فلسطين أون لاين

تقرير ماذا تعرف عن الأم النرجسية؟ وكيف تؤثر في أبنائها نفسيًّا؟

...
الأم النرجسية
غزة/ هدى الدلو:

تعد العلاقة بين الأم وأبنائها من أبرز وأهم العلاقات في حياة الأسرة، وعلى الرغم من أنها المصدر الأول للعاطفة، وتحمل مسئولية رعاية أبنائها، فإنّ هناك حالات نادرة تتميز بظاهرة الأم النرجسية، وهي الحالة التي يكون فيها اهتمام الأم بنفسها وانتمائها الذاتي أهم من رعاية واحتياجات أبنائها.

وتشير بعض الدراسات إلى أنّ قبول الذات والاعتقاد بالتفرد ضروريان لتحقيق النجاح والثقة الذاتية، ومع ذلك، يمكن أن يكون ذلك صعبًا في حالة وجود أم نرجسية، حيث يتطور لدى الطفل نمط سلوك يهدف إلى كسب رضا والدته. فماذا يعني أن تكون الأم نرجسية؟

وبحسب الموقع الطبي العالمي "مايو كلينك"، فإن الاضطراب حالة نفسية يتملك خلالها المريض شعورًا مبالغًا فيه بالأهمية، مع حاجةٍ عميقة إلى زيادة الاهتمام والإعجاب.

وتقول الاختصاصية النفسية نداء العمور إنّ الكثيرين يتساءلون عن حقيقة وجود امرأة أو أم نرجسية، فالمرأة بطبيعتها كائن مستسلم لا يحب المشكلات والصدام، كما أنّ الأنثى القويمة والمتكاملة لديها حياء لا تحب أن تقحم نفسها فيما ليس لها، فعلماء النفس قالوا إنّ نسبة النرجسيين من الرجال 10% والنساء 6%".

صفات المرأة النرجسية

وللمرأة النرجسية عدة مواصفات، منها وجود نمط ثابت من الشعور بالعظمة، سواء في خيالها أو سلوكياتها: لدى الأم النرجسية احتياج دائم للحصول على الإعجاب، لكنها في الوقت نفسه لا تتعاطف مع الآخرين.

وتميل الأم النرجسية وفق العمور، إلى المبالغة الكبيرة في الإنجازات مهما كانت بسيطة، حيث تمنح الآخرين شعورًا بأنها تفعل المستحيل، وتذكّرهم باستمرار بأنها تقوم بأمورٍ لا يمكن لمن سواها أن يفعلها: "أنا أطبخ طعامًا لا يطبخه غيري، وأشتري ملابس بأقلّ الأسعار من أماكن لا يصل إليها أحد غيري، لا أحد نظيف مثلي، وطوال الوقت مطلوب من المحيطين الاعتراف بالإنجازات والتفرد".

وتلفت العمور إلى استغراق الأم النرجسية التام في النجاحات اللانهائية والقوة العظيمة، "فهي عادةً ما تكون لديها خيالات أنها أكثر سيدة دخلت في قصص حب مثالية، وعلاقات اجتماعية عظيمة، رغم أنّ هذا كله قد لا يكون حقيقيًّا، خاصة مع الضعف الشديد في العلاقات نتيجة طبيعة شخصيتها".

تعتقد الأم النرجسية أنها أم متميزة وتحرص على ألا تتعرف إلا على الأفضل والأكثر تميزًا: فمثلًا إن كانت على "جروب الأمهات" الخاص بمدرسة أطفالها، فلن تتعرف إلا على أولياء الأمور الأغنى والأشطر والأفضل اجتماعيًّا وماديًّا. ستجدها تعقد الصداقات مع مديرة المدرسة والمدرسين والوكلاء، وتنأى عن أولياء الأمور.

وتلفت العمور إلى رغبة النرجسية في الحصول على إعجاب مفرط طوال الوقت، والاستماع إلى عبارات تعزيزية مثل: أنت جميلة، أنت عظيمة، أنت أم سباقة، "كما لديها شعور متواصل بأنها في الصدارة، وتوقعات غير منطقية بأنّ الجميع يجب أن يتعامل معها بشكلٍ مختلف، لأنها ليست عادية، وبمعنى آخر متعجرفة ومتعالية بشكل غير مقبول".

وتحرص الأم النرجسية على استغلال العلاقات الشخصية، وتلك هي أسوأ نقطة، فهي لن تتردد في استغلال الأبناء للضغط على والدهم مثلًا، أو استغلال زملائها في العمل، أو جيرانها. وهي تسعى باستمرار لتحقيق أكبر استفادة، "وتفتقد للتعاطف وترفض الاعتراف بمشكلات أولادها، ولا تأخذ آراءهم أو مشاعرهم على محمل الجد، ولا أحد يجب أن يشعر بأيّ شيء إلا تجاهها هي، فحقّ الشعور حصري لها".

وهي حسودة وحقودة بشكلٍ مباشر، إذ لا ترغب الأم النرجسية في أن ترى أحدًا بحالٍ جيدة، وتعتقد في الوقت ذاته أنّ الناس يحسدونها ولا يضمرون لها الخير.

أسلوب التعامل

كيف يمكن أن نتعامل مع المرأة النرجسية؟ تجيب الاختصاصية النفسية بأنه إذا ما كان سنّ الأولاد كبيرة بما يكفي، فدورهم يتلخص بمنحها شعور التعاطف، إذ عليهم أن يخبروها بأنهم يتفهمون ما تشعر به وترغب فيه، لكن في الوقت نفسه هناك حدود لا يمكن أن تتخطاها.

النصيحة الثانية أن يتم الحديث معها بهدوءٍ شديد وودّ عالٍ، دون أيّ جدال، فالجدال مع الأم النرجسية غير مجدٍ، وسيزيد من عنادها ويفاقم المشكلة.

كذلك حين تدخل الأم النرجسية في واحدة من نوبات الإحباط العديدة التي تنتابها -بسبب الفشل والتوقعات العالية التي تنهار أمامها- يمكن حينها أن يتم دفعها ناحية العلاج النفسي، لكن عليك أن تخبرها ذلك بطريقتها المفضلة، كأن تقول لها: "أعرف أفضل طبيب نفسي، استطعتُ الوصول إليه أخيرًا والحصول على موعدٍ لكي يساعدك على تخطي مشاعر الحزن، فأنتِ لا تستحقين ذلك".

أما النصيحة الأخيرة، "وتلك أُنفّذها بنفسي"، يقول هندي، ويضيف: "حين أرى أمًّا نرجسية تؤذي أولادها، فمسؤوليتي بصفتي طبيبًا نفسيًّا أن أبلّغ عن الإساءة التي يتعرض لها الأطفال".