تصاعدت حالة القلق والمخاوف لدى اللاجئين الفلسطينيين وموظفين عاملين بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في أعقاب توقيع الأخيرة اتفاقية تجديد "اتفاق الإطار" للعام 2023-2024، مع الولايات المتحدة مقابل استعادة الدعم الأمريكي لأنشطة الوكالة.

وتأتي هذه المخاوف في ظل وضع الإدارة الأمريكية شروطًا مقابل تقديم مساعداتها لوكالة "أونروا" الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم بأقاليم عملها الخمسة (سوريا، الأردن، لبنان، قطاع غزة، الضفة الغربية بما فيها القدس).

ونشر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، بنود "اتفاق الإطار" مع "أونروا" والبالغ عدد صفحاته 9، وينص على حرمان أعضاء الفصائل الفلسطينية أو من تلقّوا تدريبات عسكرية أيضًا من خدماتها المختلفة الصحية أو التعليمية منها.

كما اشترطت الولايات المتحدة على "أونروا" أن يمتنع موظفوها، حتى الفلسطينيين منهم، عن المشاركة في أي فعالية جماهيرية أو شعبية أو التعليق والكتابة عن القضايا الوطنية السياسية وأن يلتزموا "بمبدأ الحياد"، إلى جانب إطلاع الخارجية الأمريكية على كل البيانات المتعلقة باللاجئين والموظفين.

اقرأ أيضًا: حماس تستنكر توقيع الأونروا "اتفاق الإطار" مع الحكومة الأمريكية

تصفية الوكالة

ورأى عضو اللجان الشعبية للاجئين في غزة زياد الصرفندي، أن تجديد "اتفاق الإطار"، يأتي استمرارًا لمسلسل تصفية "أونروا"، ولا سيّما أن الموقف الأمريكي لا يزال منحازًا تمامًا مع الرؤية الإسرائيلية الرامية لشطب قضية اللاجئين. 

وقال الصرفندي لصحيفة "فلسطين": إن القيود التي تضعها الإدارة الأمريكية لا تخدم "اتفاق الإطار" ونزاهته، ما سيكون له انعكاسات سلبية على الخدمات المقدمة للاجئين، وبالتالي يثير حالة من القلق والريبة لا تخدم اللاجئين ولها انعكاسات سلبية على طبيعة خدمات الوكالة المقدمة لهم".

ونبه إلى أن اتفاق الإطار سيجعل تقديم المساعدات للفلسطينيين من "أونروا" وفق حسابات إسرائيلية، ما يعني شطب وتقليص أعداد المستفيدين والتعامل مع اللاجئين من منظور أمني فقط.

وأضاف: "من حق اللاجئ الاستفادة من الوكالة ضمن اتفاق قانوني، واتفاق الإطار سيؤدي إلى شطب حالات كثيرة من المستفيدين"، متوقعًا أن يمس ذلك بمستقبل اللاجئين وإعادة تعريفهم والتي تسعى الإدارة الأمريكية لتنفيذه وفق منظورها.

ودعا الصرفندي جميع اللاجئين إلى الصمود والاحتجاج على كل المستويات الرسمية والشعبية، رفضًا لهذه الممارسات والإجراءات التي تمس بحقوقهم دوليًا وحقوقيًا.

بدوره عد الباحث في شؤون اللاجئين من الضفة سعيد سلامة، تجديد "اتفاق الإطار" "تدخلًا غير مسبوق في شؤون أونروا وآلية عملها الخاصة في تقديم الخدمات للاجئين".

وبيّن سلامة لصحيفة "فلسطين"، أن الإدارة الأمريكية مُلزمة بدعم أونروا لتمكينها من إعانة اللاجئين، ووضع الشروط والتقييد على المساعدات أمر مرفوض لكونه شأنًا متروكًا لإدارة الوكالة.

اقرأ أيضًا: الفصائل تسلِّم الأمم المتحدة مذكرة قانونية رفضًا لـ"اتفاق الإطار"

وأوضح أن أزمة اللاجئين "مستمرة وأوضاعهم تزداد سوءًا في جميع الأقاليم الخمسة"، مؤكدًا أن الاتفاق يندرج ضمن إنهاء دور "أونروا" في سبيل تصفية القضية.

وأكد أن "اتفاق الإطار" يؤرق اللاجئين ويزيد حالة القلق لديهم، خشية تقليص الخدمات المقدمة لهم، بسبب مشاركتهم في المناسبات الوطنية، عادًا إياه "منافيًا لما اتُفق عليه حول تقديم الخدمات للاجئين لكونه يضع شروطًا منحازة للاحتلال".

مال سياسي

من ناحيته، عدّ أحد الموظفين العاملين في "أونروا" خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، طالبا عدم كشف هويته- عن مخاوفه من إقدام الوكالة على تقليص خدماتها ورواتب الموظفين لديها في الأقاليم الخمسة في أعقاب توقيع "اتفاق الإطار".

وأكد موظف "أونروا" الذي يعمل مدرسًا في إحدى مدارس الضفة الغربية أن تقديم التمويل المشروط للاجئين والعاملين في الوكالة "مرفوض جملةً وتفصيلًا".

وشدد على أن "التمويل الأمريكي المشروط هو ابتزاز وله مخاطر كبيرة كونه يتحكم في آليات صرف الأموال على اللاجئين والعاملين"، واصفًا إياه بـ "المال السياسي".

وقال: "يجب أن يكون التمويل والمساعدات المقدمة للوكالة بعيدة عن الابتزاز السياسي"، مشيرًا إلى أن الشروط الأمريكية ستقيّد الموظفين وتمنعهم من حرية التعبير والرأي، لافتاً إلى أن إدارة الوكالة أوقفت 3 موظفين "إداريًا" وأحالتهم للتحقيق بزعم تجاوزهم "الحيادية".

ورأى نائب رئيس اتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث "أونروا" عبد العزيز أبو سويرح، أن الخروج من "اتفاق الإطار" يكون بزيادة التمويل العربي المقدم للوكالة الأممية، الذي قد يؤدي إلى التخفيف من حدّة الشروط الأمريكية.

اقرأ أيضًا: المدلل: "اتفاق الإطار" يجعل "أونروا" رهينة المال الأمريكي

وقال أبو سويرح لصحيفة "فلسطين": إن المساعدات الأمريكية الموجهة للوكالة تتابع بشكل دقيق وملموس من الحكومة الأمريكية، ما يُجبر الوكالة على توزيعها وفق شروط واشنطن.

وعبّر عن خشيته أن يتضمن "اتفاق الإطار" الجديد قيودًا وشروطًا معينة على إدارة الوكالة خلال توزيع المساعدات على اللاجئين.

ونبه إلى أن حالة الصمت والتكتيم الإعلامي حول طبيعة "اتفاق الإطار" من إدارة الوكالة يزيد حالة التوتر والشك والريبة في أروقة اتحاد الموظفين، مضيفًا: "نتابع سلوكيات إدارة الوكالة ولو حدث أي خرق أو تعدي على حقوق الموظفين واللاجئين، سنكون درعًا منيعًا لإعادة الحقوق لأصحابها".