فلسطين أون لاين

تقرير "الكرز".. موسم الجمال والمال في "كفر راعي"

...
"الكرز".. موسم الجمال والمال في "كفر راعي"
جنين/ غزة- فاطمة الزهراء العويني:

بلونه الأحمر القاني يكسو الكرز الجميل أراضي بلدة "كفر راعي" التي تنتظر الموسم بشوق لتقطف الثمار الجميلة وتغلفها وتوزعها في أنحاء الضفة الغربية، فمنذ خمسينيات القرن الماضي اشتهرت البلدة بزراعة الكرز بأنواعه العديدة ما جعله موروثًا زراعيًا فلسطينيًا يميز البلدة بلوحة فسيفسائية رائعة.

تعود جذور شجرة الكرز لشرق آسيا في جنوب روسيا وشمال تركيا حيث الأجواء الباردة، وانتقلت لفلسطين في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وزرعت في مناطق عدة من فلسطين وسوريا لكنها لم تنجح سوى في الجولان المحتل وجزء من المناطق الساحلية متمثلة في بلدة كفر راعي قضاء جنين، كما يبين أحد مزارعي الكرز لؤي الشيخ إبراهيم.

في أواسط السبعينات تطورت زراعة الكرز في "كفر راعي" مع بحث المزارعين الدائم عن أنواعٍ منه أسهل في الزراعة وأكثر إنتاجًا فلم يعودوا يزرعون "البلدي فقط" بل أضافوا له "الأمريكي" لكنه لم يكن مجدٍ اقتصاديًا.

كما أضافوا صنفَيْن آخرَيْن هما: "الشامي" و"الخليلي" اللذان يتميزان بغزارة الإنتاج، وجمال الحبة الذي يُسهم كثيرًا في تسويقها، إلى جانب تميز الثمار بطعم مميز يجمع بين الحامض والحلو، والقدرة على التحكم في عرضه بالأسواق أكثر من الأنواع الأخرى، وفق الشيخ إبراهيم.

ويشرح بالقول: "الكرز البلدي والأمريكي في أحسن حالاتهما يجب قطفهما وتسويقهما في 45 يومًا على الأكثر، لكن الشامي والخليلي يمكن تأخير قطفهما لفترة أطول، فعندما يجد المزارع أن المعروض في السوق أكثر من الطلب فإنه يؤخر قطافهما ما يقلل خسائره".

وموسم الكرز جميلٌ بألوانه الزاهية بين الأخضر والأحمر وكذلك بقطافه السهل، إذ يكون الجو لطيفًا فيستمتع المزارعون بقطفه، "غالبًا يبدأ موسم الكرز منذ منتصف مارس وحتى أوائل يونيو، فيكون الجو ليس حارًا ولا باردًا".

وفرة الإنتاج

غير أن توجه المزارعين نحو أساليب الزراعة الكثيفة للتمتع بغزارة الإنتاج يجعل الأشجار بحاجة لعناية كثيفة من استخدام الأسمدة والمبيدات والرش والحراثة والتقليم وكلها أمور مكلفة، تحمله أعباء إضافية.

ويتابع إبراهيم: "كما أن شجرة الكرز غير معمرة فمتوسط عمرها يتراوح بين "20-25" عامًا لكن المزارعين هنا تعاملوا مع الأمر بذكاء فما أن شعروا بأن شجرة قاربت على الهرم فإنهم يزرعون بجانبها شجرة أخرى".

وتصبح شجرة الكرز في السنة الرابعة من عمرها مجدية اقتصاديًا، وتوفر فرص عمل مؤقتة لقرابة ثمانين ألف مواطن في كفر راعي، إذ تنتج قرابة ألف طن سنوياً بدخل يقارب على حد أدنى ثمانية مليون شيقل، ويعيل 400 عائلة أساسيًا في حين تعتاش عليه عائلات أخرى إضافيًا بجانب الزيتون.

في حين يبين رئيس بلدية كفر راعي ماجد الشيخ إبراهيم أن مساحة البلدة تبلغ 36 ألف دونم، منها قرابة ست آلاف دونم مزروعة بالكرز، في حين تزرع آلاف الدونمات الأخرى باللوزيات والزيتون والزراعات البعلية.

ويقول: "يعد موسم الكرز شيئًا رئيسيًا لأهل البلدة، إذ يعتمد كثيرون منهم عليه كدخل لهم، بالرغم من أنه موسم قصير لا يتجاوز الشهر والنصف، لكن البلدة تنتج فيه قرابة 60% من إنتاج الضفة الغربية من الكرز".

ولكن هناك مشكلة رئيسية تعترض هذا الموسم وهي أن العرض يكون أكثر من الطلب في الضفة الغربية ما يجعل الأسعار متدنية جدًا، إذ يصل سعر الكيلو في ذروة الموسم لشيقل ونصف الشيقل، وفق الشيخ إبراهيم.

ويشير إلى أن البلدية طالبت القائمين على وزارة الزراعة بالضفة مرارًا بفتح الباب أمام تسويق "الكرز" عن طريق الأردن للأسواق الخارجية دون أنْ تلقى استجابة منها، بالرغم من أنها من المفترض أنْ تساند المزارع الفلسطيني في ظل سعي الاحتلال بكل الطرق لإخراجه من أرضه.

ومضى إلى القول: "ما يميز بيئة كفر راعي أنها مناسبة لزراعة الكثير من الأشجار، فهناك 24 نوعًا من الزراعات الناجحة فيها بسبب موقعها الجغرافي المرتفع عن سطح البحر، وخصوبة أرضها".