء الحوامل وخاصة مصابي الصرع.
وذكر طربيه أنّ قوانين الاحتلال تنص على أن تبتعد تلك التوربينات بالحد الأدنى عن السكان مسافة (500-1000) متر، كونها تسبب أمراضًا خطيرة، لكنه لم يلتزم بذلك ويريد إنشاءها بجانب الأراضي الزراعية ومساكن المزارعين.
والجولان السوري هو هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، وهو يتبع إداريًّا لمحافظة القنيطرة، وهي جزء من أراضي سوريا وتتبع لها.
ومنذ عدوان 1967 احتل جيش الاحتلال الإسرائيلي ثلثي مساحة الجولان، وعدّتها الأمم المتحدة من ذلك الحين أرضًا سورية محتلة، وتطالب الحكومة السورية بتحريرها وإعادة السيادة السورية عليها.
خطة ضد السكان
وأوضح طربيه أنّ مشروع "التوربينات" يعود لعام 2017، حينما حاولت سلطات الاحتلال تمريره بطريقة "غير واضحة" لأهالي الجولان المحتل، مُستغلةً قلة الوعي لديهم بالمخاطر الناجمة عن تنفيذه.
وذكر أنّ الاحتلال روّج للأهالي والمزارعين أنّ المشروع سيأخذ مساحة قليلة من الأرض لكنه سيعود عليهم بمردود مالي كبير، دون توضيح المخاطر السياسية والاقتصادية والصحية الناتجة عنه.
وقال: إنّ سلطات الاحتلال أبرمت اتفاقية غامضة مع أهالي الجولان، حصلت من خلالها على توقيع عقود مع عددٍ من المزارعين باستقطاع مساحات من أراضيهم الزراعية لصالح تركيب التوربينات الهوائية لمدة 20 عامًا.
وأضاف أنّ الأهالي حينما عرفوا تفاصيل المخطط الإسرائيلي الخاص بالاتفاقية تراجعوا عن الاتفاقية، مشيرًا إلى أنهم توجهوا إلى محاكم الاحتلال وقدموا الأدلة المتعلقة بالأضرار المترتبة على المشروع من أجل وقفه، لكنّ الأخيرة رفضت.
وأفاد بأن مساحة الأراضي الزراعية في الجولان تبلغ 21 ألف دونم، حيث سيمتد مشروع "التوربينات الهوائية" على مساحة 3500 دونم منها، لافتًا إلى أنّ الاحتلال يستولي على أكثر من 80% من مساحة الجولان البالغة 100 ألف دونم.
وبحسب طربيه، فإنّ الاحتلال يقتطع آلاف الدونمات لإنشاء ما يُسميه "المحميات الطبيعية" الأمر الذي يُضيّق الخناق على السكان البالغ تعدادهم 22 ألف نسمة ويعيشون في خمس قرى تبلغ مساحتها 26 ألف دونم.
وشدّد على أنّ استهداف الاحتلال للأراضي العربية هي حقيقة دامغة على مدار سنوات طويلة، لافتًا إلى أنه يستهدف الجولان على مدار الأربعة عقود الماضية.
وأفاد بأنّ الاحتلال أقام 34 مستوطنة إسرائيلية في الجولان يجثم فيها نحو 29 ألف مستوطن، مؤكدًا أنه استغل تردّي الأوضاع السياسية في سوريا من أجل السيطرة على الجولان.
استقدام مستوطنين
وكشف أنّ هناك مشروعًا استيطانيًّا ضخمًا يهدف إلى استقدام 250 ألف مستوطن يهودي جديد للجولان المحتل بحلول عام 2042، الذي سيحتفلون به بمرور مئة عام على احتلال الجولان.
ولفت إلى أنّ مشروع "التوربينات الهوائية" وغيره من المشاريع الاستيطانية يندرج في إطار خلق أسواق عمل وتطوير البنية التحتية، ومن ضمنها إقامة مطارين، وصولًا إلى المشروع الضخم الذي ينوي الاحتلال إقامته.
وبيّن أن حالة اليأس لدى سكان الجولان بفعل تردي الأوضاع الميدانية في سوريا سمح للاحتلال بإقامة مشاريع استيطانية كبيرة والعمل على أسرلة الجولان، وذلك ضمن مخطط فصل.
وشدد على أنّ أهالي الجولان يتصدون للاحتلال بكل الوسائل المتاحة لديهم، وهم يثبتون دائمًا مواقفهم الوطنية بالدفاع عن أرضهم مهما كلفهم الثمن.
وكان رئيس حكومة المستوطنين الفاشية بنيامين نتنياهو قال في تصريح سابق عن مشروع "التوربينات الهوائية": إنه "مشروع قومي لـ(إسرائيل)".
وأغلق أهالي الجليل والكرمل أمس كافة الطرق خاصة شارع رقم "6" الذي يؤدي للمنطقة، وذلك تضامنًا مع أهالي الجولان وحقهم الشرعي بأراضيهم.
وتحتاج كل "تربينة هوائية" تريد سلطات الاحتلال تركيبها، إلى ألف كوب من الإسمنت، وهي مستمرة بعمليات الحفر تمهيدًا لتركيبها، وسط تصاعد المواجهات في المنطقة.