تعرضت عائلة اللاجئة الفلسطينية غالية حجير (69 عامًا) في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان إلى فاجعة مؤلمة حينما انهار سقف منزلها المتهالك فوق أفراد أسرتها، ما أصابهم بحالة من الخوف والرعب الشديدين.
وتقول غالية لصحيفة "فلسطين" إنها تفاجأت بسقوط سقف منزلها الواقع في منطقة حي الرأس الأحمر بالمخيم، على أفراد أسرتها المكونة من 8 أفراد "دون سابق إنذار"، ما أدى إلى إصابتها في قدمها اليسرى ونجاة بقية العائلة التي تضم أطفالًا.
ويتكون البيت المهترئ منذ سنوات طويلة، وفق وصف غالية، من طابقين ويضم 5 غرف صغيرة، ويعيش معها أبناؤها الثمانية في الطابق الثاني، إذ تؤكد أنها تقدمت لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بطلب للترميم منذ 10 سنوات "ولم تتلقَ ردًّا إيجابيًّا حتى الآن".
وأوضحت أن الطواقم العاملة في "أونروا" توجهت للكشف عن منزلها المُقام منذ 40 سنة، ومعاينته قبل 7 سنوات "لكن دون أي خطوات عملية على الأرض"، مشيرةً إلى أن الوكالة الأممية أكدت أنه "غير صالح للسكن".
وحمّلت غالية، وكالة "أونروا" ومنظمة التحرير المسؤولية الكاملة عن انهيار سقف منزلها بسبب عدم استجابتهما لطلب ترميمه المُقدم لها منذ عدة سنوات، مبينّةً أن الأسرة تعيش أوضاعًا اقتصادية صعبة.
اقرأ أيضًا: البؤس يفترس الفلسطينيين في لبنان مع شحّ المساعدات وانهيار الليرة
وطالبت وكالة "أونروا" والمؤسسات الخيرية وكل الجهات المختصة بالنظر إلى ظروفهم الاقتصادية الصعبة والإسراع بإعادة ترميم بيتها المتهالك، حفاظًا على أرواح أفراد أسرتها.
وتبلغ عدد المنازل المهددة بالسقوط في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 7 آلاف وحدة سكنية، بحسب معطيات نشرتها وكالة "أونروا" عام 2022، وسط استمرار المناشدات للوكالة بتحريك ملف إعادة الترميم.
طرق عشوائية
بدوره، قال أمين سر اللجان الشعبية لتحالف القوى الفلسطينية والإسلامية في صيدا خالد زعيتر: إن بيوت اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات أعيد إعادة إعمارها، عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، بطرق عشوائية وغير هندسية.
وأوضح زعيتر لصحيفة "فلسطين"، أن غالبية البيوت في مخيمات اللاجئين بحاجة إلى صيانة وإعادة ترميم بعد مرور 40 عامًا على بنائها العشوائي، ولا سيّما في ظل حالة الاكتظاظ نتيجة زيادة أعداد اللاجئين.
وبيّن أن تردي الأوضاع الاقتصادية للاجئين جعلهم غير قادرين على إعادة ترميم بيوتهم، يُضاف إلى ذلك توقف الوكالة عن صيانة هذه البيوت منذ عدة سنوات، الأمر الذي فاقم معاناة اللاجئين.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 1700 منزل آيل للسقوط وغير صالح للسكن في مخيمات اللاجئين في لبنان، بحاجة إلى إعادة ترميم فوري قبل حدوث كارثة اجتماعية بحق اللاجئين، لافتًا إلى أن أزمة اهتراء البيوت تُضاف إلى حالة الاكتظاظ التي تشهدها المخيمات وعدم توفر فرص عمل للاجئين.
وأكد زعيتر أن ما يزيد معاناة اللاجئين الفلسطينيين أيضًا منع السلطات اللبنانية إدخال مواد الإعمار إلى المخيمات، عدا عن عدم قدرة اللاجئين شراء بيوت خارج المخيمات بسبب ارتفاع أسعارها.
مأساة حقيقية
من جهته، أكد مدير مركز التنمية الإنسانية لحقوق الإنسان واللاجئين في لبنان، سهيل الناطور، أن أعداد البيوت الآيلة للسقوط في المخيمات تزداد يومًا بعد آخر، نتيجة عدم وجود أي تحركات لصيانتها وإعادة ترميمها.
وبيّن الناطور لصحيفة "فلسطين"، أن ما يتم إقراره خلال المؤتمرات العربية والدولية من تخصيص أموال لإعادة الإعمار "لم تُصرف حتى الآن، تحت مبررات من السلطات اللبنانية بعدم رغبتها في توسع المخيمات.
وأشار إلى أن كل اللجان في المخيمات تسعى من خلال التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني والخيرية لجمع التبرعات لمصلحة إعادة إعمار البيوت، لافتًا إلى أن هناك أعدادًا قليلة من البيوت التي جرى إعادة ترميمها.
اقرأ أيضًا: المخيمات الفلسطينية في لبنان تؤمّن "لقمة الفقر" بشق الأنفس
وأوضح أن هناك مشكلات أخرى في المخيمات تُشكل خطرًا كبيرًا على سلامة السكان، مثل تردي شبكات التمديدات الكهربائية بفعل الجدران المهترئة للمنازل ما يعرضهم لخطر الصعقات الكهربائية التي تؤدي إلى الوفاة.
وقال الناطور: "لدينا مأساة حقيقية اجتماعية ناجمة عن تهتك أسقف بعض المنازل وتهدم بعض الحوائط للبيوت"، مشددًا على ضرورة عدم الوقوف أمام هذه المآسي الإنسانية عبر التحرك والتواصل مع الجهات الدولية والمحلية ذات العلاقة لحل هذه الأزمة.
وأضاف أن هناك تباطؤًا كبيرًا من "أونروا" في هذا الملف، الأمر الذي يصعد معاناة اللاجئين، مشيرًا إلى وجود دراسة مشتركة بين إدارة الوكالة والفصائل جرى خلالها التوافق على ترميم 200 منزل بشكل فوري "لكن لم يتم التنفيذ الفعلي".
واستبعد إمكانية صيانة المنازل "الآيلة للسقوط" في الوقت الراهن دون أي تدخلات عربية ودولية وتوفير الأموال اللازمة لذلك.
وكانت المتحدثة باسم وكالة "أونروا" في لبنان هدى السمرا قالت في أيار/ مايو العام الماضي 2022: إنّ الحاجة لإعادة تأهيل المنازل الآيلة للسقوط مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين، تفوق بكثير الأموال المتوفرة لدى الوكالة.
يذكر أنّ قوانين تفرضها السلطات اللبنانية، تمنع اللاجئين من ترميم منازلهم بأنفسهم حال توفرت لديهم القدرة الماليّة، أبرزها قانون أصدرته السلطات اللبنانية عام 1997 يمنع إدخال مواد البناء إلى المخيمات، فيما صدر تأكيد عام 2001 عبر القانون رقم (296) على حرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من التملك أو البناء.