فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

لـ"ابتزاز المتورطين" والتغطية على بعضهم

تقرير تبييض تمور المستوطنات..قضية فساد استغلها مكتب رئيس السلطة

...
تبييض تمور المستوطنات..قضية فساد استغلها مكتب رئيس السلطة
رام الله- غزة/ يحيى اليعقوبي:
  • تورط 3 مسؤولين بوزارة الزراعة برام الله وموظف من وزارة المالية و6 شركات
  • زيدان: التهم التي وجهت لـ "أمان" تتضمن "قذف مقامات عليا" 
  • رحال: استدعاء د. الشعيبي "إهانة" ورسالة للمجتمع المدني بأنه لا خطوط حمراء

بينما لم تقم السلطة بأي دور في محاكمة المتورطين في قضية "تبييض تمور المستوطنات" منذ ثلاث سنوات، سارعت نيابة رام الله إلى إحالة مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد د. عزمي الشعيبي، والمدير التنفيذي لائتلاف أمان عصام حج حسين، إلى المحكمة على خلفية دعوى مقدمة من ديوان مكتب رئيس السلطة ضدهما، لما جاء في تقرير أمان حول "تبييض التمور".

الخطوة اعتبرها قانونيون ومختصون بمكافحة الفساد تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين" استقواء من مكتب رئيس السلطة بالنيابة، بهدف التغطية على الفاسدين، ورسالة موجهة إلى مؤسسات المجتمع المدني، أن لا خطوط حمراء للملاحقة والاستدعاء لأحد بغض النظر عن تاريخه المهني ومكانته الاجتماعية، كما جرى مع د. الشعيبي.

واستنكر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) في بيان صحفي، استدعاء اثنين من مسؤوليه لدى النيابة العامة أول من أمس، الإثنين على خلفية ما جاء في تقريره السنوي الذي أصدره في 17 من مايو/ أيار الماضي، بعنوان: واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين عام 2022 تحت شعار: (الاحتلال والانقسام والفساد السياسي حلقة مغلقة يغذي كلٌّ منها الآخر).

ويجرم القانون الفلسطيني رقم 4 لسنة 2010 التعامل مع المستوطنات بأي شكل كان، ويحظر مكافحة منتجات المستوطنات، وينص على أنّ "كافة منتجات المستوطنات سلع غير شرعية، ويُحظر على أي شخص تداول منتجات وخدمات المستوطنات".

ورغم ذلك تقوم مصانع فلسطينية بجلب التمور التي تزرع وتنتج في المستوطنات، وتعبئتها بمصانع فلسطينية بالأغوار وأريحا، وتقوم بإعادة تغليفها بملصقات تحمل أسماء عربية بدلًا من العبرية، ونقلها إلى الأسواق على أنها تمور فلسطينية، دون أي اعتبار لمخاطرها على المواطنين أو أضرارها على القضية الوطنية.

تصفية حسابات

وكان الائتلاف من أجل المساءلة والنزاهة- "أمان" كشف خلال تقريره السنوي عن عام 2022، أنّ قضية تبييض تمور المستوطنات المستمرة منذ ثلاث سنوات، أخذت في العام الماضي (2022) منحى تبدو فيه "تصفية حسابات واستيلاء على أملاك أحد المساهمين من كبار المستثمرين في قطاع زراعة التمور وتسويقها". جاء ذلك في تقرير "أمان" السنوي.

وإضافة إلى ما ورد بالتقرير السنوي كان الشعيبي قد تحدث عن قضية تبييض تمور المستوطنات في أثناء حفل إصدار التقرير السنوي، وكشف تفاصيل لم ترد بالتقرير عن معالجة القضية من مكتب رئيس السلطة من خلال ابتزاز أحد المتورطين، وعدم قيام هيئة مكافحة الفساد بمحاسبة المتورطين الآخرين.

واتهم الشعيبي خلال كلمته المسجلة والمنشورة عبر الإنترنت أشخاصًا من وزارة الزراعة، بعضهم بدرجة مدير عام، بالتورط في عملية تحايل مع شركات أخرى لمصلحة إعطاء شهادات بأنّ التمر المصدر لتركيا، وبلغت كميته المصدرة قبل ثلاث سنوات، 3 آلاف طن هو فلسطيني، وليس من تمر المستوطنات، لافتاً إلى أن الأتراك اكتشفوا الخداع وقدموا شكوى للسلطة.

وأوضح أن اكتشاف الأمر لم يكن صعبًا، لأن التمر بالمستوطنات ينتج قبل التمر الفلسطيني، لافتًا إلى أن هيئة مكافحة الفساد أجرت تحقيقًا تبين فيه تورط 3 مسؤولين بوزارة الزراعة، وواحد من وزارة المالية، وكذلك ست شركات، و9 بيوت استخدمت للتعبئة.

  • بلغت كمية التمر المصدرة إلى تركيا 3 آلاف طن والأتراك تقدموا بشكوى للسلطة
  • موظف بوزارة المالية تقاضى راتبًا ثابتًا من إحدى الشركات المتورطة كنوع من "الرشوة"

وبين الشعيبي أن القضية تحولت إلى تصفية حسابات مع أحد المتورطين بالقضية، وهو عبد المالك جابر، وهو شخصية سياسية تقلد مناصب عديدة، وشريك بإحدى الشركات، لكن "قربه السياسي من القيادي محمد دحلان" جعله يخضع لمساومات ومفاوضات مباشرة من مكتب رئيس السلطة، بحضور المستشار القانوني لرئيس السلطة.

وكشف أن مرافقًا بالمكتب وضابطًا من الوقائي أنشؤوا شركة صغيرة وساوموا جابر على التنازل عن أراضيه بمدينة أريحا، وشركته، مقابل إسقاط التهمة عنه، فتحولت من قضية فساد إلى صراع على الممتلكات والأموال، معتبرًا ذلك فضيحة يتداولها المجتمع الدولي.

وتساءل عن علاقة مستشار رئيس السلطة بالقضية، مؤكدًا أنه لم يتم محاسبة الموظفين المتهمين بوزارة الزراعية، رغم وجود كل الإثباتات التي تدلل على تورطهم.

كما كشف عن تقاضي موظف بوزارة المالية لراتب ثابت ودوري من إحدى الشركات المتورطة كنوع من "الرشوة"، مؤكدًا أن الفساد السياسي والانقسام والاحتلال حلقات متداخلة. 

معلومات خطيرة

وقالت مديرة العمليات في ائتلاف "أمان" هامة زيدان: إن "الائتلاف توقع أن يتم التقاط ما ورد في تقريره السنوي، وأن يتم التعامل مع ما ورد فيه بجدية من قبل المسؤولين والجهات الرقابية، ويبدأ التحقيق في ذلك، لكنه فوجئ برفع شكوى من مكتب رئيس السلطة ضد "أمان" بسبب ما ورد في التقرير".

وأوضحت زيدان لصحيفة "فلسطين" أن النيابة استدعت الشعيبي وحج حسين، وأخذت أقوالهما بخصوص ما جاء بالتقرير، وبالأخص قضية تبييض تمور المستوطنات، وقامت النيابة بتحويل الملف للمحكمة.

ولفتت إلى أن مجموعة من المحامين الذين تبرعوا للدفاع عن "أمان" أمام المحكمة قاموا بتأجيل جلسة المحكمة إلى 11 يوليو/ تموز القادم، لحين تمكن هيئة الدفاع من الاطلاع على ملف القضية، وتصوير ودراسة الملف التحقيقي، وتقديم دفوعها مطلع الجلسة القادمة.

وبينت زيدان أن التهم التي وجهت لـ "أمان"، تتضمن "قذف مقامات عليا"، والقضية الثانية استندت إلى قانون الجرائم الإلكترونية بنشر التقرير على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلقت على القضيتين بأن أي شخصية عامة تتبوأ منصبًا عامًا، فمن الطبيعي أن يتم مساءلتها وهذا ليس خرقًا للقانون، مشيرة إلى أن "أمان" مؤسسة تعنى بمكافحة الفساد وتسليط الضوء على القضايا التي يوجد بها شبهات فساد.

وأضافت: "نحن نقوم بدورنا وحصلنا على ترخيص من وزارتي الداخلية والعدل بذلك، فهل يعقل أن يتم رفع قضية ضدك لأنك تقوم بدورك؟".

اقرأ أيضاً: تقرير قضية "تمور المستوطنات" في الضفة.. "جريمة" تُقوِّض حملات المقاطعة

وقالت: "كنا نأمل أن يتم أخذ ما جاء بتقرير أمان بجدية، ويتم بدء التحقيقات في شبهات الفساد التي طرحت". 

رسالة إلى المجتمع المدني

كان الأولى على مكتب رئيس السلطة، وفق الحقوقي عمر رحال، استدعاء مسؤولي أمان؛ من أجل استيضاح التقرير الذي تلي على العلن، وتحدث عن مخالفات جسيمة وشبهات فساد فيما يعرف إعلاميًّا بـ "تبييض التمور"، وكان يجب على النيابة تحرير دعوى باعتبار ما ورد بالتقرير شكوى ضد المتورطين.

ووصف رحال لصحيفة "فلسطين" استدعاء د. الشعيبي بهذا الشكل "إهانة" باعتباره شخصية وطنية معروفة ووزيرًا سابقًا، معتبرًا الاستدعاء رسالة للمجتمع المدني بأنه لا خطوط حمراء، وأنه لا أحد يمكن أن يكون بعيدًا على الاستدعاء والملاحقة بصرف النظر عن تاريخ الشخصية والمكانية الاجتماعية والمهنية.

وعد استدعاء مسؤولي "أمان" التي تعتبر فرعًا من فروع الشفافية الدولية في فلسطين "ضربة في مقتل" لمؤسسات المجتمع المدني، الذي لم يعد بمنأى عن أي إجراء من السلطة.

  • المتورطون تحايلوا لإعطاء شهادات أن التمر المصدر إلى تركيا فلسطيني وليس من المستوطنات
  • هيئة مكافحة الفساد لم تقم بأي إجراءات لمحاسبة المتورطين 

وأكد رحال أن قانون الجمعيات الخيرية، والقانون الأساسي الفلسطيني شرَّعا العمل الأهلي، وحق الفلسطينيين في تأسيس النقابات والجمعيات، مشددًا على أن ما حدث يستدعي من الجميع التحرك حتى يستعيد النظام السياسي عافيته عبر إجراء الانتخابات، لأنه في حال وجود مجلس تشريعي بالضفة فسيقوم باستدعاء كل الأسماء الواردة بالتقرير والقيام بالتحقيق معهم.