لم يمضِ على نيل يسري المصري حريته بعد 20 سنة قضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي؛ سوى أيام معدودة سبقت مشاركته لأول مرة في اعتصام أهالي الأسرى داخل مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، غرب مدينة غزة، أمس.
بدا المصري أنّ قلبه لم يسع فرحة لقائه بأمهات الأسرى وقد جاء لهنّ برسائل عديدة من أبنائهنّ في السجون، لكنّ غصَّة بدت آثارها واضحة في صوته وهو يتحدث عن الأسرى المرضى؛ ولا سيما المصابين بالسرطان.
والمصري (40 عامًا) اعتقل في إثر عملية نفّذتها قوات خاصة من جيش الاحتلال حاصرت منزله في دير البلح وسط قطاع غزة يوم 10 يونيو/ حزيران 2003، ونسبت له نشاطات مقاومة للاحتلال.
وبعد سنوات من اعتقاله أُصيب المصري بسرطان في الغدد، وتعرّض للإهمال في سجون الاحتلال، كما أفاد في لقاء مع صحيفة "فلسطين".
واتهم الأسير المحرر إدارة سجون الاحتلال بتعمُّد ممارسة الإهمال الطبي بهدف نشر الأمراض بين الأسرى الفلسطينيين، ويقارب تعدادهم 5 آلاف أسير، بينهم مصابون بأمراض خطيرة وأبرزها السرطان.
وقد أصيب المصري بالسرطان سنة 2012 وبدأ يتفشى في جسده بسبب سياسة الإهمال الطبي التي امتدت ما يزيد عن سنتين حتى وصل إلى مرحلة أصبح فيها بحاجة ماسة إلى تدخل جراحي.
وتابع: "كانت إدارة السجون توهم الجميع أنني لا أعاني شيئًا ولاحقًا أجريت فحوصات حقيقية أثبتت إصابتي بسرطان خبيث".
وبالفعل أُجريت له عمليات جراحية استأصل خلالها الأطباء الغدة الدرقية، وجزءًا من الغدد اللمفاوية، وتظهر على جسده آثار العمليات الجراحية التي خضع لها في فترة الاعتقال.
وطالب الأوساط الفلسطينية؛ الفصائلية والسياسية والحقوقية والأهلية، بمساندة الأسرى خاصة فئة المرضى ممن هم بحاجة إلى من يقف بجانبهم وينادي بحريتهم.
وبيّن أنّ الأسرى المرضى في عيادة سجن "الرملة" يعانون ظروفًا صحية مأساوية، محذرًا من أنّ استمرار اتباع سلطات الاحتلال الإهمال الطبي سيؤدي إلى استشهاد عدد آخر منهم.
وقال: إنّ الحركة الأسيرة ليست بحاجة إلى توابيت جديدة خاصة بعد ما تعرض له الشيخ خضر عدنان الذي تعرض لإهمال طبي أفضى إلى اغتياله.
كما حذَّر من تداعيات سياسات الاحتلال التي لا تراعي أوضاع الأسرى والمعتقلين المرضى والمضربين عن الطعام، ولا تهتم لتراجع حالاتهم الصحية.
"ولذلك فإنّ الأسرى والمعتقلين إداريًّا لديهم قرار يقضي باستمرار مواجهة السجان والتصدّي لانتهاكاته، وفي المقابل فإنّ الاحتلال ينظر إليهم على أنهم عدو حقيقي يرتكب بحقهم سلسلة من الانتهاكات تشمل العدوان واقتحام أقسام وغرف الأسرى وتفتيشها والرش بالغاز"، بحسب المحرر المصري.
اقرأ أيضًا: أسير محرر يدعو لبرنامج وطني مساند للأسرى في معركتهم ضد الاحتلال
وبيّن أنّ إدارة سجون الاحتلال تلجأ إلى عزل الأسرى والإداريين الذين يخوضون إضرابات عن الطعام بشكل تام عن الأسرى داخل السجون والعالم الخارجي كذلك، في محاولة منها للضغط عليهم ودفعهم إلى فك إضرابهم لكنها لا تنجح في إجبارهم على إنهاء معاركهم دون انتزاع حقوقهم.
وشدَّد المصري على أهمية التضامن مع الأسرى خاصة المضربين منهم عن الطعام، ودعمهم حتى انتزاع حقوقهم التي أضربوا لأجلها.
ووفق إحصائيات رسمية، فإنّ عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال يزيد عن 700 أسير، بينهم 24 أسيرًا ومعتقلًا مصابون بالسرطان.
وكان المصري توجّه فور الإفراج عنه لزيارة قبر والده عطية المصري الذي توفي في 2008 دون أن يلقي نظرة الوداع على جثمانه.
وترافق الأسير المحرر في جميع الفعاليات التي يذهب إليها بعد تحرره الطفلة لمى (9 أعوام) ابنة شقيقه ياسر المصري الذي أُصيب في معركة سيف القدس مايو/ أيار 2021 واستُشهد متأثرًا بإصابته في 2022، وقد تعلقت الطفلة بعمها حتى أصبح يتعامل معها على أنها ابنته.
لا تنفك الطفلة عن احتضان عمها خلال حديثه مع الصحفيين، وهي ترفض أن يقترب منه أحد لشدة تعلقها به.