كشفت انتخابات جامعة النجاح الوطنية، وجامعة بيرزيت، في نابلس ورام الله عن تراجع شعبية حركة فتح وذراعها الطلابي، وهذا ما أقرّ به محمود العالول نائب أبو مازن في الحركة، هذا التراجع له أسبابه المنظورة والملحوظة، ولعل من أهم أسبابه هو : الشعور الشعبي الغالب والقائل بأن مشروع السلطة الذي تتبناه حركة فتح وتدافع عنه بات مشروعًا فاشلاً، ولا تكاد تجد من هو مقتنع به إذا استثنينا طبقة المستفيدين منه، الذين يدافعون عن مصالحهم لا عن فكرة المشروع الفاشل، لأنه لم يقم دولة، ولم يحقق سيادة، ولم يوقف الاستيطان، ولم يحقق الرفاه الاقتصادي، بل زاد تبعية الاقتصاد الفلسطيني لدولة الاحتلال، وباتت السلطة تتنفس من رئة الاحتلال لتبقى على الحياة.
لقد قيل في نقد مشروع السلطة غير القابل للتطور كلامًا كثيرًا بعضه مفيد، وبعضه غير مفيد، ولم تحاول فتح التي هي مرجعية السلطة في نظر السكان الاستفادة من النقد المفيد والبناء، وفي كل عام يتراجع أداء السلطة، ويتقدم الاستيطان بشكل أسرع، وفتح تقف موقف المتفرج على أداء السلطة أو موقف المبرر لها.
إن فتح التي تهتم كثيراً بخلافة عباس، ولديها إشكاليات داخلية في هذه المسألة، لم تتفرغ لقراءة جادة لتراجع شعبيتها، التي أشار إليها عدد من قادتها، ولم تقرأ جيدًا أثر فساد السلطة وفشل مشروعها على الحركة كتنظيم كان هو الأول شعبيًا في سنوات مضت، وبات اليوم في المرتبة الثانية على الأقل في جامعتين مهمتين في الضفة الغربية.
إن تراجع رئيس السلطة عن الانتخابات السياسية العامة لتجديد النظام السياسي الفلسطيني والمؤسسات، وتجديد الثقة، أنعكس انعكاسًا مباشرًا على حركة فتح وشكل سببًا مهمًا في تراجع شعبية الحركة، ولو جرت الانتخابات في موعدها لربما توفر للحركة فرصة لمراجعة القضايا المذكورة وغيرها، ولكان بالإمكان مقاربة حلول ذات مغزى.
السلطة غارقة في الفساد، والاستيطان يستفحل، وفتح لا تعالج ما هي مسئولة عن معالجته، والقطاع الطلابي هو من الشرائح الأكثر وعيًا في المجتمعات، وقد عبروا عن رأيهم في الانتخابات، وأرسلوا رسائلهم لمن يهمه الأمر.