"دون أن أسعى إليهم جاءوني وأنا بأمس الحاجة لهم، فوفروا لي بعضًا من أدويتي التي أحتاجها دوريًّا وأعجز عن توفيرها لسوء الأوضاع المادية، حمدتُ الله كثيرًا أنْ يسّرَ لي هذا الرزق، وخفّف جزءًا من معاناتي"، هكذا تصف الحاجة عزيزة ريشة تجربتها مع حملة "علاجك علينا".
تعاني المسنة "ريشة" عدة أمراضٍ مزمنة منها السكري والضغط وحساسية في الصدر وتعتاش على الشؤون الاجتماعية غير المنتظمة منذ مدة تقارب على العامَيْن، ما أدخل عائلتها في أزمة مالية خانقة في ظل كبر سنّ زوجها ومعاناته أيضًا من عدة أمراض مزمنة.
وأصبح الحصول على بعض الأدوية من الصيدليات أمرًا بالغ المشقة على "ريشة" وزوجها في ظل انعدام الدخل المادي، "فبالكاد نتدبر أمور معيشتنا الأخرى، حتى أننا قد ننقطع عن بعض الأدوية لفترة لعدم قدرتنا على توفيرها، إلى أن يجود علينا أهل الخير ببعض المال فنشتريها".
ولم تكن تعرف الحاجة ريشة عن حملة "علاجك علينا" شيئًا قبل أن يأتي القائمون عليها لمنزلها، ويسددوا ثمن بعض الأدوية التي تحتاجها للصيدلية، "لقد خففوا من معاناتي ويسّروا لي أمور العلاج، أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتهم، فنحن الذين نعاني أوضاعًا معيشيةً صعبةً أصبح الدواء بالنسبة لنا "همًّا كبيرًا".
فـ"ريشة" واحدةٌ من الحالات الأكثر فقرًا، التي تلقت العلاج مجانيًّا لمدة شهرين، ضمن مبادرة "علاجك علينا"، التي تُنفّذ ضمن مبادرات "المهندس الخيرية" للمرة السابعة، بالتعاون من تنسيقية المبادرات الخيرية الفردية.
الأسر المتعففة
ويبين القائم على المبادرة م. زكي مدوخ أن الحملة بدأت منذ عامين تقريبًا لتستهدف الأسر المتعففة على مستوى قطاع غزة بشرط أن يكون المستفيد فقيرًا ومريضًا ويحتاج إلى علاج لمرض مزمن شهريًا، "نوفر العلاج للمستفيد لمدة شهر أو شهرين حسب الحالة".
ويلفت إلى أنهم الآن يُنفّذون المرحلة الثانية من الحملة السابعة التي ستستمر حتى يوم عرفة، "كلّ حملة لها ثلاث مراحل، في كل مرحلة نستهدف مئة اسم".
ويقول: "الأدوية تُشترى من الصيدليات بشرط أن تكون غير موجودة في مستوصفات الحكومة ولا عيادة الأونروا، وأيّ روشتة يطلع عليها الصيادلة المشتركون بالحملة ويقرون بأنها غير موجودة في تلك المستوصفات التي تصرف الأدوية".
خدمة جبر خواطر
يُشار إلى أنّ حملة "علاجك علينا" من المبادرات الفردية التي يقوم عليها مدوخ، بالتعاون مع تنسيقية المبادرات الخيرية الفردية على مستوى قطاع غزة، التي تضم أكثر من أربعين مبادرة فردية.
ويضيف مدوخ: "مدة العمل مفتوحة فأنا أتابع طوال أربعة وعشرين ساعة على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل خدمة الفقراء وجبر خواطرهم، فالحصول على العلاج بالنسبة لفقير مريض أمر صعب المنال، خاصة أنه لا يملك دخلًا شهريًّا خاصة للأسر المنتفعة من الشؤون الاجتماعية غير منتظمة الصرف منذ قرابة العامين".
ويتابع: "جاءت الحملة مغايرةً للحملات السابقة التي كانت تُركّز على الطرود الغذائية، إذ إنّ الحصول على العلاج أهم من الطعام، لأنّ المريض لا يمكنه الاستغناء عن العلاج، فهي دورة علاج يجب أنْ يحصل عليها المريض في أوقات معينة".
ولشعوره بالأثر الطيب الذي حققته الحملة، استمر مدوخ بالحملة إذ شعر بأنها توفر أمرًا مهمًّا جدًّا للأسر المتعففة في ظل عدم قدرته على توفير قوت يومها، "الأفضلية لدينا للأسر المتعففة التي لديها أكثر من حالة مرضية".
ويمضي بالقول: "في العامين الماضيين استفاد من حملتنا أكثر من ألفي مريض على مستوى قطاع غزة، طبعًا في مراحل زمنية مختلفة قد تكون شهرًا أو شهرين أو أكثر، حسب ما يتوفر لنا من أموال المتبرعين".
وتختار الحالات -كما يُبيّن مدوخ- عبر الجولات التي كان يُنفّذها على البيوت المتعفّفة لتقديم مساعدات إغاثية، أو ترشُّحها له "تنسيقية المبادرات الفردية"، التي تفيده بطبيعة وبيانات الحالة والعلاج المطلوب، "ومن ثم نقوم بالإعلان عن الحملة عبر مراحل، وفي كلّ مرحلة نضع مئة اسم، وفور جمع التبرعات لكفالة هذه الحالات نبدأ بتوزيع الأدوية والإعلان عن مئة اسم أخرى".