تعدُّ قرية جب يوسف المهجرة قضاء مدينة صفد، في شمالي فلسطين المحتلة، من القرى التي صمدت وتصدت لجرائم "العصابات الصهيونية" إبان أحداث النكبة سنة 1948، وقبلها أيضًا.
كانت جب يوسف تقع على رقعة مستوية بركانية وذات تربة ضاربة إلى الحمرة، شمالي غربي بحيرة طبريا، وعلى بعد 6 كيلومترات جنوب شرقي مدينة صفد، بارتفاع يصل إلى 250 مترًا عن مستوى سطح البحر، وفق ما توثقه مراجع تاريخية.
احتلت القرية التي بلغت مساحة أراضيها 11.325 دونمًا، يوم 4 مايو/ أيار سنة 1948 في سياق عملية "يفتاح" التي احتلت خلالها "العصابات الصهيونية" صفد وأجزاء أخرى من شمالي فلسطين.
وكانت هذه القرية قد اكتسبت تسميتها من بئر مجاورة لها، يطلق عليه جب يوسف، ولقد كانت أيضًا منزلة من منازل المسافرين فيما مضى من الأيام، كما توقف فيها صلاح الدين الأيوبي وهو في طريقه إلى محاربة الصليبيين في حطين 1187 ميلادي.
ويحد جب يوسف من الشمال قرية الجاعونة، وقرية زحلق (زنغرية) شرقًا، ومضارب عرب السمكية جنوبًا، والقديرية من الشرق والجنوب الشرقي، وعكبرة من الشمال الغربي.
أما عن معالم القرية، تشير المراجع التاريخية إلى أنها صغيرة الحجم متراصة البناء، وكانت تتألف بيوتها من اللبنات والحجارة البازلتية والكلسية، وتتوافر حولها مياه الينابيع التي تستخدم للشرب وري المزارع.
وكان في القرية ضريح لشيخ من شيوخ الدين المحليين يدعى الشيخ عبد الله، وكانت خرب عدة تقع إلى الشرق منها، وهي تعد موقعًا أثريًّا يحتوي على بقايا خان وقبة تحتها صهريج وبركة.
وفيما يتعلق بسكان قرية جب يوسف، فقد بلغ عددهم عام 1922 قرابة 59 مواطنًا فلسطينيًّا، وارتفع هذا العدد إلى 93، وكان لهم 17 منزلاً عام 1931.
استمر هذا العدد بالارتفاع، فوصل إلى 170 نسمة عام 1945، ثم سجل 197 نسمة عشية النكبة عام 1948، وكان لهم 36 منزلاً فقط، وكان جميعهم من العرب، وفي 1998 قُدر عدد اللاجئين من أبناء القرية بـ 1211 نسمة.
وقبل احتلال قرية جب يوسف، كان سكانها يعتمدون على الزراعة كمصدر أساسي من مصادر الرزق، إذ كانت أراضيها تنتج أنواعًا متعددة من المحاصيل الزراعية التي تعتمد على مياه الري إلى جانب اعتمادها على الأمطار، وأهم تلك المحاصيل الحبوب، والخضار، والأشجار المثمرة كالفواكه والزيتون.
أما عن مواجهتها للاحتلال البريطاني و"الصهيوني"، فقد اشتبكت وحدات من جيش الإنقاذ العربي ببعض القوافل العسكرية اليهودية، جنوبي جب يوسف مرتين على الأقل في الأسابيع الأولى من حرب 1948.
وفي كلتا المرتين، وتحديدًا في 12 و26 فبراير/ شباط 1948، تدخلت قوات الاحتلال البريطاني لفض الاشتباك بحسب ما جاء في مذكرات قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي.
في النصف الثاني من أبريل/ نيسان 1948، شنّت عصابات "الهاغاناة" ما يعرف بعملية "يفتاح" التي نفذتها "البلماح (القوة المتحركة الضاربة التابعة للهاغاناة)" بقيادة إيغال آلون، في الفترة الممتدة بين 28 أبريل/ نيسان و23 مايو/ أيار 1948.
وكان الهدف من العملية الاستيلاء على صفد، وتأمين الجليل الشرقي قبل انتهاء الاحتلال البريطاني.
أما جب يوسف اليوم؛ فقد حولها الاحتلال إلى مستوطنة "عميعاد"، ولم يبقَ من القرية إلا الخان المغطى بالأشواك، والضريح المقبب للشيخ عبد الله، وينبت شجر التين والخروب في الموقع.
ومن العائلات التي كانت معروفة في جب يوسف: حسين، ومحمود، والمهداوي، ومهنا.