العمل على تصفية القضية الفلسطينية وإراحة بعض الأنظمة منها ليس وليد اليوم، بل يعود لسنوات عديدة سابقة، ومشروع التصفية يطبخ اليوم على نار هادئة، تمهيدًا للوصول إلى النهاية، بعد أن باتت القضية في أدنى درجات سلّم اهتمام غالبية أنظمة العرب.
ويبدو أن المشروع قد وصل فعلًا إلى نهاية الحلقة الأخيرة، بالتواطؤ ما بين أنظمة عربية، واليمين الصهيوني، وبمباركة الإدارة الأمريكية نفسها، من خلال العمل على إلغاء تام لدور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتحويل جميع ملفاتها إلى سلطة رام الله والدول المستقبلة للاجئين الفلسطينيين.
المشروع (الفخّ) يهدف إلى وقف كل أشكال الدعم من الدول المانحة، وتدمير ما تبقّى من الذاكرة الفلسطينية، وشطب حقوق اللاجئين، وإلغاء حق العودة نهائيًّا، وبالتالي يصبح اللاجئون الفلسطينيون مواطنين في الدول التي تستضيفهم، مقابل إغراء هذه الدول بمبالغ مالية تتكفّل بها أنظمة عربية خليجية، باتت جاهزة للمشاركة في هذه المؤامرة، والتي ننظر إليها على أنها نكبة أخرى تضاف إلى نكبات الشعب الفلسطيني، الذي لم يسلم من ظلم الشقيق قبل الصديق على مدى أكثر من سبعين عامًا من الخيانات والمؤامرات التي تستهدف الحقّ الطبيعي للشعب الفلسطيني في حياة حرّة مستقلة ودولة ذات سيادة.
طبَّاخو هذا المشروع التصفوي للقضية، أصبحوا اليوم يتابعون ما يجري على الساحة الفلسطينية في الداخل المحتل، ووضع رئاسة السلطة في رام الله، وهم يعتقدون بضرورة تغيير موقع الرئاسة، على الرغم من أنّ محمود عباس نفسه يمكن له تقبّل ذلك وبسرور!
لذلك؛ فإنّ مطلب التغيير في رأس هرم السلطة بات أمرًا لا بدَّ منه، والبحث يجري عمّن يخلف عباس في الرئاسة، من أجل العمل على تنفيذ هذا المخطط الجهنمي، والعيون اليوم تتجه إلى اثنين من قيادات السلطة، لتولّي منصب الرئيس، وإحداث تغييرات جذرية من خلال وجوه جديدة، جاهزة للمشاركة في المخطط المذكور.
ما يجري في الغرف المظلمة يسير بوتيرة متسارعة، وربما يجري تنفيذه مع وجود اليمين الصهيوني على سدّة الحكم، والذي يتطلّع إلى التنفيذ بأسرع مما هو متوقع، خاصة وأنّ هذا اليمين يعمل للاستيلاء على أجزاء كبيرة من المقدسات في مدينة القدس وفرض السيادة كاملة عليها.
العجز الذي تعانيه وكالة غوث اللاجئين كلّ عام، ما هو إلّا لذرّ الرماد في العيون، ولا يعتقد أحد بأن الدول عاجزة عن ضخّ الأموال لاستمرار عملها، ودولة عربية واحدة قادرة وبكل بساطة على تغطية هذا العجز، غير أنّ ما ترغب به بعض الأنظمة العربية والصهاينة يتعدّى ذلك باتجاه الإلغاء التام للوكالة، وطيّ صفحة القضية الفلسطينية.
هذا ما يدور في خلدهم، ولكنهم غائبون تمامًا عن جيل فلسطيني قادم بقوّة، يعدّ العدّة لنزالات فدائية تحرق الأخضر واليابس، الشقيق العدو قبل العدوّ الحقيقي، وصولًا إلى تحرير الأرض والمقدسات، فالفلسطيني سواء كان في داخل فلسطين أو في الشتات والمهجر، لن يقبل بغير فلسطين من نهرها إلى بحرها، وحينها سوف نقوم بنصب أعواد المشانق لكل من خان وتآمر على قضية هذا الشعب، الذي ما زال يدافع وحده عن شرف وكرامة الأمّة، من المغرب حتى إندونيسيا، وأبعد من ذلك أيضًا.
ومؤخرًا أعلنت كتائب الأسود البطلة بأنها تعدّ العدّة لحرب جديدة ضد قوات الاحتلال الصهيوني في شمال الضفة الغربية، مؤكّدة بأنه لا تراجع أو استسلام أو عودة إلى الوراء، ستكون مختلفة حتمًا هذه المرّة، والله أكبر فوق كيد المعتدين والخونة والمتآمرين!