أحبطت الحاضنة الشعبية للمقاومة في الضفة الغربية محاولات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لاقتلاعها واجتثاثها، حتى باتت تشهد بعض المناطق والمدن تصاعدًا مستمرًا للعمل المقاوم ضد أهداف إسرائيلية.
ولا تزال المجموعات المسلحة المقاوِمة خاصة في شمال الضفة تؤرّق جيش الاحتلال رغم ارتقاء عدد من قادتها وعناصرها شهداء، واعتقال آخرين منهم، وممارسة أجهزة أمن السلطة الضغوط عليهم لتسليم أسلحتهم.
وشهدت مدينة جنين أول من أمس، عملية إطلاق نار نفذها مقاومون ضد قوة من جيش الاحتلال، ما أدى إلى إصابة مستوطن و4 جنود، أحدهم بحالة حرجة.
وأصدرت مجموعة "عرين الأسود" عقب العملية بيانًا تؤكد فيه أنها لن تخذل الشعب الفلسطيني، أو تتراجع أو تستسلم.
وقالت المجموعة في بيان لها: "لا مجال لأيّ مناورة والرجوع للوراء خطوة واحدة، وعلى أبناء شعبنا التجهُّز بكلّ شيء لمعركة قريبة يعدُّ لها العدو في شمال الضفة المحتلة".
تماسك المقاومة
وأكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أنّ الحاضنة الشعبية ساهمت بشكل كبير في تعزيز صمود المقاومة، وحمايتها من الاحتلال.
وأشار الصواف في تصريح لصحيفة "فلسطين" إلى أنّ المقاومة في الضفة مقبلة على حالة تصعيد أكبر مما هي عليه الآن، وهي في تطور مستمر، وقال: "بعد أن كانت حالات المقاومة مركزة في جنين اليوم، أصبحت مركزة في جنين ونابلس ومخيم بلاطة والخليل وأريحا وكل الضفة الغربية".
اقرأ أيضًا: سباعنة: المقاومة بالضفة تتطوَّر والحاضنة الشعبية تزداد التفافًا حولها
ولفت إلى أنّ هناك تطورًا في أداء المقاومة رغم كل ما يقوم به الاحتلال وأجهزة أمن السلطة من ملاحقة واعتقال وقتل في صفوف المقاومين.
بدوره، يؤكد المختص بالشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات، أنّ الحالة النضالية بالضفة الغربية، خاصة بشمالها، لا تزال متماسكة وفعالة وتشهد تطورًا في الأدوات وطرق الهجوم باستمرار.
ويقول بشارات في حديثه لـ"فلسطين": "الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته العسكرية والأمنية فشلت في احتواء أو إنهاء المقاومة بالضفة الغربية، وهو ما أحدث حالة من الغضب بين صفوف المستوطنين".
ويشير إلى أنّ الاغتيالات التي يقوم بها الاحتلال دفعت المقاومين إلى تغيير أسلوبهم، وتكتيكهم العسكري، وأدواتهم؛ من أجل الحفاظ على أنفسهم، واعتماد أسلوب المباغتة والهجوم.
ويوضح بشارات أنّ غضب المستوطنين جعل قادة جيش الاحتلال و"الشاباك" يذهبون إلى طرق جديدة في محاولة القضاء على المقاومة بشمال الضفة، منها تصعيد الاقتحامات وزيادة الاعتقالات بين صفوف المواطنين، ونصب الحواجز العسكرية.
وحول الحاضنة الشعبية، لفت المختص بالشأن الإسرائيلي إلى أنّ سلطات الاحتلال حاولت إبعادها عن المقاومين، عبر الضغط على المواطنين اقتصاديًّا، وأمنيًّا، ولكنها فشلت في التأثير عليها، ولا تزال تُعدُّ إسنادًا للمقاومة.
مقاومة مستمرة
الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم أبو سبت، يؤكد أنّ جذوة المقاومة في الضفة لا تزال مشتعلة، خاصة في مخيمات الشمال كجنين ونابلس، ونور شمس في طولكرم، إضافة إلى عقبة جبر في أريحا.
ويقول أبو سبت في حديثه لـ"فلسطين": "بالرغم من سياسة حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة والمتمثلة بـ(جز العشب)، والتي ترمي بالدرجة الأولى إلى إجهاض أيّ نمو للعمل الفدائي في الضفة في مهده ومنع انتشاره وتوسُّعه، ولكنّ المقاومة نجحت بتجاوزها".
ويضيف أبو سبت: "كل مرة يتصور فيها الاحتلال أنه حقق إنجازًا ميدانيًّا من خلال جرائم الاغتيالات المركزة، والاعتقالات والاقتحامات اليومية، يتبدد وهمه في ظل تصاعد عمليات المجموعات الفدائية من إطلاق نار وتفجير عبوات محلية، وتصدٍّ على تخوم المخيمات بشكل شبه يومي".
ويشير إلى أنه بعدما كان مخيم جنين يُشكّل قلقًا للاحتلال، أصبح هناك عدة مخيمات تسير على ذات الطريق، وهو ما يعني زيادة التكلفة على الاحتلال ومنظومته العسكرية والأمنية.
ويرى أبو سبت أنّ التفاف الحاضنة الشعبية الواسعة لمجموعات المقاومة، يُعدُّ مصدر إلهام وثبات لهذه المجموعات في مواجهة الاحتلال وتطوير العمل المقاوم على الصعيد البشري والميداني في ظلّ التحاق العشرات من الشبان في صفوف هذه المجموعات.