فلسطين أون لاين

تقرير الانتظار على أبواب التوجيهي.. دعم أبوي أم محض ادعاء نفسي؟

...
الانتظار على أبواب التوجيهي.. دعم أبوي أم محض ادعاء نفسي؟
غزة/ أميرة غطاس:

على قارعة الطريق، ومن أمام باب مدرسة فلسطين الثانوية للبنين غرب مدينة غزة، يجلس الخمسيني يحيى جحا يتمتم بالأذكار والدعوات، في انتظار ابنه حتى ينهي امتحانه ظانًّا أن هذا يمثل دعمًا وإسنادًا له ويقلّل من حدّة توتره.

يقول لـ"فلسطين": "ابني محمد هو الخامس بين إخوته الذي يدخل الثانوية العامة وأرافقه منذ اليوم الأول للامتحانات وقد فعلت الأمر ذاته مع أولادي جميعًا".

يعمل جحا ميكانيكيًا وزوجته دكتورة صيدلانية، ويؤمن بأن التعليم "هو السلاح الوحيد الذي يمكنه أن يعين أبناءه على مواجهة ظروف الحياة الصعبة والنجاة من أي شيء قد يعترضهم" مؤكدًا أن ما يفعله يدعم أبناءه ويزيدهم ثقة بأنفسهم.

دعم ومؤازرة

وبجانب جحا، يرافق الدكتور عصام أبو عجوة ابنه الذي رفض دخول قاعة الامتحان في اليوم الأول، بسبب توتّره وشعوره بنسيان كل ما درس، الأمر الذي دفع والديه إلى مرافقته والبقاء بانتظاره خوفًا عليه.

يستذكر د. أبو عجوة، وهو طبيب جراحة عامّة، تجربته في الثانوية العامة حين خاضها وحيدًا ودون علم أهله أساسًا، "لكني أحب أن أشعر ابني أنني معه وأشاركه توتره وخوفه وأربط على قلبه بالدعوات، فهذا يمثل دعمًا كبيرًا بالنسبة له".

ويتمتم: "نحبّ أن نرى أولادنا أفضل منا، فأمه مهندسة وترعرعت على حب العلم منذ طفولتها، وترغب بأن يكون أولادها على خطاها وخطاي".

من بين قوافل الأمهات اللواتي رافقن أبناءهنَّ إلى المدرسة، برزت سناء بدر التي عللت وجودها بالتخفيف عن ابنها، وإدخال الطمأنينة على قلبه، مشيرةً إلى أن استقباله بعد الامتحان "بابتسامة حنونة ترفع من معنوياته وتهدئ من روعه".

وتلفت إلى أن ابنها رفض في بداية الأمر حضورها، لكن إصرارها على مرافقته أخضعه للأمر الواقع، مضيفة: "لا أحتمل الانتظار في البيت، وأظل على أعصابي طوال مدة التقديم، أفضل الانتظار إلى جانب ابني خلال هذه المدة".

وتسود في قطاع غزة ظاهرة مرافقة الآباء والأمهات لأبنائهم إلى المدراس وانتظارهم على أبوابها، وبانتهاء مضي الاختبار يمضي البعض ساعات الانتظار بقراءة القرآن والأذكار على قارعة الطريق، وآخرون يجهشون بالبكاء قلقًا.

وانتشرت مقاطع فيديو وصور لتلك اللحظات لاقت صدًا واسعًا على شبكات التواصل الاجتماعي بين مؤيد وداعم للفكرة، وآخر رافض ومنتقد.

ادعاء فاسد

دكتور علم النفس في جامعة الأقصى د. درداح الشاعر، يصف الظاهرة بـ"السلبية"، مؤكدًا أن دور الوالدَين يقف عند مجرد التشجيع والمتابعة لمذاكرة ابنهم داخل المنزل، وينتهي عند هذا الحد.

ويقول لـ "فلسطين": "مصاحبة الوالدين لأبنائهم مبالغة تجعل ابنهم أقل ثقة بنفسه، ما يعني سلب قدرته على المذاكرة ومواصلة الدراسة"، مبيّنًا أن دور الوالدين يقف عند سن (12 سنة) من حيث التربية والتوعية والضبط السلوكي، ثم بعد ذلك يقوم الوالدين فقط بدور المتابع والمراقب.

وفي حديثنا مع الاختصاصي النفسي الاجتماعي، سألناه: يشعر الأبناء الذين يرافقونهم والديهم بتخفيف التوتر والشعور بالأمان، فما صحة هذا الادعاء؟، يجيب الشاعر: " إن التعلم نشاط ذاتي يتعلق بشخصية الطالب وليس بأي شيء آخر.

وحثّ الآباء والأمهات على الكفّ عن هذه السلوك، لكونه سلوكًا يفقد الطالب سيطرته على نفسه، ولن يكون مؤهلًا لخوض الجامعة، متسائلًا: كيف سيفعلون إذا ما انتقل إلى سوق العمل؟

وتابع الشاعر: "على الوالدين أن يقدموا كل ما هو من شأنه أن يساعدهم على التركيز، بالتغلب على كل ما يشتت الانتباه، ومعالجته إذا كان يعاني من مرض، إضافة إلى تخفيف العلاقات الاجتماعية في هذه المرحلة، وتوفير الأجواء النفسية والاجتماعية التي تساعد على المذاكرة".

ويشير إلى أن الوالدين بإمكانهم مساندة أبنائهم بإبعادهم عن كل ما يؤثر فيهم، وتوفير الوجبات الغذائية مكتملة العناصر، وشحذ الهمم بالاعتماد على الذات وإقناع أبنائهم بأن هذا الاختبار ما هو إلا عقبة صغيرة سيجتازونها بقوة ومهارة.

ويؤكد الشاعر أن المخاوف التي تسيطر على الطالب هي مخاوف مؤقتة وبمجرد إمساك الطالب بورقة الامتحان ستزول درجة القلق، فيستعيد الطالب القدرة على التركيز والانتباه للأسئلة، موضحًا أن الأسئلة توضع عادةً في مستوى الطالب المتوسط، بالتالي يمكن للطالب أن يجيب على 70% إذا بادر إلى المذاكرة من بداية العام الدراسي.