أكد باحثون مقدسيون أنّ حكومة المستوطنين الفاشية قد وضعت خطة لتنفيذ مشاريع استيطانية مكثفة في المنطقة، لتقسيم المسجد الأقصى المبارك مكانيًّا.
وقال الباحث المقدسي، جمال عمرو، إنّ الاحتلال يتعامل ضمن أساليب تحايل عدوانية جديدة على المسجد الأقصى، من خلال تمرير خطة معينة عميقة تؤمن بها كل مكونات وأذرع الاحتلال.
وأضاف عمرو لـ"القسطل"، أنّ "الاحتلال يُمرّر المشاريع الصهيونية عادة من خلال تصريح صحفي، ثم عن طريق إعداد مشروع، وبعد ذلك يتبنى المشروع بعض أعضاء الكنيست، ثم الوزراء ويشرع العمل به".
وأشار إلى أنّ أسلوب الاحتلال ملتوٍ وعميق وخفي في تطوره، حتى ينجح في الوصول للنتيجة التي يبتغيها، موضحًا أنّ "الاحتلال لم يأتِ للتقسيم دفعة واحدة، بل خطّط ودرس مسبقًا؛ حيث مكّن لقطعان المستوطنين أن يسكنوا بالقرب من الأقصى، وأنهى الرباط في المسجد الأقصى، وأعاق وصول المسلمين وسحلهم واعتقلهم".
وأضاف كما "قام الاحتلال بإجراءات تحضيرية كبيرة جدًّا عن طريق اجتماع حكومة الاحتلال وتشكيل لوبي مع منظمات إرهابية تلمودية، في ذات القاعة التي اجتمعت فيها حكومة الاحتلال أسفل حائط البراق".
الأقصى أمام كارثة
وأكد أن "الأقصى أمام كارثة مكتملة الأركان وهي حرب دينية مفتوحة على المسجد الأقصى المبارك، وفيها أسلوب فظيع من الخداع والمراوغة".
واستدرك أن "عضو كنيست الاحتلال الإسرائيلي عن حزب الليكود عميت هليفي قد اغتنم الفرص دفعة واحدة، بعد أن حصل على المخططات الهندسية جاهزة، وكل الأمور مُسهّلة أمامه، فبدأ يحقق ما يريد، وهذا ما جرى في المشاريع التهويدية السابقة".
واستطرد بالقول إنّ "هناك نحو 13 مشروعًا تمت بهذه الطريقة، تبدأ بخطوة بسيطة ثم تصبح واقعًا مفروضًا على الأرض، ومنها الحدائق التلمودية وجسر واد ربابة، والتلفريك، ومشروع ساحة البراق".
وأوضح أنّ "كل المشاريع التهويدية والحفريات في منطقة القصور الأموية والعباسية والمشاريع الملحقة بها، تقع ضمن خطة التقسيم المكاني، لتصبح في المستقبل القريب كارثة محققة" مشيرًا إلى أنّ "هذه المشاريع تعتبر رسالة من الاحتلال عبر عضو الكنيست، للنظر في ردات فعل الأردن والسلطة الفلسطينية والجهات العربية الأخرى".
وتابع بالقول: "إذا كانت الردود في مستوى المسؤولية، يتراجع الاحتلال قليلًا ويُجمّد القرار دون إلغاء، أما إذا كانت كالمعتاد من الأنظمة العربية، فإنّ الاحتلال سيمضي في الخطوة التي تليها وهكذا يعدُّ خطوات تنفيذية هندسية بموجبها يضع يده على 70% من المسجد الأقصى المبارك، وصولًا إلى الرواق الشمالي".
مشاريع استيطانية ضمن مخطط التقسيم
بدوره، يقول المختص في شؤون القدس، فخري أبو دياب إنّ "الاحتلال يعمل على مخطط التقسيم المكاني، ضمن عدة مشاريع استيطانية، يريد بها تطبيق الأمر على أرض الواقع".
وأوضح أبو دياب لـ"القسطل" أنّ "مخطط التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، يبدأ من سلوان، التي تعج بالمشاريع الاستيطانية، الهادفة إلى وضع السيطرة على كامل المنطقة، وتقريب المستوطنين من المسجد الأقصى".
وأشار إلى أنّ "مشروع واد ربابة، وإقامة الحديقة التوراتية، والجسر الذي شارف على الانتهاء، والبنية التحتية للقطار الهوائي التهويدي، كلها مشاريع شارفت على الانتهاء، وتهدف إلى ربط أكبر عدد من المستوطنين في منطقة المسجد الأقصى".
وبيَن أبو دياب أنّ "المنطقة الوسطى لواد ربابة أصبحت استيطانية بحتة، ويتم الآن تكثيف العمل في المنطقة الشرقية، الواقعة أسفل الوادي، والملاصقة لحي البستان" مشيرًا إلى أنه "مخطط كامل لتغيير المنطقة، وتهويدها بشكل كامل والسيطرة عليها، لجعلها مزارات، ومكان لجلب المزيد من المستوطنين المقتحمين للأقصى".
واستدرك أنّ "المخطط متدحرج وضخم، يعمل عليه الاحتلال وقد قطع شوطًا كبيرًا في هذه المنطقة، لتهويدها وطمس معالمها بصبغة يهودية استيطانية".
وتابع: "ما زالت الاعتداءات وستبقى حتى تحقيق التقسيم المكاني لصالح اليهود، وسيتم جلب المستوطنين وإقامة جولات، وغسل أدمغتهم وربط هذه المنطقة بالتاريخ والتراث اليهودي المزعوم، لأنّ الهدف هو صياغة تاريخ جديد لهذه المنطقة".
من جهته، كشف الباحث معاذ إغبارية، عن وجود نفق تحت حارة المغاربة، يمتد من أسفل سور الأقصى الجنوبي الغربي، حتى حائط البراق، موضحًا أنّ النفق عبارة عن قنوات مياه متفرعة. سيتم تجهيزها، لفتحها أمام السياح.
وأضاف إغبارية لـ"القسطل" أنّ "سلطات الاحتلال ستفتتح النفق أمام السياح، بعد تجهيزه وإزالة ما بداخله، موضحًا أنّ الاحتلال سيمحو كلّ الآثار والنقوش العربية الإسلامية بداخله، لإزالة أيّ برهان يشير إلى الوجود العربي فيها".
وذكر أنّ "قنوات المياه أثرية قديمة، تعود لعصور طويلة، ووقوعها تحت سيطرة الاحتلال، واستغلالهم لها على كل الأوجه، سيعد خسارة لمواردنا الأثرية الغنية".
واقع التقسيم المكاني
بدوره، يقول المحلل السياسي المقدسي، راسم عبيدات إنّ "المساعي الصهيونية لتهويد المسجد الأقصى وتقسيمه بشكل مؤقت؛ بإخراجه من قدسيته الإسلامية إلى مقدس مشترك عبر سياسات الإحلال الديني لم تتوقف".
وأضاف عبيدات لـ"القسطل" أنّ "الجماعات التلمودية والتوراتية أصبحت مؤخرًا توظف كل الأعياد اليهودية والمناسبات القومية من أجل اقتحام الأقصى".
وأكد أنّ "الجماعات التلمودية تتقدم كثيرًا في محاولاتها لتهويد المسجد الأقصى" مشيرًا إلى أنّ "الطقوس قد أديت بالكامل وبوقاحة وجرأة غير مسبوقة هذا العام، من خلال أداء طقوس إحياء الهيكل المعنوي، التي تتضمن إدخال القرابين النباتية والحيوانية إلى ساحات المسجد الأقصى، وممارسة كافة الطقوس التوراتية من نفخ في البوق وأداء الصلوات الجماعية العلنية، وما يعرف بالسجود الملحمي، وانبطاح المستوطنين على وجوههم، وإدخال لباس الكهنة واللفائف التوراتية، واستهداف باب الأسباط مؤخرًا بعمليات الاقتحام المتكررة، لكي تصبح عملية استهدافه والسيطرة عليه، جزءًا مهمًا في السيطرة على كامل المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى والتي تعادل ثلث مساحته".
واستطرد بالقول إنّ "من أجل تحقيق مخطط التقسيم المكاني، رصدت جماعات الهيكل وحاخاماته وجمعيات ما يعرف بأمناء الهيكل، جوائز مالية وصلت إلى 20 ألف شيكل لكل متطرف يقتحم الأقصى ويُدخل قربانًا حيوانيًّا إلى ساحاته، وقبل فترة تَشكّل لوبي صهيوني من أعضاء الكنيست لبحث حرية عبادة اليهود في "جبل الهيكل"، والتحريض على عمليات الاقتحام، واعتبار الأقصى جزءًا من الأماكن المقدسة اليهودية، لما له من مكانة وأهمية في النسيج الصهيوني".
وأردف أنّ "رفع علم دولة الكيان في ساحات الأقصى وإنشاد ما يُعرف بنشيد دولة الكيان هتكفاه، أصبحت أمورًا طبيعية، ولتصل الأمور إلى حدّ سعي وزير حكومة الكيان عميت هليفي من الليكود لتقديم مقترح من أجل تقسيم المسجد الأقصى بشكل فعلي، بحيث تكون المنطقة الجنوبية للمسلمين والمنطقتين الوسطى والشمالية من نصيب اليهود، بما في ذلك مسجد قبة الصخرة".
وتابع بالقول: "إذا بقيت المواقف الفلسطينية، والعربية والإسلامية، على ما هي عليه من بيانات شجب واستنكار ومذكرات احتجاج ورهان على الموقف الأمريكي والدولي وما يُعرف بمؤسسات الشرعية الدولية، وكذلك تهديدات تُطلق لا تجد لها رصيد على أرض الواقع".
ردود فعل
ويقول عبيدات إنّ "نتيجة تجاوز الاحتلال للخطوط الحمراء في الأقصى، وعجز الرد العربي، من المتوقع أن تكون المقاومة جاهزة للرد على تلك التجاوزات والعبث بمصير الأقصى وفرض وقائع جديدة فيه".
وأكد أنّ "كل المعطيات وما يجري على الأرض يشير بأنّ الكيان ذاهب بالأقصى نحو مصير المسجد الإبراهيمي الشريف في الخليل، الذي جرى تقسيمه بعد المذبحة التي ارتكبها المتطرف الإرهابي باروخ غولدشتاين في شباط /1994".
وختم بالقول إنّ "ما يجري على الأرض من وقائع يوضح بأنّ دولة الكيان ماضية في مشاريعها ومخططاتها لتهويد الأقصى، وإيجاد شراكة وقدسية يهودية فيه، وإلغاء إسلاميته بالكامل مستقبلًا، والوقت ليس بالبعيد الذي ستُعلن فيه حكومة الاحتلال بأنّ الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى بلا معنى وقيمة، كما هو حال الميثاق الوطني الفلسطيني".