يأمل المواطن الفلسطيني ألا يطول انتظاره، وأن يرى قريبًا خطوات متسارعة تعزز الأمل لدى أبناء شعبنا في أننا نسير في الاتجاه الصحيح بتطبيق اتفاق القاهرة، فبعد سلسلة من التجارب المريرة فيما يتعلق بلقاءات المصالحة الفلسطينية لم يعد ينظر الغزيون إلى جوهر المصالحة، وإنما أصبحوا يتطلعون إلى تحسين ظروف حياتهم التي أنهكها الانقسام، والحروب، والحصار، ويتطلعون أكثر إلى رفع العقوبات الأخيرة التي فرضها رئيس السلطة على قطاع غزة، وكل تساؤلاتهم انصبت على إمكانية رفع عباس العقوبات الأخيرة التي من بينها الإجراءات بحق موظفي السلطة في غزة، وإمكانية تحسين أوضاع الناس في غزة، ويأملون تطبيق المصالحة على أرض الواقع بأقصى سرعة، والسؤال الذي يطرح نفسه بهذا الشأن هو: متى سننتهي من الإنجاز الكامل للمصالحة وطي صفحة الانقسام لعقد جلسة المجلس الوطني بوحدة فلسطينية راسخة لإجراء هذه المراجعة الإستراتيجية الشاملة؟!
مما لا شك فيه أن شعبنا الذي استقبل اتفاق القاهرة بالترحاب والتفاؤل وتمنى ألا يكون مصيره كمصير الاتفاقات السابقة ينتظر الخطوة التالية، تسلم حكومة الحمد الله مسؤولياتها في قطاع غزة، ثم الاتفاق على مواعيد الانتخابات، وغير ذلك من القضايا، ومن الواضح في الظروف الراهنة أن عامل الزمن لا يعمل لمصلحتنا في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال توسيع الاستيطان وترسيخ الاحتلال وتهويد القدس ... إلخ، ويبدو المجتمع الدولي غير مكترث بكل هذه الانتهاكات الجسيمة، ولهذا لابد من تأكيد أن الكرة في ملعبنا، وأن الأولوية الوطنية تقتضي المسارعة إلى تنفيذ اتفاق القاهرة، للبدء برسم معالم الطريق في كيفية مواجهة التحديات الجسام المائلة أمامنا، وإسماع العالم مجددًا صوت فلسطين القوي الواحد والموحد المتمسك بالثوابت الوطنية.
وإذا كان الاحتلال يراهن على استمرار الانقسام ومحاولة تكريسه لتصفية القضية والتهرب من التزاماته الدولية؛ فإن من الواجب اليوم أكثر من أي وقت مضى توجيه ضربة قاضية إلى هذه الأوهام الإسرائيلية لتعزيز الشرعية الفلسطينية، واستعادة الوجه المشرق والديمقراطي للنظام السياسي الفلسطيني، ومخاطبة العالم أجمع بصوت واحد قادر على التأثير، وقادر على إبقاء قضية شعبنا رقمًا صعبًا لا يمكن تجاوزه أو القفز عنه.
إن الاختبار الحقيقي يكمن بعد هذا الإعلان في تسلم حكومة الحمد الله مهامها في قطاع غزة، والقيام بواجباتها كاملة لحل كل مشاكل الغزيين، من إعادة رواتب الموظفين، وإنهاء محنة انقطاع الكهرباء، وتزويد المستشفيات جميعًا بالأدوية والمعدات الطبية، ثم إعادة فتح معبر رفح حسب ما اتفق عليه بين السلطة ومصر، لأن هذه الأمور إذا تحققت فسيشعر الشعب الفلسطيني عمومًا وفي القطاع خاصة بأن الأمور ستعود إلى مجراها الطبيعي، هذا من ناحية، أما النواحي السياسية المعقدة فمن الممكن حلها بالذهاب الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وفق ما هو منصوص عليه في الاتفاقيات.